خاص - شبكة قدس الإخبارية: تتعرض الحركة الطلابية في الجامعات الفلسطينية إلى عمليات استهدافٍ متتابعة من قبل الاحتلال الإسرائيلي بشكل دائم، زادت حدة هذه الاستهدافات منذ الأيام الأولى لطوفان الأقصى، وصلت إلى حد إعادة اقتحام جيش الاحتلال لحرم جامعتي بيرزيت والنجاح وتحطيم مجالس الطلبة فيهما، فضلاً عن الاعتقالات في صفوف الطلبة.
استهدفت هذه الاعتقالات رؤساء وأعضاء مجالس الطلبة في بعض الجامعات، ومنسقين الأُطر الطلابية، وغالبية الطلبة الذين شاركوا في المظاهرات والوقفات في مراكز المدن الفلسطينية، تُظهر هذه الاستهدافات أن من أولويات الاحتلال الإسرائيلي ضرب الحركة الطلابية وتفكيكها وانهاك كادرها بالاعتقال نظراً لإدراكه بمسؤولية الحركة الطلابية ودورها التاريخي في المشاركة بأحداثٍ تاريخية بارزة كان لها وقع على صعيد سياسي وجماهيري.
وطالت هذه الاعتقالات ناشطات الحركة الطلابية من الطالبات لا سيما في الآونة الأخيرة كالطالبتين في جامعة بيرزيت أمل شجاعية ووفاء نمر، وهما من القائمات بأعمال لجان مجلس الطلبة.
تاريخ من النشاط السياسي - الجماهيري
لا يمكن الفصل بين نشأة وتطورات الحركة الطلابية في جامعات الضفة الغربية وقطاع غزة وبين تطورات الحركة الوطنية الفلسطينية منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، وتزامن صعود الحركة الطلابية مع صعود النشاط الفدائي لفصائل منظمة التحرير وتحديداً في أعقاب معركة الكرامة عام 1968، حيث وجد طلبة الجامعات الفلسطينية أنفسهم أمام مرحلة جديدة وأفق سياسي يحتاج جهودهم وطاقاتهم الشبابية فبدأ تشكيل الأطر الطلابية المختلفة والتي تستمد مرجعيتها من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وخاصة حركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والحزب الشيوعي الفلسطيني.
وبعد تشكيل هذه الأُطر وقع على عاتقها مسؤوليات إحداث نوعٍ من التعبئة الجماهيرية ونشر الثقافة الوطنية إضافة لترسيخ قواعد العمل الاجتماعي التعاوني في مواجهة الاستيطان من جهة ودعم المزارع الفلسطيني ورعاية عائلات الشهداء والأسرى، إضافة إلى مساعدة طلبة الجامعات وتقديم الخدمات لهم.
التيار الإسلامي ودخوله إلى الحركة الطلابية
في منتصف السبعينيات شهدت الجامعات الفلسطينية بروز تيار جديد وهو التيار الإسلامي الذي اتخذ مرجعياته من حركة الإخوان المسلمين، غير أن ثمة إضافة أحدثها هذا التيار تمثلت بالدمج بين الوعي الوطني والعمل الاجتماعي على أساسٍ إسلامي وتحفيز العمق الديني للقضية الفلسطينية، واشتراك هذا التيار في كافة المظاهر والأنشطة الوطنية في الجامعات، أبرزها موجهات جامعة بيرزيت عام 1986، ومواجهات الجامعة الإسلامية في قطاع غزة.
إضافةً إلى توسيع عملية التنافس والانتخابات بين التيارات المختلفة وتنظيم عملية انتخاب ديمقراطي لقيادة مجالس الطلبة ولجانه في الجامعات، وكان أحد أبرز طلبة الحركة الطلابية من التيار الإسلامي في هذه المرحلة، الشهيد يحيى عياش في جامعة بيرزيت، وقائد أركان المقاومة محمد ضيف في الجامعة الإسلامية في غزة.
دور الحركة الطلابية في الانتفاضة الأولى وما بعدها
ما إن دخل عام 1987 حتى كانت الحركة الطلابية بمختلف تشكلاتها قد قطعت شوطاً كبيراً في عملية التعبئة الجماهيرية ونشر الثقافة الوطنية في الضفة الغربية وقطاع غزة، تظافرت هذه الجهود عن اندلاع الانتفاضة الأولى أواخر عام 1987 وانطلاقة حركة حماس بعدها بأيام والتي دفعت بإطارها الطلابي إلى الانتفاضة بقوة، إضافة إلى قرار فصائل المنظمة بالاندماج كلياً في الانتفاضة وتشكيل القيادة الوطنية الموحدة في الأيام الأولى من عام 1988.
ويمكن القول إن عناصر الحركة الطلابية كانوا هم وقود الانتفاضة سواء طلبة الجامعات، مع لجان الثانوية العامة في المدارس، وكان يتم ذلك من خلال تنظيمهم للإضرابات والمشاركة في المواجهات وخط الشعارات على الجدران.
