شبكة قدس الإخبارية

تصاعد الإبادة داخل السجون.. إفادات مروعة عن الصعق بالكهرباء وإطلاق الرصاص

سجن-النقب-1719991524

الأسرى - شبكة قُدس: تواصل منظومة التوحّش الإسرائيلي ارتكاب جرائمها بحقّ الأسرى، حيث تستمرّ جرائم التعذيب والتنكيل والتجويع والاعتداءات الممنهجة بشكل غير مسبوق منذ بدء حرب الإبادة، وفق نادي الأسير وهيئة شؤون الأسرى والمحررين.

وبلغ عدد الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 9250 أسيرًا ومعتقلًا، غالبيتهم من الموقوفين والمعتقلين الإداريين. ويُشار إلى أن هذا الرقم لا يشمل المعتقلين المحتجزين في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال.

وبحسب ما أعلنته إدارة سجون الاحتلال حتى تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، بلغ عدد الأسرى المحكومين 1242 أسيرًا، أما عدد الأسيرات فبلغ حتى تاريخه  أكثر من 50 أسيرة، بينهن أسيرة واحدة من غزة، في حين بلغ عدد الأطفال الأسرى حتى تاريخه 350 طفلًا، محتجزين في سجني عوفر ومجدو، كما بلغ عدد المعتقلين الإداريين 3368 معتقلًا.

واستنادا إلى عشرات الزيارات التي نفّذتها الطواقم القانونية للأسرى خلال الشهر الجاري؛ فقد وثّق تصاعد في حجم الاعتداءات على الأسرى، لا سيّما عبر عمليات الصعق بالكهرباء، وإطلاق الرصاص المطاطي، إضافة إلى استغلال الإصابات التي يعاني منها الجرحى من أجل تعذيبهم بحرمانهم من العلاج، خصوصًا بعد نقلهم إلى السجون المركزية.

كما تستمرّ الحالات المرضية بالارتفاع، وتتدهور الأوضاع الصحية العامة للأسرى، مع تجدد انتشار مرض الجرب (السكابيوس) في عدة سجون، وتسجيل مئات الإصابات مجددًا.

وتمكّنت الطواقم القانونية من زيارة عدد من معتقلي غزة المحتجزين في قسم “ركيفت” الواقع تحت الأرض في سجن الرملة، حيث نقلت الطواقم إفادات مروّعة عمّا تعرّض له المعتقلون منذ لحظة الاعتقال وخلال التحقيق، ولاحقًا أثناء احتجازهم في هذا القسم المغلق تحت الأرض.

أمّا فيما يتعلق بقضية الأسيرات والأطفال، سجّلت خلال شهر تشرين الثاني العديد من عمليات القمع الممنهج بحقهم، وتعرضت الأسيرات والأطفال لاعتداءات بمستويات مختلفة. وقد أشارت الأسيرات إلى تفاصيل قاسية ومهينة للكرامة الإنسانية، عكست سياسة السلب والحرمان التي تنتهجها إدارة السجون بحقهن.

وتشمل السجون التي جرى زيارتها كلًا من: النقب، عوفر، الدامون، شطة، مجدو، جلبوع، معسكر عوفر (جلعاد)، سجن جانوت – ريمون ونفحة سابقًا – إضافة إلى قسم ركيفت في سجن الرملة.

ويأتي ذلك في وقتٍ يسعى فيه الاحتلال، وبوتيرة متسارعة، إلى تشريع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين، كأخطر مشاريع القوانين التي حاول فرضها عبر تاريخه. واليوم، وفي سياق حرب الإبادة المتواصلة داخل السجون، ومن ضمن سلسلة التشريعات التي تستهدف الوجود الفلسطيني، يعمل الاحتلال الذي نفّذ على مدى عقود طويلة إعدامات خارج إطار القانون عبر جملة من السياسات، من بينها القتل البطيء الذي طال مئات الأسرى والمعتقلين، على تقنين الإعدام وتشريعه رسمياً.

