شبكة قدس الإخبارية

استسلام "شاليط"..الحلقة الثالثة من عملية "الوهم المتبدد"

هيئة التحرير

نشرت كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس اليوم السبت الحلقة الثالثة للتفاصيل الكاملة والدقيقة لعملية أسر الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" قبل 8 أعوام والتي أطلقت عليها اسم "الوهم المتبدد".

وتروي الحلقة الثالثة بداية دخول المقاومين منفذي العملية إلى ساحة العملية عبر فوهة النفق، حتى استسلام جندي المدفعية الإسرائيلي شاليط.

نص الحلقة الثالثة برواية كتائب القسام

بعد أن أصدرت القيادة الأمر للدليل بالتوكل على الله وسرعة التنفيذ حيث لا مجال للتراجع، أُعطى الأمر لفريق الاقتحام بالانطلاق بشكل سريعٍ ومخفيٍ حسب الأصول التي تدرب عليها نحو هدفهم، استفادة من خطوط الشجر الحُرجي على أطراف المربعات الزراعية وكذلك جدران الأبراج الخارجية.

قام بعد ذلك الدليل، بملء الأكياس التي تم تحضيرهًا مسبقا في نهاية النفق بالرمال، ووضعها فوق بعضها في عين النفق، وكان قد طلب من آخر عنصر خرج إخفاء الأثر حول عين النفق باستخدام فرع شجرة، ولكن نظرًا لخطورة الانكشاف بسبب ضوء الكشاف، لم يقم الظهير بإخفاء الآثار عند عين النفق من الخارج وانطلق إلى اتجاهه سريعًا.

رجع دليل الفريق سريعًا ثم أخلى المنطقة تمامًا، حيث تم في يوم سابق إخلاء جميع معدات الحفر وأي آثار للمجاهدين في المحيط وكذلك أي آثار للمجاهدين والتحضيرات في الأماكن المستخدمة سابقًا بخلاف النفق ومحيطه، حيث كان مقدرًا أن العدو سوف يجتاح المنطقة بحثًا عن المنفذين، وأعلم الدليلُ القيادة في غرفة العمليات بذلك.

طلقة البداية

انطلقت كل وحدة إلى هدفها وهي تتواصل مع غرفة القيادة أولا بأول وتُعلمها عما تشاهده أمامها، وصلت جميع الوحدات إلى أهدافها، صدر إليها الأمر بالاختفاء إلى حين وصول وحدة الدبابة، حيث كانت طلقة البداية لمجموعات فريق الاقتحام هي انفجار عبوة الدبابة، وكانت الدبابة أخطر وأبعد نقطة.

وصلت وحدة الدبابة إلى هدفها وأعلمت القيادة بأن الوضع هادئ ولا توجد أية حركة مثيرة عند النقطة، صدر الأمر إليها بالتنفيذ حسب الخطة رقم ( 1 ) كما اتفق عليها، فقامت الوحدة بوضع العبوة في المكان المحدد، حيث دوى انفجار هائلٌ سمع في أرجاء المنطقة، وسمعه دليل الفريق الذي انسحب سريعًا، وصعدت ألسنة النار والدخان الأسود إلى عنان السماء، كبّر الجميع وصدر الأمر إلى جميع الوحدات بالهجوم.

الخطة رقم 2

بعد أن بدأ الهجوم فوجئت وحدة المصفحة بأن المصفحة خلال الليل قد نزلت إلى داخل سواتر ترابية لحماية نفسها من القذائف المضادة للدروع، عندها صدر الأمر إلى وحدة المصفحة بالتحول إلى خطة رقم ( 2 )، فتم تفجير عبوة المصفحة وصعدت الوحدة على ظهر المصفحة وأفرغت محمولاتها داخل فتحات المصفحة.

هنا لاحظ المجاهدان آثارا لـ6 جثث متفحمة فوق مقاعدها داخل المصفحة، بعدها أعطي الأمر لوحدة المصفحة - وهي الأقرب من السياج الالكتروني- بفتح ثغرة في السياج بإطلاق قذيفة ياسين ثم تفجير عبوة في زاوية السياج، وكان بحوزة كل فرد قطّاعة أسلاك ولكنهم لم يستخدموها لعدم الحاجة، حيث أنهما لم يوفقا بأخذ أسير أو سحب جثة قتيل من المصفحة، وبالتالي كان لزامًا عليهم الانسحاب سريعًا، تعاون عنصرا الوحدة باجتياز السياج ثم بالزحف أسفل السلك الشائك خلف السياج ثم انطلقوا سريعا لاجتياز الأرض المكشوفة.

وحدة الاقتحام

وفي نفس الوقت انطلقت وحدة الاقتحام نحو البرج الخرساني الطويل والذي كان يمثل في نظر الخطة برجًا للاستخبارات، وبعد إتمام تدمير واقتحام غرفة السيطرة في أسفل البرج أعطوا إشارة للقيادة في غرفة العمليات.

ثم توجهت وحدة الاقتحام سريعًا بشكل مخفي نحو البرج الآخر وهو برج خرساني محاط بهيكل معدني لمنع الطلقات والقذائف المضادة للدروع عن بُعد، فقاموا باقتحام غرفة حامية البرج في أسفله وتدميرها حسب الأصول وأعطوا إشارة بذلك.

