لفت انتباهي خبر على صفحات الانترنت حول تهنئة المناضل سليم الزعنون (83 عاماً) للرئيس أبومازن (80 عاماً) بمناسبة اعتراف الفاتيكان بدولة فلسطين ومنح لقب ملاك السلام لسيادة الرئيس، ما أثار فضولي لمعرفة أعمار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، فوجدت أن أصغر عضو لجنة تنفيذية عمره (60 عامًا) وأكبر عضو لجنة تنفيذية عمره (90 عاماً)، بينما معدل أعمار اللجنة (73 عاماً) مع العلم أن ثلاثة غير موجودين في قواعد البيانات على الشبكة العنكبوتية.
نستنتج من هذا أن جميع أعضاء تنفيذية المنظمة عاش مراحل النضال الفلسطيني من النكبة إلى الحاضر، ومع الرجوع إلى المؤشرات الإحصائية لعام 2014 للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني تبين أن نسبة السكان الذين تتجاوز أعمارهم 60 عاما في غزة 4.9% وفي الضفة 3.7%.
ولا يقتصر الأمر على قيادة المنظمة بل يتعداه إلى قيادة الأحزاب إذا استثنينا الحزبين الرئيسين فتح وحماس الذين يضمان قيادات من الجيل الثاني في المركزية والمكتب السياسي وفي مراكز صناعة القرار، وصولاً لمناصب ذات العلاقة في الشباب والتي تمنح كمنصب شرفي لأحدهم في كافة مؤسسات السلطة، وصولاً إلى هيئة الشباب والرياضة التي يترأسها رجل الأعمال الفلسطيني منيب المصري (81 عاماً).
يدفعنا هذا لطرح سؤال مشروع: هل صناع القرار الفلسطيني واعين لدور الجيل الجديد في إنجاح أو إفشال أي مشروع سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي تطرحه السلطة؟ وهل السلطة تملك نظرة تحليلية لأراء الشباب التي يتداولونها على الشبكة العنكبوتية؟
كل ما خطر ببالي ذلك السؤال وجدت الإجابة بحجم الاستدعاءات الأمنية والبيانات الامنية التي تصدر من الأجهزة الأمنية في قطاع غزة والضفة، هو أن القصور الفكري لصناع القرار والمنطق الأبوي المعتاد في التعامل مع احتياجات الشباب وطموحاتهم والافكار التي تدور برأسهم.
إن المشكلة التي نعيشها اليوم من غياب مؤسسات مدنية حقيقية وأطر تنظيمية منفصلة عن السلطة أو القيادات التقليدية للأحزاب والحركات، ووقت الفراغ الكبير الذي يعيشه جيل اليوم وغياب الحدود المكانية والانفتاح الثقافي نتيجة الثورة التكنولوجية يجعل جيل الشباب في موضع المتأثر خصوصاً غيابه عن المؤسسات التي يجب أن ينتمي إليها مروراً من مجالس الطلبة وصولأ للحركات الطلابية (إذا راجعنا معدل اعمار طلاب الجامعات سنجده لا يتجاوز 21 عاماً وإذا راجعنا اعمار القيادات الطلابية في الجامعات سنجده يتجاوز 29 عاماً وكذلك بالنسبة للأطار الجامع للطلبة وهو إتحاد الطلبة الفلسطينين لنجد أن أبناء اعضاء الأتحاد تخرجو من الجامعات) وصولاً للأندية المحلية ومؤسسات المجتمع المدني المحلية (لا أقصد المؤسسات الغير حكومية التي تتلاقى دعماً خارجياً أقصد البلديات والجمعيات المحلية).
حتى إذا راجعنا مجموعة الممثلين للشباب الفلسطيني في مختلف المؤتمرات الدولية نجدهم غير فاعليين في المجتمع المحلي ويقتصر نشاطهم في كل صيف في مظاهرات معارضة يغطونها بوسائل الاجتماعي لأيمانهم بالدعم الرأي الدولي وهم أقلية ، أو ينتمون لمؤسسات تابعة لأحزاب غير متصلين بقواعد شبابية لكنهم يملكون علاقات بصناع القرار توفر لهم السفريات وحضور المؤتمرات وبالمعظم لا يملكون اي ثقافة او برنامج.
كل هذا يجعل الشباب قنبلة موقوتة قابلة للإنفجار مهددة النظام القائم بالمقام الأول والامن الصهيوني بالمقام الثاني، فالفجوة الفكرية والعمرية بين صناع القرار الفلسطيني يجعلهم في محل السخط الأول أمام جيل الشباب والعلاقة الاولى لحالهم، فمعدل البطالة العالية والتهميش القائم لجيل الشباب يعد أهم علامات فشل سياسات السلطة وإدارتها للملفات الأجتماعية والسياسية والأقتصادية.
ربما على قيادة السلطة أن تتعلم قليلاً من القطاع الخاص الفلسطيني الذي يقوم باستثمار القيادات الشابة في إداراته وأن يقوم بتحليل موضوعي للأحداث والأراء المتوافرة على الشبكة العنكبوتية وأن يتعامل بمنطق أمني ناعم وأن يراعي الرأي العام الفلسطيني ومتطلباته كتغذية راجعة لقراراته.