خاص - شبكة قدس الإخبارية: تواصل قوات الاحتلال عدوانها على محافظتي جنين وطولكرم، فيما توسعت العملية اليوم الأحد لتشمل محافظة طوباس شمال الضفة الغربية.
ووفق العديد من شهادات الأهالي الذين يقطنون هذه المناطق، فإن عملية الاحتلال الجارية تعتبر الأضخم والأكثر إجراماً منذ سنوات، فيما أكد أحد سكان مخيم جنين الذي عايش اجتياح "السور الواقي" عام 2002، أن عملية الاحتلال الحالية أشد قسوةً على الأهالي وألحقت ضرراً أكبر في مخيم جنين ومرافق المدينة.
بدأ جيش الاحتلال عدوانه على مدينة جنين أولاً قبل 13 يوماً، ثم شمل العدوان مدينة طولكرم ومخيماتها قبل 7 أيام، ليطال العدوان صباح اليوم الأحد محافظة طوباس، حيث اقتحمت قوات الاحتلال مخيم الفارعة وبلدة طمون، وفور الاقتحام طرد جنود الاحتلال العديد من العائلات من منزالها في الفارعة وطمون وحولتها إلى ثكنات عسكرية.
في حديثٍ خاص أجرته "قدس الإخبارية" يوم أمس مع رئيس بلدية جنين محمد جرار، قال فيه إن هدف الاحتلال من عمليته العسكرية في جنين أوسع من الهدف الأمني والعسكري المُعلن عنه، بل يتقاطع كلياً مع أهداف حكومة الاحتلال واليمين الصهيوني المتطرف الذي يسعى لإحكام السيطرة وضم الضفة الغربية، فما دقة ذلك؟ وما الأهداف التي يسعى الاحتلال لتحقيقها؟
أهداف سياسية بغلاف أمني وعسكري
حول عدوان الاحتلال وأهدافه، قال المحلل والخبير في الشأن الإسرائيلي سليمان بشارات لـ"قدس الإخبارية"، إن مؤشرات العملية العسكرية للاحتلال في شمال الضفة المحتلة، تؤكد اتساعها جغرافياً بشكلٍ تدريجي وهذا الأمر لا يخفيه الاحتلال بالمستويين العسكري والسياسي، وهو ما تأكد بعد امتدادها من جنين إلى طولكرم ثم طوباس خلال أقل من أسبوعين.
وأكد بشارات أن توقيت العملية وبيئتها، تدلل على وجود أهداف سياسية للاحتلال تم تغليفها بغلاف عسكري أمني، وفق الرؤية السياسية الإسرائيلية الرامية لضم الضفة الغربية، لا سيما أن حكومة الاحتلال ترى أن هذا الوقت مناسب لتنفيذ مخططات الضم والسيطرة على أكبر عددٍ ممكن من الأراضي، وإعادة تشكيل الجغرافيا والديموغرافيا، ورسم مشهيدتها من جديد.
واضاف أن من أهداف هذه العملية هو نزع النظام السياسي الفلسطيني وتحويل الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية ‘إلى تجمعات سكانية، معزولة ومحاطة بالحواجز والنقاط العسكرية والمستوطنات دون أي تمثيل سياسي فلسطيني.
وأوضح أن بدء الاحتلال لعمليته العدوانية بعد توقف حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة مباشرة، يعكس وجود مشروع سياسي إسرائيلي - أمريكي، ساهم بتحقيق وقف إطلاق النار في غزة وإجراء صفقة تبادل أسرى، مقابل إطلاق يد الاحتلال لابتلاع الضفة الغربية.
وأشار بشارات إلى أن تزامن العملية العسكرية وتكثيف العدوان على المخيمات الفلسطينية مع إنهاء الاحتلال لعمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) يعكس هدف تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين والضغط عليهم بشكلٍ أكبر.
وأكد أن الحكم العسكري الإسرائيلي بات قائماً بشكل رسمي في الضفة الغربية، من خلال الحواجز وتقطيع أوصال المحافظات الفلسطينية، إضافة للتحكم تحكم بكافة مقومات الحياة، وهدم البنية التحتية، من أجل إعادة رسم خارطة التوزيع السكاني والجغرافي داخل الضفة وإإزالة الهوية التي كانت موجودة للمحافظات.