وبعدما أتمت الوحدة تدمير الغرفة أسفل البرج الثاني، صدر إليها الأمر بالصعود إلى أعلى البرج وتدمير الغرفة في أعلاه حيث تحوي أجهزة السيطرة على الكاميرات المثبتة في أعلاه، فصعدت الوحدة فوق السلم الداخلي إلى أعلى البرج، وعندما وصلت إلى أعلى البرج كانت التعليمات (بأن هنالك درج متحرك بين الغرفة أعلى البرج وسطح البرج الذي يمثل دشمة مسلحة بالرشاشات ومثبت عليه جميع أنواع الكاميرات وأن الجنود في أعلى البرج سوف يختبئون في مناطق عند سماعهم اقتراب المجاهدين).

إصابة وحدة الاقتحام

شرعت الوحدة باقتحام أعلى البرج وهي على تواصل مستمر مع غرفة العمليات، هنا برز أحد جنود الاحتلال المختبئين وأطلق الرصاص على الوحدة، أصيب أحد المجاهدين في صدره وبدأت قواه تخور، أشعرت غرفة العمليات في ذلك فصدر الأمر للوحدة بالانسحاب سريعا من البرج ومغادرة المنطقة، وأن يساعد المجاهد السليم أخاه المصاب، وبالخروج من الموقع بأي شكل.

أعلم المجاهد السليم غرفة العمليات بأن أخاه قد خارت قواه تماما ولا قدرة لديه للمتابعة، قدرت غرفة العمليات الموقف وأن لا سبيل إلى انسحاب هذه الوحدة، فصدر الأمر إليهم بالاحتماء بالمكعبات الخرسانية وسحب الأقسام وتحضير القنابل، لأن وحدات مساندة الاحتلال سوف تصل إليهم سريعا وأن معركتهم الحقيقية سوف تبدأ الآن وأن لا مجال للاستسلام نهائيا، ولكنه فقط طريق الاستشهاد، وفعلا قامت الوحدة بذلك تماما، قامت القيادة في غرفة العمليات بتثبيت المجاهدين وتذكيرهم بما سوف يلقونه عند الله تعالى.

من جديد قدرت غرفة العمليات الموقف وصدر الأمر لوحدة البرج مهما كان الوضع بالصعود من جديد إلى البرج واستخدام الرشاش المتوسط الموجود في البرج نوع "ماغ" لمنع أي دورية مساندة من الاقتراب من السلك الالكتروني الحدودي الفاصل مع قطاع غزة لأن المعادلة أصبحت سلامة مجاهدين اثنين مقابل سلامة خمسة مجاهدين بحوزتهم أسير.

صوت التكبير والشهادة

قام المجاهدان بتحمل الجراح والصعود من جديد إلى البرج وبالشروع باقتحام غرفة أعلى البرج لمرة ثانية ولكن فوجئوا بطلقات أحد الجنود المختبئين فسقط المجاهدان بدمائهما، وكان آخر ما سمعته غرفة العمليات عبر وسيلة الاتصال هو صوت التكبير والشهادة من الشهيدين ثم صوت طلقات وشخص يتكلم العبرية ثم صوت شيء يسحب فوق الأرض، وانقطع الاتصال مما دلّ على استشهاد المجاهدَين حامد الرنتيسي من "ألوية الناصر صلاح الدين"، ومحمد فروانة من "جيش الإسلام". انتابت غرفة العمليات مشاعر روحية فريدة بين الدعاء والترحم على الشهيدين اللذين شكلا فريقا خلال التدريب والتنفيذ وشاءت إرادة الله أن يستشهدا معا.

وحدة الدبابة

تتواصل العملية ويشرع المجاهدان من وحدة الدبابة (التي قامت بتفجيرها للإعلان عن بدء الهجوم)، بالصعود فوق سطح الدبابة وقاما بإفراغ القنابل اليدوية ورشقات من الرصاص في داخلها عبر جميع الفتحات، وعقب إلقاء المجاهد قنابله في فتحات الدبابة أمطر داخلها برشقات من الرصاص فلم يجد من بقي بداخلها إلا الخروج والاستسلام. خرج أحد جنود العدو من فتحة البرج بدون أي إرادة للقتال رغم أنه يملك الكثير من الأسلحة الفردية داخل الدبابة، حاول العنصر الأول في الوحدة إطلاق الرصاص عليه، فوجئ بتعطيل سلاحه، وفورًا تدارك العطل المفاجئ ثم أعلم وحدة الدبابة غرفة العمليات بخروج الجندي، (في الوقت الذي لازال فيه إسناد العدو يصل بشكل متتابع من العمق ولم يكن لدى القيادة تأكيد بأن عنصر الظهير وقطع النجدات قد نجح تمامًا في منع وصول النجدات".

شاليط يستسلم

أُمطر الجندي الذي خرج من فتحة البرج برشقات من الرصاص من أسفله إلى أعلاه وسقط الجندي داخل فتحة البرج وتدلى رأسه خارج الفتحة، وتبين لاحقًا أن هذا الجندي كان هو قائد الدبابة وقد خرج من فتحة القائد وهو برتبة ملازم حسب أنظمة جيش العدو.

ومن جديد خرج جندي آخر من الدبابة أمام مجموعة الدبابة، فأمطرته بالرصاص وسقط سريعًا، وبقي الجندي الأخير الذي كان ينادي باللغة العبرية، ثم أطل برأسه من فتحة الدبابة رافعا يديه مستسلما وهو يصرخ بالعبرية: "أريد أمي .. أريد أبي".

أعلمت وحدة الدبابة غرفة العمليات بذلك وأعلموهم بأن هذا الجندي لونه أبيض مثل الأوروبيين (أي إسرائيلي الأصل) كما كانت التعليمات بعدم أسر إلا جندي إسرائيلي "أبيض أصلى" فكان الأمر باقتياد هذا الجندي وأسره، وجه المجاهدان بنادقهم إلى الجندي وأمروه بالحركة أمامهم.