في مثل هذا اليوم من عام 1956 ارتكبت عصابات جيش الاحتلال الإسرائيلي مذبحة بشعة في قرية كفر قاسم بالداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، حيث كانت في ذلك الحين واقعةً على الخط الأخضر -الفعلي- بين إسرائيل والأردن.
ففي 29 أكتوبر عام 1956 قام حرس الحدود الإسرائيلي بقتل 48 مدنياً عربياً بينهم نساء و23 طفلاً يتراوح عمرهم بين 8 - 17 سنةً. وقد أفادت مصادر أخرى بأن عدد الضحايا بلغ 49 وذلك لإضافة جنين إحدى النساء إلى عدد الضحايا.
[caption id="attachment_31733" align="aligncenter" width="213"] 48 شهيدا من الأطفال والنساء والشبان والشيوخ[/caption]في 29/10/1956 أعلنت قيادة الجيش الإسرائيلي المرابطة على الحدود الإسرائيلية الأردنية نظام حظر التجول في القرى العربية داخل الخط الأخضر والمتاخمة للحدود: كفر قاسم، الطيرة، كفر برا، جلجولية، الطيبة، قلنسوة، بير السكة، وإبثان، وأوكلت مهمة حظر التجول على وحدة حرس الحدود بقيادة الرائد "شموئيل ملينكي".
على أن يتلقى هذا الأوامر مباشرة من قائد كتيبة الجيش المرابطة على الحدود "يسخار شدمي"، أعطيت الأوامر أن يكون منع التجول من الساعة الخامسة مساء حتى السادسة صباحا، وطلب شدمي من ملينكي أن يكون تنفيذ منع التجول حازماً لا باعتقال المخالفين وإنما بإطلاق النار عليهم، وقال له " من الأفضل أن يكون قتلى على تعقيدات الاعتقال، ولا أريد عواطف".
ملينكي جمع قواته وأصدر الأوامر الواضحة بتنفيذ منع التجول دون اعتقالات و"من المرغوب فيه أن يسقط بضعة قتلى"، ووزعت المجموعات على القرى العربية في المثلث، واتجهت مجموعة بقيادة "جبريئل دهان" إلى قرية كفر قاسم، ووزع هذا مجموعنه إلى أربع فرق، رابطت إحداها عند المدخل الغربي للبلدة، وفي الساعة 04:30 من اليوم نفسه استدعى رقيب من حرس الحدود مختار كفر قاسم "وديع أحمد صرصور" وأبلغه بقرار منع التجول وطلب منه إبلاغ الأهالي.
[caption id="attachment_31734" align="aligncenter" width="300"] معظم سكان القرية كانوا خارج منازلهم في حقول الزيتون[/caption]قال المختار "إن 400 شخصاً يعملون خارج القرية ولم يعودا بعد ولن تكفي نصف ساعة لإبلاغهم، فوعد القيب أن يدع العائدين يمرون على مسؤوليته ومسؤولية الحكومة، في الخامسة مساء بدأت المذبحة طرف القرية الغربي حيث رابطت وحدة العريف "شلوم عوفر" فارتقى 43 شهيداً، وفي الطرف الشمالي ارتقى 3 شهداء، وفي داخل القرية ارتقى شهيدان، أما في القرى الأخرى فارتقى صبي عمره 11 سنة شهيداً في الطيبة.
كان من بين الشهداء في كفر قاسم 10 أطفال و 9 نساء، وكان إطلاق النار داخل القرية كثيفا وأصاب تقريباً كل بيت، وحاولت حكومة الاحتلال إخفاء الموضوع ولكن الأنباء عن المجزرة بدأت تتسرب فأصدرت الحكومة الإسرائيلية بياناً يفيد بإقامة لجنة تحقيق، توصلت اللجنة إلى قرار بتحويل قائد وحدة حرس الحدود وعدد من مرؤوسيه إلى المحاكمة العسكرية، استطاع عضوا الكنيست "توفيق طوبي ومئبر فلنر" اختراق الحصار المفروض على المنطقة يوم 20/11/1956 ونقلا الأخبار إلى الصحافي "أوري أفنيري".
[caption id="attachment_31735" align="aligncenter" width="300"] مقبرة كفر قاسم عام 1956[/caption]استمرت محاكمة منفذي المجزرة حوالي عامين، في 16/10/1958 صدرت بحقهم الأحكام التالية: حكم على الرائد "شوئل ملينكي" بالسجن مدة 17 عاما وعلى "جبريئل دهان" و"شلوم عوفر" بالسجن 15 عاماً بتهمة الاشتراك بقتل 43 عربيا، بينما حكم على الجنود الآخرين السجن لمدة 8 سنوات بتهمة قتل 22 عربيا.
لم تبق العقوبات على حالها، فقررت محكمة الاستئنافات تخفيفها: ملينكي – 14 عاماً، دهان – 10 أعوام، عوفر – 9 أعوام. جاء بعد ذلك قائد الأركان وخفض الأحكام إلى 10 أعوام لملينكي، 8 لعوفر و 4 أعوام لسائر القتلة، ثم جاء دور رئيس الدولة الذي خفض الحكم إلى 5 أعوام لكل من ملينكي وعوفر ودهان، ثم قامت لجتة تسريح المسجونين وأمرت بتخفيض الثلث من مدة كل من المحكومين، وهكذا أطلق سراح آخرهم في مطلع عام 1960، أما العقيد "يسخار شدمي"، صاحب الأمر الأول في المذبحة فقد قدم للمحاكمة في مطلع 1959 وكانت عقوبته التوبيخ ودفع غرامة مقدارها قرش إسرائيلي واحد.
[caption id="attachment_31739" align="aligncenter" width="300"] عصابة الإجرام الإسرائيلية التي ارتكبت المذبحة[/caption]كان ذلك في اليوم الذي بدأت فيه حرب العدوان الثلاثي على مصر، بعدها تم تعيين أحد الجزارين كمسؤول عن شؤون السكان العرب في يافا بصفته صاحب خبرة في التعامل مع العرب.