فلسطين المحتلة - شبكة قُدس: سجّل مركز “سِجلّ” لمراقبة الانتهاكات الإسرائيلية في سوريا تصاعدًا لافتًا في حجم وعدد الاعتداءات التي نفذتها قوات الاحتلال خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول 2025، مع تركّز واضح في محافظة القنيطرة، التي تحوّلت إلى ساحة رئيسية للأنشطة العسكرية الإسرائيلية داخل الأراضي السورية.
ووفق التقرير الشهري الصادر عن المركز، بلغ عدد الانتهاكات الموثّقة خلال الشهر عشرات الحوادث التي شملت عمليات توغّل بري، وتحليقًا جويًا مكثفًا، وإقامة نقاط تفتيش، واحتجاز مدنيين، إضافة إلى أعمال تجريف وتحصين ميداني في مناطق عدة من الجنوب السوري. واحتلت القنيطرة المرتبة الأولى من حيث عدد الانتهاكات، تلتها درعا بفارق كبير، في حين سُجلت خروقات محدودة في كل من السويداء وريف دمشق وحماة.
وأظهر التقرير أن النمط السائد للعمليات الإسرائيلية هذا الشهر تمثّل في التوغلات البرية المتكررة داخل قرى وبلدات ريف القنيطرة، بالتوازي مع نشاط جوي مكثف للطائرات الحربية والاستطلاعية والمروحية فوق مناطق الجنوب السوري. وشملت العمليات إقامة سواتر ترابية وتحركات عسكرية في قواعد العدنانية والحميدية ومحيط بلدة بئرعجم، إلى جانب تجريف أراضٍ زراعية ومحمية طبيعية في جباثا الخشب وحرش الشحار، ما يشير إلى توجه إسرائيلي لترسيخ الوجود العسكري وتعزيز السيطرة على الأرض.
وفي الوقت ذاته، وثّق المركز استمرار إقامة نقاط تفتيش مؤقتة على الطرق الحيوية بين القرى، حيث عمدت قوات الاحتلال إلى تفتيش المارة بدقة وجمع معلومات شخصية عنهم، في سلوك وصفه التقرير بأنه يهدف إلى “جمع بيانات استخباراتية وبسط السيطرة الأمنية”. كما تمّ تسجيل حالات احتجاز واستجواب ميداني لمدنيين خلال مرورهم عبر تلك النقاط.
ومن أبرز الحوادث التي سجّلها التقرير، إصابة شاب من قرية جباثا الخشب في قدمه برصاص قوات الاحتلال أثناء جمعه الحطب في الحراج، إضافة إلى استهداف مدنيين بقنابل دخانية واحتجاز معداتهم الزراعية. وأشار المركز إلى أن هذه الانتهاكات تتزامن مع محاولات الاحتلال المتكررة لإبعاد الأهالي عن أراضيهم الزراعية ومصادر رزقهم في المناطق المحاذية لخط الفصل في الجولان المحتل.
كما وثّق المركز احتجاز عدد من الشبان من قرى جملة وصيدا والمعلقة في درعا والقنيطرة، معظمهم أوقفوا أثناء مرورهم عبر نقاط تفتيش، فيما لم يُفرج عن بعضهم حتى لحظة إعداد التقرير.
وأوضح التقرير أن قوات الاحتلال شرعت خلال الأسابيع الأخيرة في تحويل السواتر الترابية المؤقتة إلى حواجز حديدية دائمة، أبرزها “البوابة الصفراء” بين قريتي الصمدانية الغربية والحميدية شمال القنيطرة. كما رُصدت عمليات نقل أتربة ومعدات بناء من مشتل الزهور في مدينة السلام إلى قاعدة الحميدية العسكرية بهدف تحصينها، في مؤشر على تعزيز الوجود العسكري الإسرائيلي الدائم في المنطقة.
وتشير المعطيات الميدانية إلى توسّع في أعمال التجريف داخل الثكنات العسكرية السابقة للنظام السوري، مثل ثكنة “محيرس” و”الصقري”، ما اعتبره التقرير جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد لفرض واقع عسكري جديد في الجنوب السوري.
ورصد التقرير تحليقًا شبه يومي للطيران الإسرائيلي فوق محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء، امتد في بعض الأحيان إلى أجواء حمص وحماة وصولاً إلى جنوب لبنان. واعتبر المركز أن هذا التحليق الكثيف يهدف إلى مراقبة التحركات الميدانية وجمع المعلومات الاستخبارية، إلى جانب كونه رسالة ردع موجهة للفصائل المحلية.
ويلحظ التقرير أن السلوك الإسرائيلي خلال أكتوبر/تشرين الأول 2025 يعكس تحولًا من الطابع الاستطلاعي إلى الطابع التحصيني الميداني، حيث يجري الاحتلال توسعة قواعده العسكرية واستحداث نقاط مراقبة جديدة، بالتوازي مع تصعيد أدوات الضغط ضد السكان المحليين عبر الاعتقالات والتجريف.
ويختتم المركز تقريره بالتأكيد على أن حجم الانتهاكات المسجلة يمثل جزءًا فقط من الصورة الكاملة، إذ يُرجّح أن الأرقام الفعلية أعلى من ذلك بسبب صعوبة الرصد في بعض المناطق، داعيًا المنظمات الحقوقية إلى توثيق موسّع للانتهاكات الإسرائيلية في الجنوب السوري باعتبارها تمسّ السيادة السورية وتشكل خرقًا متواصلاً للقانون الدولي الإنساني.



