شبكة قدس الإخبارية

لماذا الاغتيالات؟

IMG_2806
محمد القيق

هي خطة نفسية ـ أمنية تمارسها “إسرائيل” بعدة خطوات؛ تبدأ بالتضخيم الإعلامي لدور الشخص من الزاوية التي تريدها، ليظهر لاحقًا على أنه العقل المدبّر والجامع للتنظيم. وتبث عبر إعلامها تقارير مكثفة ينقلها “الببغاء العربي” المكلّف بهذه المهمة.

المرحلة الثانية تقوم على ربط اسم التنظيم كله وإنجازاته بالشخص وظهوره وقوة شخصيته وإدارته، ثم تأتي عملية الاغتيال. وفي ذلك:

• هدف أمني لضرب معنويات أفراد التنظيم عند اغتياله، وتشويشهم ودفعهم إلى الشك في قدرات من يخلفه، وكذلك ترهيب الشعوب العربية عبر إيصال رسالة بأن “إسرائيل” يدها طويلة، فلا داعي للصمود.

• محاولة لرفع معنويات الجيش والجنود، وترميم صورة الردع والهيبة، وإقناع المجتمع الإسرائيلي بأن الحكومة قوية.

• هدف سياسي ـ نفسي لإشعار العالم بأن التنظيمات مجرد قبائل وزعماء، وليست منظمات بدستور وانتخابات، وليست نابعة من مجتمعاتها أو صاحبة حق دولي في الدفاع عن شعوبها. هذا الأسلوب الإسرائيلي أمريكي بامتياز، إذ رأيناه في تصويرهم لأفغانستان على أنها صحراء يقودها زعماء إرهابيون، وفي وصف إيران بأنها مختطفة من أشخاص.

الخلاصة: الاغتيالات حرب نفسية ـ إعلامية تصر “إسرائيل” على تنفيذها لملء فراغ الردع، مستخدمةً لجنة إعلامية ـ أمنية في المنطقة العربية، تضم كتّابًا ومحللين وقنوات ومترجمين، لنشر وتكثيف الأخبار التي تُظهر قوة الجيش والمخابرات، وضعف المقاومة والشعوب وهشاشة إرادتها. وبالتالي، فإن الهدف إعلامي ـ نفسي بامتياز.

أما على الصعيد الميداني والاستراتيجي، فقد أثبتت الاغتيالات السابقة التي نفذها الأميركي والإسرائيلي فشلها؛ إذ اندحر الأميركي من أفغانستان، وما زال الإسرائيلي يصارع في لبنان وفلسطين بعد أن اغتال كل الصفوف الأولى في حماس وإيران وحزب الله واليمن، لكنه لم يحقق ردعًا. بل باتت تل أبيب تحت الصواريخ في كل مرحلة.

الذي يهم الشارع الإسرائيلي: هل أزال الاغتيال الفصائل الفلسطينية؟ هل أعاد الأسرى؟ هل حمى تل أبيب من الباليستي الإيراني؟ هل أوقف تسلّح حزب الله أو استنزاف اليمن البحري والجوي لـ”إسرائيل”؟

نتنياهو يصرّ على تخبّط يروّجه غلمان ومرتزقة إعلام العرب بوصفه إنجازًا، بينما في الواقع ذهب لإغلاق جبهة فانفتحت جبهات، وتضاعفت الأزمات، ولم تنفعه حربه المعنوية والإعلامية ولا أدواتها.

فبدلًا من أن يجلب السلام للمنطقة ويهيئ للشرق الأوسط حياة أكثر هدوءًا، يذهب بعيدًا في التصعيد.