فلسطين المحتلة - قدس الإخبارية: دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الأمم المتحدة إلى إدراج دولة الاحتلال في القائمة السوداء للكيانات المتورطة بالعنف الجنسي في الحروب، وذلك في ضوء الأدلة الموثقة حول استخدامها المنهجي للعنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب وغيره من أشكال الاعتداء الجنسي، كجزء من حرب الإبادة الجماعية التي تشنها ضد الفلسطينيين.
وأعرب المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي اليوم الجمعة، عن قلقه العميق من اجراءات الاحتلال المستمرة والتي تُعرقل كافة تحقيقات الأمم المتحدة المتعلقة بادعاءات العنف الجنسي منذ 7 تشرين أول/أكتوبر 2023، إلى جانب الأدلة القوية التي تشير إلى ارتكاب قوات الاحتلال أعمالًا منهجية وواسعة النطاق من الاغتصاب، وأشكالا أخرى من العنف الجنسي ضد الفلسطينيين والفلسطينيات، خاصة في صفوف الأسرى.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أنّ هذه الأفعال تعد انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، مما يستدعي إدراج دولة الاحتلال على القائمة السوداء للأمم المتحدة للكيانات المشتبه في ارتكابها العنف الجنسي في النزاعات.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّه على مدار حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ 15 شهراً ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، رفض الاحتلال باستمرار التعاون مع كافة هيئات الأمم المتحدة ذات ولاية تحقيقية، بما في ذلك تلك المعنية بالتحقيق في مزاعم الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي ضد الفلسطينيين.
ولفت إلى ما تم كشفه حديثاً بشأن رفض الاحتلال التعاون مع "براميلا باتن" المبعوثة الخاصة الأممية للعنف الجنسي، للتحقيق في مزاعم مرتبطة بالعنف الجنسي، خشية أن يؤدي أن يؤدي التحقيق إلى الكشف عن استخدام سلطات الاحتلال للاغتصاب الجماعي ضد الفلسطينيين على نحو منهجي، بمن في ذلك النساء والأطفال، وذلك بعد أن أكدت المبعوثة الأممية أن الوصول إلى السجون ومراكز الاحتجاز الإسرائيلية للتحقيق في الادعاءات ضد جنود الاحتلال هو شرط حاسم لاستكمال التحقيق وتحقيق العدالة.
وكان تقرير "باتن" السابق، الذي نُشر في 11 آذار/مارس 2024، هو الحالة الوحيدة التي قدمت فيها حكومة الاحتلال معلومات إلى الأمم المتحدة بشأن ادعاءاتها المتعلقة بالعنف الجنسي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن ولاية البعثة الأممية في ذلك الوقت لم تكن تشمل إجراء تحقيق شامل.
وفي حينه أوصى التقرير بضرورة أن تتعاون حكومة الاحتلال مع لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الأرض الفلسطينية المحتلة، وكذلك مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان (OHCHR)، لتسهيل إجراء تحقيقات شاملة في كافة الانتهاكات، خاصة بعد أن منعهم الاحتلال من الوصول والتعاون.
وقال التقرير إنّ أولى المحاولات التي بذلها الاحتلال لحجب الحقيقة وعرقلة العدالة وإجراء تحقيقات أممية كانت في كانون ثان/يناير 2024، عندما منعت حكومة الاحتلال صراحةً أطبائها من التعاون مع لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة، ووصفت اللجنة بأنها "معادية لإسرائيل ومعادية للسامية".
ومنذ ذلك الوقت، واصلت حكومة الاحتلال إصرارها على عدم التعاون مع اللجنة، مما قوض جهود اللجنة لإجراء تحقيق شامل ونزيه، وهو ما يشكل فشلاً في الامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي بالتعاون مع هيئات الأمم المتحدة.
وقال رئيس المرصد الأورومتوسطي "رامي عبده"، إن "رفض الاحتلال المتكرر للتعاون مع جميع تحقيقات الأمم المتحدة في العنف الجنسي يبرهن على أنّ حكومة الاحتلال تستغل هذه الجريمة الخطيرة كأداة دعاية لتبرير وحشد الغطاء لجريمة الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة التي تُبث بشكل حي ومباشر"، مضيفا أن حكومة الاحتلال "تستخدم هذه الادعاءات فقط لفضح وتشويه سمعة منتقديها وإلقاء اللوم على الآخرين عن جرائمها الهائلة ضد الإنسانية".
