بواسطة مخطط "برافر- بيجن" تخطط دولة الاحتلال الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين من النقب جنوبي فلسطين المحتلة، أراضٍ يمساحات واسعة تسعى للسيطرة عليها وسرقتها من أصحابها، ستدمر حياة وتشرع ببناء حياة أخرى بمقابلها، فما بعض ملامح هذه الحياة الدخيلة التي ستبنى على أنقاض غيرها؟
الجواب الأول والأهم الذي يقفز هنا هو "المنشآت العسكرية". تريد "إسرائيل" تهجير أصحاب الأرض الشرعيين الذين عاشوا فوقها وزرعوها وربوا أجيالاً فوقها، وتريد حصرهم في مناطق جغرافية ضيقة ومحاصرة، لتبني في المقابل لجنود جيشها قواعد عسكرية متطورة، وتنقل مركز الثقل العسكري من وسط البلاد إلى الجنوب.
نشرت وزارة الأمن الإسرائيلية الأسبوع الماضي مناقصة لاستدراج عروض أسعار وخطط عمل من شركات عالمية وإسرائيلية لإقامة مركز ضخم لتكنولوجيا المعلومات في مدينة بئر السبع قريب من جامعة "بن غوريون" ويتبع لجيش الاحتلال الإسرائيلي، تقدر تكلفته بحوالي 10 مليارد شيكل.
مدير وزارة الأمن الإسرائيلية قال في تصريح له بداية الشهر الجاري أن نشر هذه المناقصة هو "بمثابة وضع حجر الأساس في مسيرة العمل الوطني التي انطلقت عام 2011، والتي تهدف لنقل أربعة قواعد عسكرية إسرائيلية من وسط البلاد إلى النقب". وسيكلف نقل هذه القواعد الأربعة ما يقارب 25 ميليارد شيكل. وبينما يعيش أهالي النقب في ظروف اقتصادية صعبة ويضيق عليهم الخناق في رزقهم وتباد مزروعاتهم، يفتخر الضابط في الوزارة أدوني شيني بقوله أن نقل هذه القواعد العسكرية سيكون "رافعة اقتصادية واجتماعية ذات حجم لم يسبق له مثيل في مجال تطوير النقب".
إضافة إلى نية وزارة الأمن الإسرائيلي نقل هذه القواعد العسكرية إلى الجنوب، فإن جهود الحكومة والقطاع الخاص الإسرائيلي ستتضافر من أجل نقل عائلات الجنود والموطفين الدائمين في هذه القواعد، مما يشكل حسب التعبير الإسرائيلي "الغلاف المدني" لعملية النقل العسكري.
وتنظر دولة الإحتلال إلى مشروع إقامة المركز التكنولوجي ضمن خطة شاملة لتحويل مدينة بئر السبع إلى مدينة مركزية في الخارطة الإسرائيلية، وجعلها مكان جاذب للسكان وللباحثين عن عمل، وتحويلها إلى مكان تتشابك فيه المعرفة والعلم (جامعة بن غوريون) بالأهداف العسكرية (مخيمات الجيش) والحاجات المدنية (مناطق سكنية). وإضافة إلى مركز تكنولوجيا المعلومات التابع للجيش والذي بشأنه نشرت المناقصة، هناك ثلاثة مشاريع أخرى ينفذها جيش الاحتلال في النقب وهي: نقل مركز سلاح الجو 27 من منطقة اللد إلى منطقة "مستوطنة نفتيم" والذي انتهى تنفيذه، ومشروع إقامة مدينة إرشاد عسكرية شمالي بئر السبع، ومشروع نقل وحدات من المخابرات العسكرية إلى النقب. ويقدر عدد جنود الاحتلال الذي سيتم نقل مركز تدريبهم بعد نقل هذه القواعد والكليات بحوالي 30 ألف جندي، إضافة إلى الموطفين الدائمين في هذه القواعد وعائلاتهم. وقد قدرت جهات رسمية إسرائيلية أن نقل هذه المنشآت العسكرية سيرفع النشاط الاقتصادي في النقب إلى ما يقارب 1.4-1.7 مليارد شيكل في السنة حتى عام 2020، مما سيشكل دافعاً للمزيد من الشركات والأفراد للانتقال للعيش في منطقة النقب. يذكر أن وزارة الأمن الإسرائيلية التي قلصت ميزانيتها لهذا العام، لن تستطيع تمويل كلّ هذه المشاريع العسكرية من ميزانيتها الحكومية، لذلك فقد سبق وطلبت من البنوك الإسرائيلية تسهيلات في الحصول على قروض، وفتحت المناقصة لشركات عالمية قد يعنيها تنفيذ هكذا مشاريع. وفقاً لذلك فإن طريقة التعامل مع صاحب الامتياز الذي يفوز بالمناقصة ستكون كالتالي: ينفذ الفائز المشروع بواسطة رأس مال خاص، فيما تقوم حكومة الاحتلال بدفع رسوم التشغيل لمدة 25 سنة، ومن بعدها تنتقل ملكية المشروع للحكومة. ولا شك أن هذه الطريقة ستجعل القطاع الخاص شريكاً أساسياً في عمليات العسكرة فوق أراضي النقب التي ستسرق من أصحابها الفلسطينيين. *الصورة أعلاه: نقلاً عن هآرتس العبرية، جانب من أعمال البناء للمركز التكنولوجي التابع لجيش الاحتلال في النقب.