نجحت الحركة الطلابية في الاستمرار بنشاطاتها مع توقف الانتفاضة عام 1993، إذ انخرط بعض أعضاءها في خلايا عسكرية نفذت عدة عمليات ضد الاحتلال كالشهيد خليل الشريف من جامعة بيرزيت والأسير معاذ بلال من جامعة النجاح الوطنية وغيرهم، إضافة إلى دفع الحركة الطلابية عناصرها إلى نقاط المواجهة والتماس في هبة النفق عام 1996.
ولم تقف الحركة الطلابية مكتوفة الأيدي أمام اتفاقيات السلام التي جرتها اتفاقية وأسلو، ولم تستسلم لمحاولات التركيع، تجلى ذلك عند قيام الشهيد الطالب آنذاك خضرعدنان وزملائه في الحركة الطلابية بطرد السفير الفرنسي وضربه في جامعة بيرزيت عام 2000.
وفي هذه المرحلة دفع عناصر الحركة الطلابية ثمن مواقفهم بالاعتقالات السياسية لدى السلطة، كان جلهم من الأطر الطلابية لحماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية.
انتفاضة الأقصى..القيادة العسكرية من قلب الحركة الطلابية
عندما انطلقت شرارة انتفاضة الأقصى في أيلول عام 2000، انخرطت الحركة الطلابية بثقلها في أحداثها الجماهيرية أثناء شهورها، وما لبث قادة ووجوه الحركة الطلابية إلى أن بادروا بتشكيل المجموعات العسكرية من مختلف الفصائل، وكان للشهيد الطالب في جامعة النجاح هاشم النجار السبق بتنفيذ أول عملية استشهادية تفجيرية في انتفاضة الأقصى تبعه زميله في الجامعة الاستشهادي الطالب حامد أبو حجلة، وكان كلاهما من الكتلة الإسلامية في الجامعة، إضافة إلى التحاق الطالب يامن فرج بكتائب الشهيد أبو علي مصطفى، وكان قد شغل منصب منسق الإطار الطلابي للجبهة الشعبية في جامعة النجاح.
وشغل كوادر الحركة الطلابية مراكز قيادية متقدمة في التشكيلات العسكرية أثناء الانتفاضة كالشهيد الطالب هشام أبو حمدان قائد كتائب شهداء الأقصى في مخيم بلاطة والكادر بحركة الشبيبة الطلابية في جامعة النجاح، إضافة للشهيد محمد سدر منسق الرابطة الإسلامية في جامعة البوليتكنك وقائد سرايا القدس في جنوب الضفة الغربية، والشهيد رامي سعد رئيس مجلس طلبة الجامعة الإسلامية وقائد الوحدة العسكرية 103 في كتائب القسام.
ناهيك عدد أعضاء الحركة الطلابية الذين نفذوا وشاركوا في عمليات عسكرية مباشرة أبان الانتفاضة كالشهيدين ضياء الطويل وإيهاب أبو سليم وكلاهما من عناصر الكتلة في جامعة بيرزيت، والأسير محمود شريتح رئيس مجلس طلبة جامعة بيرزيت.
تاريخ متجدد..الحركة الطلابية ومحاولات النهوض
لم تنعزل الحركة الطلابية عن المقاومة رغم حالات الركود السياسي التي شهدتها القضية الفلسطينية في مرحلة ما بعد 2007، بل لم تفوت الحركة الطلابية أي حدثٍ لاستثماره في جهدٍ وطني وجماهيري كالمشاركة في المواجهات على نقاط التماس أثناء حرب 2014 واستشهاد بعض أعضائها واعتقالهم أثناء تنفيذهم عمليات عسكرية كالشهيد الطالب في جامعة أبو ديس ضياء التلاحمة وهو من ناشطين الرابطة الإسلامية، والأسير بلال غانم من ذات الجامعة والناشط في الكتلة الإسلامية حيث حكم عليه بالسجن مدة 3 مؤبدات بعد تنفيذه لعلمية إطلاق نار وطعن، إضافة لمحاولات سبقت الطوفان بسنوات وشهور خاضها أبناء الحركة الطلابية كالأسير يزن مغامس من جامعة بيرزيت والشهيد مهند الصفدي من جامعة النجاح وغيرهم.
جوبهت الحركة الطلابية في أعقاب ذلك بعمليات تضييق ممنهجة ومنسقة بين الاحتلال والسلطة تمثلت بملاحقة كوادرها واعتقالهم وتعذيبهم في السجون، إضافة لممارسة الترهيب والوعيد ضدهم، ويقول أحد عناصر الحركة الطلابية في جامعة بيرزيت أنه وقُبيل الافراج عنه لتهديداتٍ مباشرة من ضباط الشاباك وصلت حد التهديد بالقتل في حال سعى لتفعيل الكتلة الإسلامية في الجامعة، هذه الهجمة على الحركة الطلابية تعكس مدى قوة تأثيرها لذلك يسعى الاحتلال إلى إنهائها.