شبكة قدس الإخبارية

الإنترنت سبق وصول المحتجين للشوارع

هيئة التحرير

تناول موقع فورين آفيرز في تقرير له، التأثير الكبير للإنترنت على الاحتجاجات السياسية في دول العالم، وكذلك دوره في الحراك السياسي من الأساس، معتبرًا أنه يحدث أثره قبل أن يصل المحتجون إلى الشوارع.

ويقول الموقع، إن الإنترنت حول بهدوء وبشكل جذري رغبات البشر حول العالم في الفعل والتنظيم السياسي، حيث أحدث مع التكنولوجيا المرتبطة به ثورة هائلة فيما يخص توزيع ومشاركة المعلومات، وكيفية صياغتها، وسرعة وتكلفة نقلها، ومن يملك السلطة لتحديد المُرسل والمستقبل لها، وهو ما أدى إلى ديمقراطية اتصالات غير مسبوقة.

ويؤكد في تقريره، أن الإنترنت أثر بشكل كبير على كيفية إصدار الناس لأحكامهم السياسية، وأعطاهم القدرة على الوصول للمعلومات بشكل غير مسبوق، ما أتاح معرفة دقائق الوضع المحلي والتعرف إلى شرائح أكثر من نفس المجتمع، بالإضافة لإدراك الأوضاع السياسية في البلدان الأخرى بسهولة.

وتؤكد الدراسات، أن تأثير الإنترنت على مواقف المواطنين تجاه حكوماتهم واضح ومستمر، وكما هو متوقع، يعزز الوصول الأفقي والرأسي من رضا المواطنين في الدول المتقدمة، ومن سخطهم في الدول الضعيفة ذات الديمقراطية الهشة.

ويضيف التقرير، أن هذه الدراسات أثبتت أيضًا أن أثر الإنترنت ليس أتوماتيكيًا ولا منتظمًا، فمكسب ديمقراطي كالقدرة على التقييم النقدي للحكومات السيئة لا يعني تحولًا إيجابيًا في مواقف وتصرفات المواطنين.

ويضيف آفيرز، أن دولة كتنزانيا شهدت مؤخرًا عزوف مستخدمي المواطنين عن المشاركة في الانتخابات، بعدما علموا من خلال الإنترنت عن ضعف شفافية العملية الانتخابية التي جرت عام 2010، وذلك وفقًا لدراسة أجريت في تنزانيا.

فيما أظهرت دراسة أجريت في البوسنة والهرسك، أن مستخدمي الإنترنت الذين أصبحوا أكثر سخطًا تجاه الديمقراطية في بلادهم، كانوا في نفس الوقت أكثر قابلية للاعتقاد بأن بلادهم تحتاج إلى نظام سياسي غير الديمقراطية. ما يعنيه ذلك هو أن تأثير الإنترنت مركّب، وأن أثاره على الديمقراطية والتحول الديمقراطي في بعض الأحيان لا تكون واضحة وإيجابية.

ويوضح الموقع، أن تبعات استخدام الإنترنت تكون ثورية في حالة النظم المختلطة، حيث تسمح الحكومات ببعض أشكال الانتخابات رغم الاستبداد، مشيرًا إلى مصر كمثال واضح على هذه التجربة، حيث كانت الانخابات البرلمانية المزورة في 2010 واحدة من أسباب تزايد الغضب الذي أدى إلى الثورة في 2011.

ويرى، أن المصريين أعطوا هذه الانتخابات بعض القيمة من الأساس رغم علمهم بفسادها، والذي انتشر عن طريق شهود العيان والفيديوهات المتداولة على الإنترنت، ثم نزلوا بعد وقت غير طويل إلى الشوارع مطالبين بإسقاط النظام.

ويستدرك التقرير قائلاً، "وحتى حين لا يؤدي استخدام الإنترنت إلى حراك سياسي ملموس، تكون أثار الإنترنت على التقييم السياسي بين المواطنين ذات أهمية كبيرة للإدارة السياسية اليومية للبلاد".

ويرى أيضًا، بأن "الحكومات المختلفة تعي اليوم بأنها فاقدة للسيطرة المطلقة على المعلومات وتداولها، مقارنة بما تمتعت به من سلطان في عصر الإعلام التقليدي، ونتيجة لذلك، تدرك أن أيًا من قراراتها وأفعالها سيتم تداوله على المستويين المحلي والدولي بشكل خارج عن سيطرتها، وهو ما يجبر القادة اليوم على وضع الرأي العام في الاعتبار، وإن بدرجات متفاوتة، بشكل لم يحدث من قبل".

ويخلص التقرير، إلى أن "فشل السواد الأعظم من الأساتذة والمحللين في التنبؤ بالربيع العربي، وهو ما دفعهم إلى التركيز على الإنترنت ودوره في الاضطرابات السياسية منذ 2011 لتعويض تجاهلهم لتلك المسألة، خاصة في العالم العربي".

ويتابع، "سيكون من الحكمة التركيز أيضًا على أسباب بقاء الإنترنت وآثاره السياسية بعيدًا عن اهتمام الباحثين، والتي ثبت أنها تقلب إدراك السياسة عند مستخدميه بشكل يؤدي في نهاية المطاف إلى فعل سياسي".

ترجمة نون بوست