شبكة قدس الإخبارية

عقب تصريح بن غفير بإقامة كنيس في الأقصى.. هل بدأ ذلك فعلاً؟

WhatsApp Image 2024-08-26 at 8.01.51 PM

خاص - شبكة قدس الإخبارية: أعلن وزير الأمن القومي الصهيوني في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير عن نيته بإقامة كنيس يهودي في المسجد الأقصى المبارك، وزعم بن غفير وفقاً ما نقلته إذاعة جيش الاحتلال "أن القانون يساوي بين حقوق المسلمين و المستوطنين اليهود في إقامة الصلوات في المسجد".
وقبل أسابيع، اقتحم وزير الأمن القومي الإسرائيلي مع وزير شؤون النقب والجليل يتسحاق فاسرلاوف من حزب "عظمة يهودية، إضافة ل2250 مستوطناً في ما يسمى ب"ذكرى خراب الهيكل".
يأتي هذا التصريح على وقع هجمةٍ تهويدية غير مسبوقة يعيشها المسجد الأقصى المبارك، تزداد حدةً يوماً بعد يوم، مع تصعيد سياسة الإبعاد التي تنتهجها سلطات الاحتلال ضد المرابطين والمرابطات هناك، والذين تطورت عملية إبعادهم لتكون إبعاد عن البلدة القديمة في القدس وليس عن المسجد الأقصى فحسب.
ويشارك في هذه الهجمة وزراء حكومة الاحتلال يسعون لاستمالة أكبر عدد ممكن من المستوطنين المتدينين وتوفير مساحة لهم باقتحامات الأقصى لكسب دعمهم للحكومة، فضلاً عن رغبة بن غفير الشخصية، بالسيطرة على الأقصى والسعي لتهويده، مع تصاعد نفوذ الصهيونية الدينية في حكومة الاحتلال.
وعملت الصهيونية الدينية ومعها جزء كبير من اليمين القومي الصهيوني خلال السنوات الماضية على الإحلال الديني التام لليهود في المسجد الأقصى المبارك، إضافة لتطلعاتها إلى إزالته من الوجود وتأسيس الهيكل المزعوم في مكانه وعلى كامل مساحته، وقد تبنت في سبيل تحقيق ذلك ثلاثة خطط مرحلية هي التقسيم الزماني والتقسيم المكاني والذي يعني اقتطاع مساحةً من المسجد وتحويلها إلى مساحة خاصة للصلاة والطقوس التلمودية، إضافةً للتأسيس المعنوي للهيكل من خلال فرض الطقوس التوراتية في المسجد الأقصى المبارك.

 

