في لقاء مع صحافيين عسكريين يوم الأربعاء، اقتبس ضابط عسكري كبير في الجيش الإسرائيلي مقاطع من خطاب خالد مشعل في شهر مايو، قال مشعل: "إن قيادة الحركة تلقت رسالته وأن الرد سيصله عن طريق نشطاء الجناج العسكري، عز الدين القسام، ولمح الضابط ذاته إلى أن ذلك كان في حقيقة الأمر تعليمات للوحدات الميدانية لتنفيذ عملية اختطاف، لكن إذا كان ذلك صحيحا، فمن غير الفهوم لماذا ركز الجيش جهوده في الضفة الغربية في الأسبوع المنصرم وليس غزة.
ويقول الكاتب الإسرائيلي "آفي بسخروف" المحلل للشؤون العربية والشرق الأوسط إنه "إلى حد كبير فإن الرد الإسرائيلي على عملية الأسر هو الأسهل من ناحية تنفيذه، ولديه فعالية على المدى القصير، فقد ظهر الجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل بأنهم "أقوياء على الضعفاء".
وأضاف "حماس لا توجد لديها بنية تحتية قوية وكبيرة في الضفة الغربية ولم تخرج التعليمات بتنفيذ الأسر من هنا، من الخليل أو من كل مدينة أخرى في الضفة، يمكن التخمين فقط أن الأوامر صدرت (إذا كان ذلك ما حدث بالفعل- حتى هذه المرحلة لا توجد لدى إسرائيل أية أدلة عن وجود أوامر كهذه) من قيادة حماس في غزة أو في الخارج، هذا بالطبع ليس بدليل كاف لإثبات تورط قيادة حماس في عملية الأسر".
هذه المسألة مهمة في فهم سياسة الرد الإسرائيلي، أي لماذا تركز سلطات الاحتلال جهودها على حماس في الضفة الغربية فقط؟ حيث لا يدور الحديث هنا عن بنية تحتية متطورة ومعقدة، في السنوات الأخيرة لا تتمتع الحركة في الضفة بالإزدهار على أقل تقدير، على المستوى العسكري (حتى حالة الأسر على الأقل) لم تبين الحركة قدرات كبيرة، فالسلطة الفلسطينية لاحقت أفراد ونشطاء الحركة، والأزمة الإقتصادية في غزة تركت بصماتها على الضفة الغربية أيضا، وبشكل عام لم تنجح حماس برفع شعبيتها في الرأي العام، على الأقل حتى عملية الأسر.
ويتابع بسخروف "إن الحملة الإسرائيلية لـ"تنظيف الإسطبلات" لا تثير الاهتمام وقد لا تثمر عن نتائج بعيدة المدى، فالمعتقلين لا يبدون معارضة على الإطلاق ويقومون بتسليم أنفسهم، وفي المقابل فإن تأييد حماس لم يختف بعد.
على العكس، يؤيد الكثير من الأشخاص عمليات الأسر من أجل إطلاق أسرى فلسطنيين، في غزة نجح ذلك مقابل ثمن باهظ جدا بالنسبة لسكان غزة. يأمل السكان في الضفة الغربية بتحقيق نتائج مماثلة لصفقة شاليط، ولكن حتى الآن لم يشعروا بالثمن الذي شعر به سكان غزة في حينها، وهذا ما يخشاه السكان في الضفة وغزة حاليا: تصعيد في الحملة العسكرية من شأنه أن يؤدي إلى تقسيم الضفة الغربية إلى كانتونات من جديد، تطويق وتفريق لمدن الضفة المختلفة، وفي نهاية المطاف ضرر كبير للاقتصاد الفلسطيني.
يبدو أن خيار الاحتلال بإطلاق حملة ضد حماس في الضفة الغربية فقط في هذه المرحلة، يعود في جزء منه إلى عدم وجود خيارات أخرى، فللإحباط تأثيره: فلم يتم العثور على الجنود الأسرى حتى اليوم على الأقل ولم يتم التوصل إلى طرف خيط حول مكان وجودهم. الشيء الوحيد الذي يمكن عمله هو إظهار قوة في مواجهة حركة ذات قدرات محدودة في الضفة الغربية أصلا.
ويخلص الكاتب الإسرائيلي إلى القول إنه "من هنا تأتي عمليات المسح التي تظهر بصورة جيدة أمام عدسات الكاميرا، والاعتقالات الكثيرة وما إلى ذلك. لكن خلاصة القول هي "إن إسرائيل تخشى دخول مواجهة مع من يقف وراء العملية- قيادة حماس في غزة أو في الخارج. التصعيد ضد غزة معناه كما يبدو سقوط صواريخ في تل أبيب، ولا يوجد هناك من يريد رؤية ذلك يحدث في القيادة الإسرائيلية".