لا تزال قضية أسر ثلاثة جنود في جيش الاحتلال جنوب الضفة الغربية محل اهتمام الصحافة العبرية، وبعد إفراد مساحات واسعة للعمليات العسكرية وما يقوم به جيش الاحتلال من حملات دهم واعتقال خلال الأيام الأخيرة، بدأت هذه الصحف تتجاوز القشور إلى الجوهر، وتتحدث عن قصور أمني وفشل في العثور على أي معلومة جديدة، وتساءلت: هل الجنود الثلاثة أحياء؟ وأين هم؟ ومن الخاطفون؟
الكاتب في صحيفة "يديعوت أحرونوت" يوسي ميلمان يقر بأن المعلومات التي جمعتها مخابرات الاحتلال لم تجب حتى الآن عن الأسئلة الجوهرية، معتبرا أن أعمال الجيش والمخابرات للعثور على الجنود الثلاثة دخلت حالة من الروتين العادي بعد مرور 48 ساعة على اختفائهم.
من جانبها أقرت صحيفة "إسرائيل اليوم" بعدم وجود تقدم حقيقي في العثور على الجنود الثلاثة رغم تشديد حكومة الاحتلال ضغطها على حركة حماس في الضفة الغربية والتي تتهمها بالوقوف خلف عملية الأسر، ورغم أن رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" يجري تقييما يوميا للوضع يشارك فيه رئيس المخابرات "يورام كوهين" ورئيس أركان جيش الاحتلال "بيني غانتس" ورئيس "مجلس الأمن القومي" يوسي كوهين.
في الاتجاه ذاته، ذهبت صحيفة "يديعوت أحرونوت" وقالت في مقالة نشرتها أمس إنه "رغم قدرات الجيش الإسرائيلي الفائقة والأجهزة الاستخبارية المحكمة، إلا أن هذه القوة محدودة كما تدل عملية الخطف الأخيرة وعجز الأجهزة الإسرائيلية عن العثور على الخاطفين والمخطوفين إلى الآن".
وأضافت "علمونا أن نؤمن بتفوق العقل اليهودي والقوة الإسرائيلية، السنين التي مرت حسنت قدرات الجيش الإسرائيلي، ومن المؤكد أنها حسنت قدرات الشاباك والموساد. فكيف تستطيع مجموعة صغيرة أن تتلاعب وتضلل العبقرية الإسرائيلية؟".
حرام على الفلسطينين حلال لـ"إسرائيل"
أما في صحيفة "هآرتس " العبرية وتحت عنوان "حلال لإسرائيل حرام على الفلسطينيين"، فقد استحضر الكاتب "جدعون ليفي" ما تبيحه سلطات الاحتلال لنفسها من إجراءات وتحرم الآخرين منه. وقال "إن إسرائيل كلها أصبحت صوتا واحدا يندد بالعملية وبالخاطفين، ونسي الجميع أن إسرائيل استعملت الطريقة نفسها للمساومة في إطلاق سراح رون أراد حينما خطفت 21 مواطنا لبنانيا".
وحسب الكاتب، "فإنه لا يحل إلا لإسرائيل تنفيذ عمليات غير قانونية وغير أخلاقية، ولا يحل إلا لها أن تدعي البر وأن تُزعزع وأن تقلب العالم حينما يعاملها الآخرون بالمثل، ولا يحل إلا لها خطف رهائن، ولا يحل إلا لها الآن أن تعتقل في كل ليلة عشرات الفلسطينيين".
وخلص ساخرا إلى القول: "إن حياة الإنسان هي لنا فقط والاهتمام بها وبحريتها لنا فقط، ولا تحل عملية "عودوا أيها الإخوة" إلا لنا".
أما زميله آري شبيط فرأى في الصحيفة نفسها أن "إسرائيل حظيت بسبع سنوات هدوء في الضفة الغربية لم تُحسن استغلالها للعمل على حل الصراع وتقسيم البلاد".
كما حذر عاموس هرئيل في "هآرتس" أيضا حكومة الاحتلال وجيش الاحتلال، "من أن يفضي طول العملية العسكرية في الضفة إلى التعقد حتى لو لم تظهر إلى الآن مقاومة مسلحة في الضفة الغربية. ورغم أن الجهد الواسع للعثور على الجنود الثلاثة ومن نفذوا العملية مستمر، فإنه ما زالت نقطة النهاية في بداية اليوم العاشر من عملية "عودوا أيها الإخوة" لا تُرى في الأفق".
القضاء على حماس
من جهة ثانية، تناولت صحيفة "إسرائيل اليوم" دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإعادة الجنود، وتعهده بالعمل لإعادتهم، لكنها قالت: "إن مكتب نتنياهو لم يتحمس لهذه التصريحات، واكتفى بالحديث عن اختبار الجهود التي تبذلها السلطة في هذا المجال".
وفي الصحيفة ذاتها، اتهم شاؤول بارطال حركة حماس بالنفاق لأنها حسب ادعائه "أنشأت حكومة الوحدة مع فتح من جهة، ثم خطفت الجنود الثلاثة من جهة ثانية"، معتبرا ذلك "إخلافا للوعد".
واعتبر أن اختيار نشطاء حماس لتنفيذ عملية اختطاف يمكن أن يجند للحركة شرعية من الرأي العام الفلسطيني وتقبلها كل الفصائل الفلسطينية.
وخلص إلى أنه "ليس من الواضح ما إذا كانت حركة حماس عالمة بالآثار الاستراتيجية لهذه العملية التي قد تفضي إلى تفكيك حكومة الوحدة"، معتبرا أن مقدمة ذلك جاءت في خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس عندما تحدث عن التنسيق الأمني وإعادة الجنود إلى عائلاتهم.
وفي الصحيفة نفسها، يقر العميد احتياط "تسفيكا فوغل" بأنه لا يمكن القضاء على البنية التحتية لحركتي حماس والجهاد الإسلامي بمعركة قصيرة، مؤكدا أن الأمر يحتاج إلى طول نفس وإحكام عمل.
وطالب تسفيكا بالفصل بين جهد إعادة الجنود وجهد القضاء على حماس وقدراتها في الضفة الغربية "وهذا لا يتم دون القضاء على أساس قوتها في غزة"، حسب تعبيره.