تطبيق تدريجي وتصريح إعلامي
وفي حديثٍ خاص لشبكة قدس، قال الباحث في شؤون القدس زياد بحيص إن التصريح الأخير لبن غفير هو تعبير عن برنامج عملي ممارس وهو ليس بالون اختبار ولا مجرد فرقعة سياسية رغم الأسلوب الاستعراضي المعتاد الذي يصبغ أداء بن جفير السياسي، فالبرنامج السياسي المركزي الذي أوصل بن جفير إلى هذا الموقع هو تهويد المسجد الأقصى وتبديل هويته من مسجد إسلامي إلى هيكل يهودي، وقد تلقى من اتحاد منظمات الهيكل المتطرفة رسالة مطالب من 11 بنداً تضمنت السماح بالاقتحام الحر وتعزيز الحماية للمقتحمين وزيادة أعدادهم وتمكينهم من أداء الطقوس التوراتية ومن إدخال أدوات الصلاة التوراتية، وبناء كنيس في الأقصى كان البند الخامس منها.
وأضاف بحيص أنه يتم التعامل مع الساحة الشرقية للمسجد الأقصى باعتبارها "كنيساً غير معلن"، حيث يؤدي فيها المقتحمون الصهاينة طقوسهم خلال فترات الاقتحام فيما يمنع المصلون والمرابطون وحراس الأقصى وموظفو الأوقاف من دخولها أو حتى من الاقتراب منها بمسافة تسمح بالتصوير خلال الاقتحامات، وبالتالي فإن بن جفير يحاول تكريس واقعٍ جرى التمهيد له، ضمن مخطط تدريجي يتطلع للإحلال الكامل وتحويل المسجد الأقصى المبارك بكامل مساحته إلى هيكل، ولا بد من التعامل معه بجدية ومجابهته بكل الطرق الممكنة وأولها كسر الاستفراد عن الساحة الشرقية للأقصى.
وأكد بحيص أن ما يقوم به بن غفير ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو هو لعبة تبادل أدوار واعية، بحيث يفرض بن غفير تغييرات محددة باعتباره المسؤول المباشر عن شرطة الاحتلال، ثم يصرح نتنياهو أو مكتبه بأنه يتمسك بـ: "الوضع القائم" بعدها دون أن يلغيها أو يغيرها، وهو يقصد بذلك أن يكرس أنه يتمسك بالوضع القائم بما يشمل هذه التغييرات، ويستخدم الوضع القائم باعتباره مصطلحاً مطاطياً دائم التغير، بخلاف تعريفه الثابت في القانون الدولي باعتباره بقاء الأقصى على ما كان عليه قبل اندلاع حرب 1967؛ وبالتالي فإن تصريح بن غفيرر اليوم مقصود حتى يستجلب تعقيب نتنياهو ويحصل على المظلة السياسية لفرض الطقوس التوراتية في الأقصى.
ومن ناحية عملية على ارض الواقع يرى بحيص أنه منذ يوم 13 آب/أغسطس الجاري وما جرى من اقتحام واسع للأقصى في ما يسمى ب"ذكرى خراب الهيكل" وقيام المجموعات المتطرفة طقس الانبطاح "السجود الملحمي" والذي أصبح يؤدى بشكل جماعي في كل اقتحام للأقصى تقريباً، وهو تطور يحصل في الأقصى لأول مرة منذ احتلاله، ويبني على اعتداءات تدريجية سابقة على طريق طمس هويته الإسلامية وفرض هوية يهودية في مكانها ضمن توظيف للطقوس كأداة استعمار وهيمنة.

نُذر حربٍ دينية
وفي أعقاب تصريح بن غفير حذّر المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ محمد حسين، من حرب دينية تطال العالم أجمع، في حال تم المس بالمسجد الأقصى المبارك. وقال في بيان: "إن التهديد ببناء كنيس في المسجد الأقصى المبارك، والسماح للمستعمرين المتطرفين بأداء رقصات وغناء والمسّ بحرمة المسجد الأقصى المبارك، يدفع المنطقة إلى الانفجار، الذي سيطال العالم أجمع".
ويأتي تصريح بن غفير حول إقامة كنيس في المسجد الأقصى في إطار رحلة تاريخية من التهويد للأقصى منذ احتلاله قبل 6 عقود، شملت اقتحام واسع للحرم القدسي من قبل جيش الاحتلال بعد إحكام سيطرته على المدينة عقب حرب عام 1967 ثم إحراق المصلى القبلي عام 1969، إضافةً للعديد من المجازر التي ارتكبت في ساحاته كمجزرة الأقصى الأولى عام 1990.
وإضافةً إلى ذلك سعت سلطات الاحتلال لبسط سيطرتها على البلدة القديمة في محيط المسجد وإقامة مراكز لشرطة الاحتلال ومدارس دينية للمتطرفين اليهود، حيث أسس الحاخام "شلوموغورين" حاخام جيش الاحتلال مدرسة دينية بجوار باب المغاربة، وقام بنقل عائلات يهودية إلى مساكن جديدة، وأقام الصلاة بشكل منتظم في المدرسة، كما عُين 10 ضباط من جيش الاحتلال لإدارة المكان الذي استمر نحو 40 يوماً عام 1967، لكن بعد ذلك، أمر وزير دفاع الاحتلال في تلك الفترة، موشيه دايان، بإخلاء المدرسة وتسليم السيطرة على الحرم القدسي للأوقاف الإسلامية، ورغم ذلك استمرت حكومات الاحتلال المتعاقبة بتهويدها للمدينة وللمسجد الأقصى.

#القدس المحتلة #حكومة الاحتلال #بن غفير #المسجد الأقصى المبارك