خاص - شبكة قدس الإخبارية: تتسلط الأضواء اليوم حول مجريات الانتخابات الأمريكية، والتي ستجري بعد يومين في ظل تنافس بين مرشحة الحزب الديمقراطي الأمريكي كاميلا هاريس، ومرشح الحزب الجمهوري الأمريكي دونالد ترامب، في حين لا تنعكس هذه الانتخابات على الواقع الأمريكي فحسب، بل على منطقة الشرق الأوسط بشكلٍ خاص.
تتزامن هذه الانتخابات مع مرور عامٍ كامل على حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة، والممارسات الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة والقدس المحتلتين، إضافة إلى الحرب الإسرائيلية على لبنان التي بدأت قبل نحور شهرين وتزداد حدتها يوماً بعد يوم، يواصل كل من المرشحين الرئاسين، استهداف كبرى الولايات الحاسمة، ضمن المساعي المستمرة لكسب الأصوات قبل أقل من 48 ساعة على موعد الانتخابات المنتظر بعد غد الثلاثاء.
وفي ذات السياق، قال الكاتب الأمريكي جورج ويل في عموده بصحيفة واشنطن بوست إن الخيارات المتاحة في الانتخابات الرئاسية لعام 2024 بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس هي الأسوأ في تاريخ الانتخابات الأميركية.
فيما وصف ويل ترامب بأنه "بركان من الأفكار العشوائية ونوبات الغضب"، في حين اعتبر هاريس غامضة ومتعددة القناعات، مع إشارته أنها قد تتخلى عن معتقداتها الجديدة بالسهولة نفسها التي هجرت فيها نهجها التقدمي السابق، فما المتوقع فوزه في الانتخابات؟ وكيف ستنعكس الانتخابات على واقع المنطقة ومجريات الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان؟
مَن الرئيس القادم؟
في حديث خاص لـ"شبكة قدس"، قال الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات، إن المعطيات الحالية تُشير إلى حالة تقارب وتأرجح بين المرشحين، في حين قد يكون ترامب أكثر حظاً في المرحلة الحالية، بسبب الحالة الشعبوية التي يقودها، إضافةً إلى ضعف إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال السنة الأخيرة وجلبه لعدة مشاكل للمجتمع الأمريكي، في حين تتبع باقي المجريات للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في أمريكا.
ويؤكد بشارات أن دعاية هاريس الانتخابية ومزاعمها حول قدرتها بوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ولبنان، في حين يُنظر لها أنها سيدة، وهي من المفارقات لدى المجتمع الأمريكي أن ينتخب سيدة في انتخاباته، وقد ترجح الكفة لصالح ترامب في هذه الحالة.
وفيما يتعلق بالأحداث في المنطقة وارتباطها بالانتخابات الأمريكية، فإن ذلك يتعلق بالمنظور الأمريكي للعلاقات الخارجية، ويمثل ترامب في هذا المسار توجهاً مجنوناً ومتهوراً في القرارات، مع قدرته على الحسم بالقضايا الخارجية، سواء بالذهاب إلى مواجهات أم استقرار في العالم ككل، بينما لا تحمل هاريس القدرة على حسم القضايا الخارجية وهي تتشابه من الرئيس الأمريكي الأسبق جو بايدن.
كيف ستنعكس الانتخابات على حرب الإبادة؟
وحول هذه الجزئية قال بشارات، إن قرار وقف الحرب لا يتخذه الرئيس الأمريكي وحده، بل امتداد لمؤسسات الدولة الأمريكية وخاصة المؤسسات العميقة المؤثرة على القرارات، إضافة لنفوذ البنتاغون الأمريكي وارتباطاته الأمنية والعسكرية والبحثية، في حين يؤكد بشارات أن قرار الحرب اتُخذ من الدولة العميقة في أمريكا، وقرار وقفه سيكون بيد الدولة العميقة أيضاً، ولهذا السبب يرى بشارات أن الرئاسىة الأمريكية لن توافق على وقف الحرب على حساب المصالح الإسرائيلية، أياً كان الرئيس القادم، مع استمرار الحرب لفترة ليست بالقصيرة، مع امتداداتها وتنوع أشكالها وربما فتح جبهات جديدة كإيران.
