شبكة قدس الإخبارية

كيف قرأ خبراء الاقتصاد لدى الاحتلال خطة ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية؟ 

٢١٣

 

293913

ترجمة خاصة - شبكة قُدس: عرض رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب يوم الأربعاء الماضي خطة الرسوم الجمركية على الصادرات إلى الولايات المتحدة، التي من المفترض أن تطبقها الحكومة هذا الأربعاء. الخطة تتسم بنهج متشدد بشكل كبير عن المتوقع في البداية. الدول التي تتعامل مع الولايات المتحدة، والتي تعاني من عجز تجاري معها، ستضطر لدفع رسوم جمركية تتراوح بين 10% و36%. يوم الجمعة، ردًا على الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، أعلنت الحكومة في بكين أنها ستفرض رسومًا جمركية بنسبة 34% على كل السلع الأمريكية التي تدخل إلى الصين. هذا التحرك يبشر بمستوى جديد من الحرب التجارية بين البلدين وقد يشجع دولًا أخرى على اتخاذ خطوات مشابهة.

العدوانية الاقتصادية لترامب فاجأت المستثمرين حول العالم. على خلفية فرض الرسوم الجمركية الأمريكية، هبط مؤشر S&P 500 بنسبة 4.8%، وناسداك بنسبة 6%. وإذا لم يكن ذلك كافيًا، يوم الجمعة، على خلفية إعلان الحكومة الصينية عن فرض رسومها الجمركية الخاصة، هبط مؤشر S&P 500 بنسبة 6% إضافية، بينما انخفض ناسداك بنسبة 5.8%. في المجموع، انخفض المؤشران الرئيسيان بنسبة 10.5% و11.5% على التوالي خلال يومين، وهو تراجع لم يسبق له مثيل منذ مارس 2020 مع تفشي فيروس كورونا (عندما انخفضت المؤشرات بنسبة 14% خلال يومين).

تزايد الاهتمام بمؤشر S&P 500 بدأ بشكل خاص في عام 2023 مع بداية التحول في النظام السياسي لدى الاحتلال. في تلك السنة، ارتفع المؤشر بنسبة 23% بينما ارتفع مؤشر ت.أ-35 بأقل من 4%. أما سنة 2024، فقد اتسمت أيضًا بارتفاعات في المؤشر الأمريكي، مما زاد من شهية المدخرين.

والسؤال الذي يشغل بال "الإسرائيليين" هل من الممكن أن تؤدي الانخفاضات المستمرة في مؤشر S&P 500 إلى زعزعة الاستقرار المالي للأسر لدى الاحتلال؟ حاليًا، حوالي 12.5% من المعاشات التقاعدية مرتبطة بهذا المؤشر فقط. في منتدى عُقد في بداية السنة وشمل ممثلين مؤسساتيين وممثلين من وزارة المالية في حكومة الاحتلال، قال أندرو أبير، نائب محافظ البنك المركزي، إن التعرض الكبير للمؤسسات لهذا المؤشر يشكل تهديدًا لاستقرار النظام المالي لدى الاحتلال. علاوة على ذلك، يواجه المؤسسات الآن تحديًا كبيرًا: كيف يتعاملون مع المدخرين المسنين الذين نقلوا كل أموالهم إلى مؤشر قد ينهي السنة بانخفاضات بنسبة كبيرة، مما يؤدي إلى تقليص مدخراتهم أو حتى تقليص المعاشات التقاعدية الخاصة بهم.

وفقًا للخبير "الإسرائيلي" ليو ليدرمين، المستشار الاقتصادي الرئيسي لبنك هبوعليم، "فاجأ ترامب بتقديم أحد أسوأ السيناريوهات الممكنة من حيث التأثيرات المالية والاقتصادية. في حرب التجارة، يخسر الجميع، والرد الأولي في وول ستريت هو القلق من الركود التضخمي: زيادة في التضخم وانخفاض في الناتج والنشاط الاقتصادي. يحدث هذا بعد أن كانت الولايات المتحدة قد قادت النمو والابتكار في العالم في السنوات الأخيرة، حيث وصل سوق العمل إلى التوظيف الكامل وسجلت زيادة ملحوظة في إنتاجية العمل والإنتاج. كما استفادت الولايات المتحدة بشكل كبير من نظام التجارة الدولي القائم، واستفادت من مزايا الاعتماد على التجارة وفقًا للمزايا النسبية لكل دولة. عندما يوضح ترامب أنه يريد حماية الصناعة الأمريكية من خلال زيادة الرسوم الجمركية لحماية الإنتاج المحلي، من المهم أن نذكر أن الإنتاج الصناعي يشكل فقط 11% من الناتج المحلي الأمريكي، والتوظيف في هذا القطاع يمثل 8% فقط من إجمالي التوظيف".