معسكر "جلعاد"

يُعدّ معسكر جلعاد وفق مؤسسات الأسرى، تابعًا لمعسكر عوفر، وقد أُنشئ حديثًا، ويقبع فيه أكثر من 120  معتقلًا من المعتقلين الجدد. ويواجه الأسرى هناك ظروفًا اعتقالية قاسية وعمليات تنكيل ممنهجة. وقد برز في إفادات المعتقلين أنّ الصعق بالكهرباء بات أداة رئيسية لتعذيبهم خلال عمليات القمع.

ففي إحدى الإفادات، ذكر أحد المعتقلين أنّ أحد الأسرى تعرّض للصعق بالكهرباء بعد أن شاهدته قوات السجن يؤمّ المعتقلين في الصلاة داخل الغرفة. كما أشار معتقلون آخرون إلى تعرضهم للقمع والصعق والتنكيل بسبب وقوف بعض الأسرى عند نوافذ الحديد داخل الزنازين في محاولة لاستنشاق بعض الهواء. وقد وصفوا الصعق بالكهرباء بأنه من أكثر الأساليب قسوة وشدّة.

ومن أشكال التنكيل الأخرى التي تُمارَس بحق المعتقلين إجبارهم على النوم على "الأبراش"، وأشار المعتقلون أيضًا إلى أنّ فترة "العدد" أو ما يُسمّى بالفحص الأمني تُستغل كأداة للتنكيل، حيث يُجبرون خلالها على الركوع على الأرض ورفع أيديهم فوق رؤوسهم حتى انتهاء الإجراء، إضافة إلى أن جميع الأسرى يعانون الجوع.

قسم "ركيفت" تحت الأرض في سجن الرملة

أكدت مؤسسات الأسرى أن إفادات أسرى غزة هي الأشد والأقسى منذ بدء حرب الإبادة، فعلى صعيد الطعام، يتم تقديم ثلاث وجبات عبارة عن لقيمات بسيطة. أما الفرشات فيتم توزيعها من الساعة الحادية عشرة مساءً حتى الرابعة فجرًا فقط، وخلال ساعات النهار يُضطر المعتقلون للجلوس على قضبان الحديد فوق الأسرّة. كما تُمنع الصلاة الجماعية، ويسمح بها بشكل فردي فقط. ولا يُسمح باقتناء القرآن الكريم.

ومن أشكال التعذيب بحقهم؛ التحقيق المتواصل والتعذيب والضرب والشبح والتهديد والتقييد المتواصل وسط غياب أي رعاية طبية للأسرى، 

سجن "النقب" 

وفق مؤسسات الأسرى، يعتبر النقب واحدًا من أبرز السجون التي سُجلت فيها شهادات وعمليات تعذيب مروّعة، واستُشهد فيه عدد من المعتقلين. وبعد مرور أكثر من عامين على حرب الإبادة، لم يطرأ أي تغيير على الواقع الكارثي داخل السجن، سواء من حيث مستوى الاعتداءات، أو عمليات القمع التي تنفّذها قوات "الكيتر"، بما في ذلك التعمد في إطلاق الرصاص المطاطي على المعتقلين داخل زنازينهم وخلال خروجهم إلى الفورة.

كما يستمر تفشّي مرض "الجرب – السكابيوس"، الذي حوّلته منظومة السجون إلى أداة إضافية للتعذيب والتنكيل، حيث تصاعدت الحالات المرضية بشكل ملحوظ ولم يعد بالإمكان حصرها، وتجبر مصلحة السجون الأسرى على توقيع أوراق تفيد بأنهم تلقّوا العلاج، بينما لا يحصلون فعليًا على أي رعاية طبية، بل يتعرضون للتنكيل والإذلال خلال نقلهم إلى العيادة.

وذكر الأسرى إحدى عمليات القمع التي نُفّذت مؤخرًا بسبب العثور على ظرف بلاستيك داخل إحدى الزنازين، حيث جرى الاعتداء على الأسرى وضربهم وحرمانهم من الخروج إلى ساحة السجن. وقد تفاقمت معاناتهم مع دخول فصل الشتاء واشتداد موجات البرد، خاصة خلال ساعات الليل، في ظل استمرار الإدارة بحرمانهم من الأغطية والملابس المناسبة.

