خاص - شبكة قدس الإخبارية: تواجه الضفة المحتلة حرباً تدميرية مع هجمة استيطانية غير مسبوقة، تتعالى بعض الأصوات لتحميل المقاومة المسؤولية عن ذلك، دون النظر إلى المخططات الإسرائيلية التي كانت تُحاك خلال السنوات السابقة لإحكام السيطرة على الضفة والقدس المحتلتين، تمثلت هذه المخططات بالسيطرة الواسعة على الأراضي ورفع وتيرة عمليات هدم منازل الفلسطينيين في الضفة والقدس المحتلتين.
وخلال العقد الأخير بلغت ميليشيات المستوطنين ذروة قوتها، وارتكابها آلاف الجرائم والاعتداءات على الفلسطينيين بمختلف مناطق الضفة المحتلة، تمثلت بعمليات القتل والحرق والاستيلاء على أراضي الفلسطينيين بالقوة، يتم ذلك تحت غطاءٍ كامل من حكومة وجيش الاحتلال.
خطة الضم وفرض السيطرة
في وقتٍ سابق أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عشية الانتخابات عام 2019 عن رغبته في ضم الضفة المحتلة، إضافة لإعلان حكومة الاحتلال ال37 برئاسته في خطوطها العريضة أن "للشعب اليهودي الحق الحصري في تقرير المصير على أرض إسرائيل كاملة"، وهو ما ترجمه في الاتفاق الائتلافي مع حزب الصهيونية الدينية على شكل تعهد "ببسط السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.
فيما تناولت الخطة ضم مستوطنات الضفة وضم غور الأردن، وسعت حكومات الاحتلال لذلك فعلاً من خلال توسيع عمليات السيطرة على الأراضي الفلسطينية واستخدامها لشق الطرق التي تربط بين كبرى المستوطنات والداخل المحتل، إضافة لبسط السيطرة على مساحات من الأغوار لإنشاء البؤر الاستيطانية.
يرافق عملية السيطرة هذه التضييق على حياة الفلسطينيين هناك، وحرمانهم من ممارسة الأنشطة الاقتصادية المتنوعة لا سيما الزراعة، إضافة لسرقة المياه الجوفية من باطن أراضي الضفة وحرمان أصاحبها منها، فضلاً عن مهاجمة التجمعات البدوية الفلسطينية في الأغوار وطردهم وسرقة مواشيهم من قبل المستوطنين، إضافة لإطلاق يد سلطات الاحتلال بتنفيذ عمليات هدم للمنازل بشكلٍ موسع.
خلال عام 2022 قال المتحدث إن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة أنه وثق تهجير ما لا يقل عن 399 فلسطينيا من تجمعات بدوية في الضفة الغربية المحتلة إثر أعمال عنف ارتكبها المستوطنون، في حين، سجلت 591 حادثة نفذتها ميليشيات المستوطنين في الأراضي المحتلة خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2023 أسفرت عن إصابات بين الفلسطينيين أو أضرار في الممتلكات أو كليهما.
ووفق معهد أريج، أعلن الاحتلال عن 152 مخططا بالضفة تضم 21 ألفا و988 وحدة استيطانية، وتقام على نحو 9657 دونماً من الأراضي الفلسطينية خلال عام 2023، وإضافة إلى المخططات، تم شق طرق استيطانية بطول 938 كيلومتر، صودرت خلالها آلاف الدونمات، وآلاف أخرى بأوامر عسكرية وذرائع مختلفة، إضافة ل58 مخطط استيطاني في مدينة القدس المحتلة تضم 5760 وحدة استيطانية.
كافة هذه الإجراءات الاستيطانية كانت بمثابة تطبيقٍ فعلي لقرار الضم الذي أُعلن عنه منذ عام 2019، وسعت سلطات الاحتلال لتطبيقه خلال السنوات الماضية، في حين تُبتلع أراضي الضفة دون رقيب، ثُم تُحمل المسؤولية للمقاومة.
تحجيم الصراع
خلال ذلك سعت حكومات الاحتلال المتلاحقة إلى إفراغ الصراع في الضفة من مضمونه الحقيقي عبر تحويل السلطة الفلسطينية كونها الجهة الأكثر نفوذاً في الضفة، إلى مجرد وكيل أمني لدى الاحتلال مجرد من القوة الدبلوماسية والشرعية السياسية سواء كان على صعيدٍ عالمي أو محلي، وفرض حصارٍ ماليٍ عليها.
يتم ذلك من خلال نزع أي شرعية سياسية للسلطة وإبقائها في نطاق التنسيق الأمني الذي يخدم الاحتلال بشكل استخباراتي بالدرجة الأولى، فيما يواصل الاحتلال سياسة الاستفراد في واقع الضفة الغربية ومحاولات إنهاء الوجود الفلسطيني بها، ومع ذلك تستمر السلطة بمحاربتها للمقاومة.
الصهيونية الدينية والسيطرة على المسجد الأقصى
شهدت الأعوام الماضية تصاعد نفوذ الصهيونية الدينية داخل مجتمع الاحتلال، إضافة لتوسيع نفوذها في حكومة الاحتلال بالتعاون مع جزء كبير من اليمين القومي الصهيوني، ومن أبرز مخططاتها فرض الإحلال الديني التام لليهود في المسجد الأقصى المبارك، إضافة لتطلعاتها إلى إزالته من الوجود وتأسيس الهيكل المزعوم في مكانه وعلى كامل مساحته.
يتجلى ذلك على الأرض من خلال تكثيف الاقتحامات للمسجد وإداء الطقوس التلمودية في ساحاته وتدنيسها، في حين تم تكريس الساحة الشرقية للأقصى للمستوطنين المقتحمين باعتبارها "كنيساً غير معلن"، وباتوا يؤدون كل طقوسهم فيها بحرية بينما يُمنع المرابطون وحراس المسجد الأقصى من مجرد الاقتراب منهم بمسافة تسمح بالتصوير، وهو ما يكرس التقسيم المكاني ولو مؤقتاً، والجديد في الاقتحامات الأخيرة أن هذه الطقوس كلها نقلت إلى الساحة الغربية للمسجد الأقصى مقابل قبة الصخرة لتؤدى هذه الطقوس الجماعية العلنية لأول مرة هناك بهذا الشكل، في محاولة لإضافة مساحة جديدة باعتبارها "كنيساً غير معلن"، إضافة إلى ذلك تساهم الصهيونية الدينية في تنفيذ سياسة هدم المنازل في أحياء مدينة القدس المحتلة، وفرض حرب ضد الوجود الفلسطيني هناك.
بهذا يتلخص واقع الضفة المحتلة قبل معركة طوفان الأقصى وقبل تصاعد المقاومة المسلحة في الضفة، حيث يُثبت كل ذلك المطامع الاستيطانية التي تستهدف الضفة والقدس المحتلتين بالدرجة الأولى دون وجود مقاومة، حتى نهضت المقاومة لمحاربة كل هذه المخططات مهما كلف الثمن.