وعن اعتداءات المستوطنين المرافقة لعدوان الاحتلال، قال بشارات إنه لا يمكن الفصل بين ممارسات المستوطنين وجيش الاحتلال؛ لأن منبع هذه الممارسات هو عمل مؤسساتي يقوم عليه الاحتلال، فيما تتكامل الأدوار بين جيش الاحتلال ومليشيات المستوطنين لتحقيق هدف الضم والسيطرة على الضفة الغربية.
أبعاد متعددة ومترابطة
من جانب آخر قال الباحث والكاتب ساري عرابي، إن لا يمكن إغفال الهدف الأمني والعسكري للاحتلال من عدوانه على الضفة الغربية وخاصة شمالها.
وأكد أن هذا الهدف تعزز بعد بعد إنتهاء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، من منطلق سياسي داخلي، حيث تسعى دولة الاحتلال لإظهار نفسها بأنها قوية ومبادرة عسكرياً أمام العالم وأمام الإدارة الأمريكية وأمام المستوطنين، من خلال جعل العداون على شمال الضفة الغربية، جزء لا يتجزأ من حرب الإبادة على قطاع غزة، مع استعراض قوتها.
وأشار إلى وجود تفاهمات داخل الإتلاف الحكومي للاحتلال حول إنهاء حرب الإبادة على قطاع غزة، يقابلها عملية واسعة النطاق في الضفة الغربية، حيث أقر جهاز الأمن العام للاحتلال "الشاباك" بضرورة شن حملة عسكرية على شمال الضفة الغربية، ووافقت عليها رئاسة الأركان، بشكلٍ يعكس التنسيق بين المستويين الأمني والعسكري للاحتلال.
وعن أبعاد العملية، قال عرابي إن هنالك عدة أبعاد سياسية وعسكرية وأمنية، ومنها إحكام السيطرة العسكرية على الضفة الغربية، وتحقيق الضم، ومصادرة أكبر قدرٍ ممكن من الأراضي لتوسيع الاستيطان، وإنهاء وتفكيك أي حالة مقاومة في الضفة الغربية، وهي أهداف منسجمة ومتناسقة.
وفي حديثٍ آخر، قال المحلل السياسي محمد القيق، إن ما يجري في الضفة الغربية هو عملية ضم رسمية، تحتاج موافقة رسمية من الإدارة الأمريكية بعد لقاء رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في حين إذا ما تحققت هذه الموافقة، فإن عدوان الاحتلال سيمتد ويتسع ليشمل كافة مناطق الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس المحتلة.
وأوضح القيق أن جيش الاحتلال يحاول استعادة ردعه وتعبئة الفراغ الأمني للمستوطنين، بعد الهزيمة الساحقة التي مُني بها في قطاع غزة أمام المقاومة الفلسطينية، فضلاً عن إشغال الرأي العام الإسرائيلي من خلال خلق صورة بأن جيش الاحتلال لا زال يقاتل.
جرائم مستمرة
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن استشهاد وليد محمد علي لحلوح، (73 عاماً)، اليوم الأحد، برصاص الاحتلال في مخيم جنين.
وأفادت جمعية "الهلال الأحمر الفلسطيني"، في بيان مقتضب، أن طواقمها نقلت شهيدا، من مدخل مخيم جنين، وجرى نقله إلى المستشفى.
يتزامن ذلك مع استمرار العداون الإسرائيلي على مدينة ومخيم جنين منذ 21 يناير/ كانون الثاني الماضي، والذي أدى إلى استشهاد 25 فلسطينيا، وعشرات الإصابات، فضلا عن دمار هائل في الشوارع والبنية التحتية والمنازل، وتهجير مئات العائلات.
وتصاعدت حملة الاغتيالات التي يشنها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، إذ استشهد 7 فلسطينيين خلال ساعات في جنين وطولكرم، في حين اشتبك مقاومون مع القوات المهاجمة بمحاور عدة.
وشنت طائرات الاحتلال المسيّرة مساء أمس السبت غارتين على مدينة جنين شمالي الضفة، مما أسفر عن استشهاد 4 فلسطينيين.
واستهدفت الغارة الأولى دراجة نارية، مما أدى إلى استشهاد فلسطيني، واستشهد في الغارة الأخرى مجموعة من الشبان بالحي الشرقي في المدينة، مما أسفر عن استشهاد 3 فلسطينيين -بينهم طفل- وممرض وإصابة آخرين.