سجن "عوفر"

شكّل الحديث عن مرض الجرب – السكابيوس محورًا أساسيًا، خاصة بعد تفشّيه بشكل واسع، حتى في القسم المخصص للأسرى الأطفال، دون أي علاج أو دواء، لدرجة أن بعض الأسرى باتوا غير قادرين على الوقوف أو الحركة أو النوم.

ويعود تفشّي المرض بهذا المستوى إلى سلسلة من إجراءات منظومة السجون، أبرزها: حرمان الأسرى من الملابس الكافية، حرمانهم من أدوات النظافة الشخصية، ضعف المناعة الناتج عن جريمة التجويع، دم تعرضهم للهواء أو الشمس،  استمرار عزلهم في زنازين مكتظة.

سجون مجدو، جلبوع، شطة، وجانوت

عكست جميع الإفادات التي نُقلت عن المعتقلين في السجون الثلاثة تسجيل حالات جديدة لمصابين بمرض الجرب – السكابيوس، إلى جانب تعمّد إدارة السجون تقليص كميات الطعام، واستمرار عمليات القمع والاعتداءات. إلا أنّ أبرز ما ظهر في هذه السجون هو تصاعد الحالات المرضية؛ فمعظم من تمت زيارتهم يعانون من مشاكل صحية ويحتاجون إلى علاج حثيث، وخصوصًا الجرحى.

وهذه الإفادات تُظهر بوضوح كيف تستخدم منظومة السجون إصابات الأسرى واحتياجاتهم الطبية أداة للتنكيل بهم وتعذيبهم من خلال حرمانهم من العلاج.

ويشار إلى أنّ عمليات نقل واسعة طالت المئات من الأسرى، وخصوصًا من سجن مجدو إلى سجن النقب.

وفي سجن جانوت، تعرّض أحد الأسرى الذين تمت زيارتهم لاعتداء عنيف خلال نقله إلى الزيارة، حيث تعرض لـ الضرب المبرح، والشتم، واستخدام القيود للتنكيل به.

سجن الدامون

 في سجن الدامون تقبع اليوم أكثر من 50  أسيرة، بينهن أسيرة من غزة وطفلتان، وما تزال الأسيرات، كما سائر الأسرى، يتعرضن لجملة من الجرائم المنظمة، ومنها عمليات القمع المتكررة، والتفتيش العاري، والضرب، إضافة إلى عمليات السلب والحرمان الممنهج من أبسط الاحتياجات الأساسية.

وقد تركزت روايات الأسيرات حول الحاجة الماسة للرعاية الصحية، خاصة في ظل وجود حالات مرضية صعبة، أبرزها الأسيرة فداء عساف التي تعاني من مرض السرطان، إضافة إلى أسيرة جديدة تعاني كذلك من السرطان، وهي سهير الزعاقيق التي اعتُقلت مؤخرًا من بلدة بيت أمر/الخليل ضمن حملة الاعتقالات الواسعة التي نُفّذت في البلدة.

كما تحدثت العديد من الأسيرات عن ظروف قاهرة وصعبة تعرّضن لها خلال فترة التحقيق قبل نقلهن إلى سجن الدامون، حيث خضعت بعضهن للتحقيق لمدة تجاوزت الشهر. وقد شكّلت الاحتياجات الخاصة للأسيرات أحد أبرز القضايا التي طرحنها، ومنها النقص الحاد في الفوط الصحية، إلى جانب حاجتهن إلى طبيبة نسائية لمتابعة العديد من المشكلات الصحية التي تفاقمت نتيجة ظروف الاحتجاز القاهرة وضعف المناعة الناتج عن التجويع.

وفي الإفادات، عبّرت الأسيرات كذلك عن التحديات النفسية القاسية التي يواجهنها في ظل حالة العزل القاهرة، التي تُعدّ من أخطر السياسات وأكثرها تأثيرًا على صحتهن النفسية. ويزداد هذا العبء مع استمرار حرمان عائلاتهن من زيارتهن، وخصوصًا الأسيرات الأمهات اللواتي اقتلعن من بيوتهن وحُرمن من أطفالهن.

ويشار إلى أن الغالبية العظمى من الأسيرات معتقلات بتهمة ما يدعيه الاحتلال "التحريض"، إضافة إلى اعتقال عدد منهن إداريًا.