وبيّن الأورومتوسطي أنّ فريقه الميداني وثق على مدى الأشهر الخمسة عشر الماضية، العديد من حالات العنف الجنسي التي ارتكبتها سلطات الاحتلال، بما في ذلك الاغتصاب والتعذيب الجنسي الفلسطينيين، بمن في ذلك أولئك اختطفوا إلى معسكر التعذيب "سدي تيمان".
وفي إحدى الحالات على الأقل، تعرض أحد المعتقلين لاعتداء مروع تمثل في اغتصابه من كلاب بوليسية إسرائيلية، إذ أفاد المحامي "فادي سيف الدين بكر"، الذي أفرج عنه في 22 شباط/فبراير 2024 بعد 45 يومًا من اعتقاله لفريق الأورومتوسطي: "إن الجنود نزعوا العصابة التي كانت تغطي أعيننا للمرة الأولى، ولاحقًا سحب الجنود شابًا كان يجلس إلى يميني، وأجبروه على النوم على الأرض، وقيدوا يديه وقدميه. وفجأة أطلق جنود الاحتلال الكلاب البوليسية المدربة للهجوم على الشاب حيث تعرض للاغتصاب من الكلاب".
وأضاف "بكر" أنه "طوال فترة الاعتقال، كان هذا من بين أفظع الأشياء التي شهدتها. كان كل شيء صعبًا، وكانت هذه مجرد [حادثة] أخرى تضاف إلى أشكال العذاب المروعة. كنت أتمنى أن أموت حتى لا يحدث لي هذا، لكن أحد الجنود قال لي استعد. [ومع ذلك] حدث أمر استثنائي في السجن؛ وسرعان ما انتهت جلسة التعذيب وتم إعادتنا إلى الأقسام المعزولة".
وأبرز المرصد الأورومتوسطي أنه في بعض الحالات، تعرض فلسطينيون للاغتصاب حتى الموت على أيدي أفراد من جيش الاحتلال الإسرائيلي، فيما وتقدم هذه الحوادث الموثقة دليلاً قوياً على الطبيعة المنهجية والواسعة النطاق لمثل هذه الجرائم المروعة، وتكشف أن سلطات الاحتلال استخدمت العنف الجنسي كتكتيك متعمد لتدمير الفلسطينيين.
وأشار الأورومتوسطي إلى أنّه من بين ما لا يقل عن 36 حالة وفاة لمعتقلين كانوا يخضعون للتحقيق في معسكر الاعتقال سيئ السمعة "سدي تيمان"، حيث استشهد أحد المعتقلين الرجال بعد تعرضه لاغتصاب مروع باستخدام هراوة كهربائية.
وأكد المرصد أنّه من غير المرجح أن يتم التحقيق في هذا العمل الوحشي، إلى جانب العديد من الانتهاكات الأخرى، أو أن تتم مقاضاته داخل دولة الاحتلال، كما ستواصل حكومة الاحتلال منع التحقيق في هذه الجرائم على المستوى الدولي نظراً لاستمرارها منع وعرقلة هذه التحقيقات، مما يؤدي إلى ترسيخ الإفلات من العقاب وحرمان الضحايا من حقوقهم.
وقد وثقت تقارير عديدة صادرة عن منظمات حقوق الإنسان الدولية والأممية بما في ذلك مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ومنظمة العفو الدولية، استخدام الاحتلال المنهجي والواسع النطاق للتعذيب والعنف الجنسي ضد الفلسطينيين.
وأخيرًا، وثق فريق الأورومتوسطي شهادات مروعة في مستشفى "كمال عدوان" شمالي قطاع غزة بشأن الاعتداء الجنسي على نساء، بمن في ذلك طواقم طبية وأطفال، إذ أُجبرت النساء على خلع ملابسهن وأغطية رؤوسهن، وأخضعهن لتفتيش جسدي مهين على يد أفراد من جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وروت إحدى النساء، التي تم إجلاؤها قسراً من المستشفى، لفريق الأورومتوسطي: “أجبر جندي ممرضة على خلع بنطالها ثم وضع يده على أعضائها التناسلية. وعندما حاولت المقاومة، ضربها بقوة على وجهها، مما أدى إلى نزيف من أنفها".
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال وإدارة سجونه ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في قطاع غزة لا ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فحسب، بل تعتبر أيضًا أعمال إبادة جماعية بموجب القانون الدولي.