وفقًا ليدرمين، فإن القلق الأكبر هو من الركود الاقتصادي: "تقريبًا جميع الرؤساء التنفيذيين يتبنون مواقف انتظارية، خاصة فيما يتعلق بالمشروعات الجديدة. ارتفعت درجة عدم اليقين، والرسوم الجمركية النهائية لا تزال غير معروفة، وهذا قد يؤثر على الاستثمارات الحقيقية في الاقتصاد الإسرائيلي".

أما رونين مناحيم، مستشار اقتصادي كبير في بنك "مئير سابير"، فاعتبر أنه "من اللحظة التي قرر فيها ترامب فرض رسوم جمركية على كل دولة بشكل فردي، نشأت مشاعر الإحراج والاستياء والإحباط بين الدول. لكن أول من سيتأثر هو الولايات المتحدة نفسها. من المتوقع أن ينخفض معدل النمو بنسبة تصل إلى 0.5% ويرتفع التضخم بنسبة تصل إلى 0.5%. ولكن ترامب لا يهتم بذلك لأن خطته على المدى المتوسط والطويل هي تقليل الضرائب على المستهلكين والمنتجين الأمريكيين باستخدام الأموال التي ستجمعها الرسوم الجمركية. كما أنه يقلل النفقات في القطاع العام وينجح في إقناع الشركات الكبرى بالعودة إلى أمريكا".

 يلخص ليدرمين أن الانخفاضات في الأسواق والتحول إلى الأصول الخالية من المخاطر يؤدي فعليًا إلى خفض الفائدة في الاقتصاد الأمريكي، ليس من خلال البنك المركزي بل من خلال السوق. "على سبيل المثال، إذا كانت العائدات على السندات الحكومية الأمريكية قبل شهرين 4.5% سنويًا، فإنها في نهاية الأسبوع انخفضت إلى 4%، خلال التداول يوم الجمعة انخفضت حتى 3.86% سنويًا. يحدث هذا وسط القلق المتزايد من الركود في الولايات المتحدة وفي الوقت نفسه، يسعى المستثمرون لتقليل المخاطر من خلال بيع الأسهم وشراء السندات الحكومية".

أما المستشار الاقتصادي الكبير في بنك "مئير سابير"مناحيم يؤكد أن القلق من الركود في الاقتصاد الأمريكي مبالغ فيه: "الولايات المتحدة تدخل مرحلة الرسوم الجمركية مع نمو بنسبة 3%، بينما ألمانيا وفرنسا تشهدان نموًا صفريًا. الصين تنمو بنسبة 5%، وهو معدل أقل بكثير من السابق. الفائدة في الصين انخفضت إلى أدنى مستوى تاريخي. اقتصادات الصين تمر بسنوات صعبة منذ كورونا، لذا فإن لدى الولايات المتحدة ميزة في النمو مقارنة بأوروبا والصين، وفي حرب التجارة، الجميع يخسر. سينمو الاقتصاد ببطء أكثر، وستصبح المنتجات أغلى". ولكن درور زكش، مدير وحدة الاستشارات في "بنك هبوعليم"، كان أكثر تشاؤمًا. حيث يقول: "نحن نعيش بالفعل حربًا اقتصادية حقيقية. بعيدًا عن انخفاض المؤشرات، هناك توجه قوي نحو السندات الحكومية الأمريكية. وهذا ناتج عن قلق الأسواق من أن الولايات المتحدة قد تدخل في ركود. ستكون هناك زيادة في الأسعار، والأمريكيون سيتوقفون عن الشراء وسيصل الركود. هناك شخص يدير أمريكا وهو غير متوقع. على عكس المرة السابقة، هو أكثر عدوانية. كنا في أزمة كورونا، كنا في حرب أوكرانيا، ونحن الآن ندخل في الحرب الثالثة خلال خمس سنوات. حرب اقتصادية بين الولايات المتحدة والعالم".