شبكة قدس الإخبارية

ما بين التوحش والاستنزاف.. كيف تبدو جبهات القتال مع الاحتلال؟

photo_2024-10-16_01-45-51

متابعة - شبكة قُدس: في 1 أكتوبر الجاري نفذت إيران تهديدها بضرب عمق الاحتلال بأكثر من مئتي صاروخ بالستي، بعضها أصاب قواعد جوية ومراكز حساسة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، فيما تسبب بعضها الآخر في دمار كبير في الممتلكات، حيث رصدت بعض التقارير العبرية أضرارا في 100 مبنى في منطقة "تل أبيب". وقد كانت الضربة ردا على اغتيال الاحتلال لرئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية وأمين عام حزب الله حسن نصر الله.

خالفت الضربة الإيرانية معظم التقديرات بأن إيران لن ترد وإن ردت فإنها ستكتفي برد رمزي، وقد كان هذه التقديرات سائدة حتى في أوساط المحللين والنخب لدى الاحتلال. وبالقدر الذي أدخلت فيه الضربة، الاحتلال، في حالة من عدم الثقة بتقديراته، عقدت عليه كذلك مهمة الرد، وقد تباينت التوجهات لدى الاحتلال من ضرب المنشآت النووية أو النفطية وصولا لرد رمزي يحفظ ماء الوجه، ولكن التقدير السائد أن الرد لن يؤدي إلى حرب شاملة.

على الجبهة الشمالية، أيضا سعى الاحتلال لطمئنة مستوطنيه بأنه استطاع اغتيال قادة حزب الله ودمّر قدراته العسكرية بنسبة كبيرة خاصة الصواريخ، لكن هذه الرواية تصطدم يوميا بصافرات الإنذار التي تدوّي في حيفا وما بعدها وما حولها وفي شمال فلسطين المحتلة. بينما يعلن الاحتلال أن هجومه البري على جنوب لبنان هدفه عودة المستوطنين الهاربين إلى مستوطناتهم في الشمال، تزداد وتيرة التهجير والهروب من المستوطنات الشمالية وتتسع دائرتها. 

وفي جبهة غزة، تتصاعد وتيرة المقاومة، سواء بقصف مستوطنات الغلاف خاصة في الأسابيع الأخيرة، أو في العمليات الميدانية التي تستهدف جيش الاحتلال، وقد أعلن الاحتلال في الأيام الأخيرة عن مقتل ما لا يقل عن 5 جنود في كمائن واشتباكات مع المقاومة، بينما يبدو هدف الاحتلال في استعادة أسراه وتفكيك قوة المقاومة، صعبة التحقيق بعد عام على بدء القتال في قطاع غزة، وبالتالي فإن هذه الأهداف تسقط كل يوم في الميدان. 

وفي السياق يرى الصحفي المتابع للشأن الإسرائيلي محمد بدر أن الاحتلال يحاول تحقيق إنجازات تكتيكية سريعة صادمة تدفع الطرف المقابل إلى القبول بالحلول التي يطرحها، ولكن جبهة المقاومة كما يبدو قررت خوض حرب استنزاف مع الاحتلال لن يستطيع تحملها بسبب تأثيرها الكبير على اقتصاده وجيشه والروتين اليومي لمستوطنيه، ولهذا فهو يقع بالوحل الاستراتيجي بينما يحاول النجاة بأساليب تكتيكية. 

ويوضح أن الاحتلال مطالب أمام جمهوره بالإجابة على أسئلة كبيرة بعد انتهاء الحرب: هل انتهى تهديد حماس من قطاع غزة وحزب الله من جنوب لبنان؟! هل الثمن الذي دفعه في عملياته العسكرية وإطالة أمد الحرب حقق له هدف استعادة جنوده الأسرى من قطاع غزة؟!. هل انتهى محور المقاومة من المنطقة ولم تعد إيران عاملا مؤثرا فيها؟!. لعل أصدق ما قيل إسرائيليا في هذا الموضوع تصريح رئيس بلدية كريات شمونة بأنه ما دامت إيران قادرة على دعم فصائل المقاومة فالأخيرة ستتعافى وتعيد الكرة مرة أخرى.

ويشير بدر إلى أن الرد الإيراني أحرج المستويين السياسي والعسكري الإسرائيليين أمام جمهورهم، وقلّص خياراتهم في التعامل مع طهران، إذ أن الرد الإيراني يعتبر الأكبر والأوسع كهجوم من طرف دولة في تاريخ الاحتلال، وهذا يدعو إلى التأمل بالنسبة للإسرائيليين حول ما إذا كانت موازين الردع ستبقى كما هي مع إيران.

ويؤكد الصحفي المتابع للشأن الإسرائيلي أن الخسارات اليومية التي يتلقاها الاحتلال على كل الجبهات تدفع به باتجاه التوحش على أمل أن يستسلم الطرف الآخر، لكن تصميم المقاومتين اللبنانية والفلسطينية في القتال تحت سقف شروطهما وبمساندة من المقاومتين العراقية واليمنية، سيدفع الرأي العام لدى الاحتلال للتوجه نحو وقف الحرب كخيار لإنهاء حالة الاستنزاف الأمني والاقتصادي والاجتماعي.