شبكة قدس الإخبارية

مذكرات أسير محرر - الحلقة الأولى .. سجن هداريم 2002

هيئة التحرير

خاص قدس الإخبارية: اليوم هو أول أيام السنة الميلادية الجديدة 1/1/2002 غابت شمس سنة وأشرقت شمس أخرى, هناك من ودع السنة بتقبيل حبيب وهناك من استقبل الجديدة بفراق قريب.. أما أنا فأضم الليل إلى صدري قبل ساعة من انتصافه وأنا على ظهر رفيق دربي البرش -السرير-الاسم الذي يطلق على الملجأ الأول للسجين بعد يوم متعب يطوى كغيره من صفحة العمر وينقص من مدة حكم القضبان أيضا.

أنا اليوم في سجن "هداريم" القريب من أم خالد المحتله "نتانيا" أقبع بين جدران غرفة 11 على البرش الأيمن.. التلفزيون يقدم عرضا لسباق السيارات الذي يشبه تنافسنا نحو نهايتنا فالكل بالغها المتأخر والمتقدم سواء, المدفأة المتخلفة مشتعلة والغرفة تغلي لصغر حجمها ووجنتاي محمرتان لا مشكلة فالكهرباء على حساب إدارة السجن التي تحسب علينا حتى كلماتنا وأنفاسنا من خلال السماعة السكنية المثبتة في حائط الغرفة الأبيض وتحوي ستين ثقبا صغيرا في إطار دائري مرتب هو بمثابة أذن الإدارة لمراقبتنا (انتركوم) محققة بذلك صحة المثل الذي طالما سمعناه ونحن صغار "الحيطان لها اذان"..

باب المكان أزرق من أجل هدوء الأعصاب وهذا لمصلحة السجان مغلق بإحكام منعا لزيارة الأصحاب, فتحتان صغيرتان في أعلاه وأسفله فقط خوفا من التسرع بإلقاء شيء يمس الشرطة الأغراب.

مضى اليوم على انتفاضة الأقصى تقريبا 15 شهرا كتب فيها الشعب بدمه وبلون واضح احمر "ارحلوا عن أرضي ".. والمشهد الأبرز مغادر بعمر الورد يربط على جبينه رايه خضراء ويسجل للأمه وللتاريخ كلماته الأخيرة "أنا الشهيد الحي أموت لتحيوا".. نعم ونحن نقول إننا نضحي بحريتنا الشخصيه ونغيب خلف القضبان من أجل حرية الكل أما تاج رؤوسنا فأولئك الذين يقدمون أرواحهم كأفراد في سبيل حياتنا بكرامه من أجل حياة المجموع, الماديون لا يفهمون كنه وحقيقة هذا التصرف لماذا؟؟ لأن معاييرهم معيبة قاصرة، وحريتهم مسلوبه وحياتهم أقصر بآلاف المرات ممن قدموا الحريه والحياه المؤقته غير مكرهين.

إنه لا ريب أيضا دافع البحث عن الخلود الذي أرق أبانا آدم منذ البدء منذ أن خلق في الجنه ويلاحقه أبناؤه أملا منهم في أن يرافق كل سعادة تعرض لهم في الدنيا-هيهات-والآخرة..

لا شك أن الحياه ظل زائل ويوم الفصل بين الفريقين قادم لامحالة على سراط فتان هناك، إما إلى هاويه وإما إلى سوق الجنة حيث لا ظلم ولا تعب ولا هم ولا سجون...

الساعة الآن الثانية عشرة ليلا, بدأت نشرة الأخبار ويبدو أن أجفاني تطالبني بحقوقها ,لا أنسى أن أذكر أحبابي وادعو لهم, وإلى لقاء متجدد في يوم جديد من أيامي في بطن الحوت.

الأسير المحرر إيهاب بكيرات