أما مزاعم المرشحة كاميلا هاريس وحديث الترامب عن وقف الحرب، فيقول بشارات أن حديث المرشحين عن وقف الحرب هو جزء من الخطاب الدعائي المرتبط بالدعاية الانتخابية، وبعيد كل البعد عن القرار الفعلي على أرض الواقع، لأن قرار الحرب واستمرارها مُجهز مسبقاً قبل الانتخابات بالأصل، مع عدم وجود قدرة لأي منهما لتحقيق مزاعمه.
دعم لن يتوقف وتصعيد قادم
وعن تأثيرات فوز ترامب على العدوان الإسرائيلي ضد غزة ولبنان، أكد بشارات أن الدعم الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي على مختلف الأصعدة العسكرية والمالية والدبلوماسية، لأن الولايات المتحدة الأمريكية قدمت وستقدم أوسع ما لديها لصالح الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف بشارات أن كلاً من هاريس وترامب سيبذلان ما بوسعهما إلى محاولة حسم المعركة لصالح الاحتلال في المرحلة المقبلة، بينما يبقى ميدان القتال المعضلة الأكبر التي ستواجه الاحتلال والجانب الأمريكي على حدٍ سواء، وقدرة قوى المقاومة على فرض واقع جديد وتحديات إضافية، يُجبر الولايات المتحدة والاحتلال على وقف الحرب، في حين يتوقع بشارات أن المرحلة التي ستعقب الانتخابات ستشهد المنطقة تصعيداً مرتفع الوتيرة، قد تكون مدفوعة إسرائيلياً من نتنياهو وحكومته وتيار الصهيونية الدينية، وجعل الولايات المتحدة الأمريكية من تقود الحرب بنفسها في المرحلة المقبلة، وليس الاتكاء على الاحتلال الإسرائيلي باعتباره الذراع الأمريكي المُنفذ في المنطقة.
انعكاسات محدودة وضائقة كبيرة
وفي حديثٍ آخر مع الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفيق عوض، أكد أن نتائج الانتخابات الأمريكية لن تحمل انعكاسات كبيرة أو بارزة على مجريات حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة ولبنان، لأن الجهات المتنفذة داخل أمريكا لا تتأثر بتغير الرؤساء، فيما تسير السياسة الأمريكية وفق قةاعد ثابتة تعمل على حفظ وحماية دولة الاحتلال في المنطقة مهما كلف الثمن.
وأكد عوض أن تأثيرات الانتخابات يمكن أن تكون على شكل تسوية سياسية محدودة تُحقق إنجازات لدولة الاحتلال وحلفائها، أو شراء مزيداً من الوقت، مع عدم وقف الحرب.
أما عن تصريحات هاريس بوقف الحرب، فقال عنها عوض أنها مجرد مزاعم كاذبة، لأنها هي جزء من إدارة بايدن التي دعمت حكومة نتنياهو منذ بدء حرب الإبادة، وأمدتها بالسلاح والذخائر التي ذُبح بها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة على مدار عامٍ كامل، بالتالي فإن حديث هاريس مجرد دعاية انتخابية فقط لا غير، بعيدةً كل البُعد عن الواقع.
وعن تداعيات فوز دونالد ترامب، فوصف عوض ذلك بالورطة الحقيقية، استناداً على صرح به ترامب سابقاً بتوسيع حدود "إسرائيل" وضم الضفة، وعمله على إنهاء حل الدولتين وإمداداها بالسلاح بشكلٍ كبير مع توفير غطاء إضافي لحرب الإبادة على قطاع غزة.
وفي حال فوز هاريس، يتوقع عوض أن هذا ممكن أن يحقق وقف إطلاق نار مؤقت في قطاع غزة، وإدخال المزيد من المساعدات دون تغير حقيقي في المشهد القائم، بينما فسر عوض فوز أي من الطرفين هو ضائقة كبيرة سيعاني منها الشعب الفلسطيني.