يبدو أن زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس المنتظرة للعاصمة الأمريكية واشنطن الاثنين القادم للقاء الرئيس باراك أوباما أصبحت محفوفة بالعقبات الكبرى، ولن يجد فيها عباس الوجه الذي ينتظره من أوباما الذي على ما يبدو هو أيضا لا يبطن لعباس أي خير على مستوى العملية التفاوضية التي تديرها بلاده بين السلطة الفلسطينية والكيان الإسرائيلي.
الإدارة الأمريكية وإن كانت تظهر بعض الحدة مع الجانب الإسرائيلي في ملفات عدة منها الاستيطان والحدود، إلا أن موقفها المبطن والذي يظهر على لسان المسؤولين بين فترة وأخرى يخفي نوايا غير متوازنة وهي رغم أنها ليست جديدة إلا انها أيضا تصر على إعطاء الفلسطينيين بصيص أمل من أجل ضمان بقائهم على طاولة المفاوضات ليس أكثر.
وبالرغم من الموقف المتشائم للجانب الفلسطيني من هذه الزيارة والتي وصفها بعض المقربين من القيادة الفلسطينية بـ"العبثية"، إلا ان الرئيس عباس مصر على القيام بها وعرض وجه النظر الفلسطينية التي لا تبدو واضحة حتى اللحظة، حتى لا يبقي حجة لإسرائيل أمام موقفها المتعنت وشروطها المسبقة، إذا توجه للأمم المتحدة والمؤسسات الدولية.
الإذاعة العامة العبرية نقلت عن مصدر مطلع في الإدارة الأمريكية صباح السبت قوله: "إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما تعهد لنتنياهو بممارسة ضغوط أكبر على الرئيس عباس، خلال الأسابيع القليلة القادمة لحثه على اتخاذ قرارات صعبة كما سبق لنتنياهو أن فعل"، على حد زعمه.
وأضاف المصدر أن "هذه الضغوط المنتظرة تهدف إلى تقليص الفجوات القائمة بين مواقف الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي حول اتفاقية الإطار التي يقترحها وزير الخارجية الأمريكية "جون كيري ".
وأوضح المصدر أن "أوباما" سيؤكد على عباس خلال اجتماعهما المنتظر بعد غد الاثنين على ضرورة عدم السماح بإغلاق نافذة السلام المتوفرة حاليا، إضافة لتوضيحه الفوائد والنتائج الايجابية التي سيجنيها الشعب الفلسطيني نتيجة توقيع أي اتفاقية محتملة.
من الجانب الفلسطيني يعتبر مسؤولون فلسطينيون الدعوة التي وجهها "أوباما" لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، للتنازل عن المستوطنات في الضفة الغربية هي مجرد دعوة للاستهلاك المحلي ولتحسين العلاقات العامة بالعرب ليس أكثر.
ويعتقد الفلسطينيون بمن فيهم المقربون من القيادة الفلسطينية أن أوباما لا يريد الإبقاء على صورته المشوهة، ويريد إنقاذ تلك الصورة وصورة الولايات المتحدة أمام العرب، مؤكدين على أن هذه الزيارة لن يكون لها أي نتائج إيجابية للفلسطينين، وأن الإدارة الأمريكية لا يهمها المصلحة الفلسطينية فهي منشغلة بمصالح الاحتلال وليس من المنطق أن ينتظر منها الفلسطينيون شيئا.
لكن هناك من يعتقد على الجانب الفلسطيني أن هذه الزيارة مهمة وسيكون لها وقع كبير على مجريات العملية التفاوضية، شريطة أن يجد عباس الدعم اللامتناهي شعبيا ورسميا، حيث دعت حركة فتح الناس للخروج إلى الشوارع لدعم موقف عباس ومطالبه في الزيارة، ومنحه دفعة للأمام في وجه الضغوطات التي تنتظره.
هذا التيار يدرك تماما أن هذه المهمة لعباس لن تكون سهلة وسيواجه خلالها ضغوطا مباشرة وغير معهودة من أوباما، كما يدرك عباس نفسه أن جعبة أوباما لن ترجع خالية الوفاض من هذه الزيارة، فهو يريد أن يحصل ولو على الحد الأدنى من مطالب الإسرئيليين الذين يطلقون دوما التصريحات الرنانة أمام الإدارة الأمريكية حول استعدادهم لتقديم تنازلات صعبة، لكن دون الإعلان عن ماهية هذه التنازلات.
وعلى الرغم من عدم إعلان بنود الاتفاق الجاري بحثها لكن الفلسطينيين يقولون: "إن المؤشرات الأولية توحي بأنه سيعرض عليهم سقف أقل مما وضعه الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون عام 2000 فيما أطلق عليه "معايير كلينتون".
"إسرائيل" من جهتها تقيس مدى جدية الرئيس عباس في نيته التوصل لاتفاق إطار بمدى قدرته على الاعتراف بـ"يهودية الدولة"، وهذه عقبة أخرى تضعها إسرائيل أمام زيارة عباس المتخوف من موقف مشابه من الرئيس أوباما، والذي يقول "إن القبول بهذا الشرط سيحرم شعبه فعليا من صلتهم بالأرض وسيعني كذلك التخلي عن حق العودة بالنسبة لنحو 5 ملايين لاجئ فلسطيني وأبنائهم وأحفادهم".
غير أن الموقف الأمريكي يعود ليمسك العصا من الوسط ويطلق التصريحات التخديرية على لسان وزير خارجيته الذي قال "إن من "الخطأ" إثارة المسألة مرارا وتكرارا على أنها "العامل الحاسم".