شبكة قدس الإخبارية

هكذا حاولت السلطة إجهاض مسار المقاومة في الضفة خلال الحرب على غزة 

20230830013413

فلسطين المحتلة - شبكة قُدس: رغم اندلاع الحرب على غزة منذ نحو ثمانية أشهر، إلا أن ذلك لم يمنع الأجهزة الأمنية والسلطة الفلسطينية من ملاحقة المطاردين للاحتلال والتضييق على عمل المقاومة المسلحة في الضفة الغربية المحتلة وكذلك مواصلة التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي. 

وسلوك السلطة الفلسطينية بالخصوص، يثير تساؤلات عن حقيقة انخراطها في مشروع الخطة الأمنية التي طرحتها الولايات المتحدة في فبراير/ شباط 2023 التي سميت "خطة فنزل" على اسم المنسق الأمني الأميركي الجنرال مايكل فنزل الذي صاغها.

وكان فنزل أعلن الخطة الأمنية بعد اجتماع العقبة بالأردن تحت إشراف أميركي من طرف بيرت ماكرغك مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، وشاركت فيه وفق صحيفة يديعوت أحرونوت، مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربارا ليف.

وحضر من الاحتلال الإسرائيلي تساحي هنبغي مستشار الأمن القومي، ورئيس الشاباك رونين بار، ومنسق عمليات حكومة الاحتلال في الضفة غسان عليان، في حين شارك من الجانب الفلسطيني أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ ورئيس جهاز المخابرات ماجد فرج، ومجدي الخالدي المستشار الدبلوماسي للرئيس محمود عباس.

وجاءت القمة بعد فشل الاحتلال في فرض سيطرته الأمنية على المقاومة، منذ الحرب الإسرائيلية على غزة التي أطلقت عليها المقاومة "سيف القدس" صيف العام 2021، وما تلاها من تصعيد للعمل المقاوم في الضفة الغربية.

وهدفت تلك الخطة بحسب البنود التي نشرها الإعلام الإسرائيلي حينها لإعادة سيطرة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية على شمال الضفة الغربية من أجل تهدئة التوتر بالمنطقة.

وقد أشارت القناة الإسرائيلية الـ14 إلى أن رئاسة السلطة وافقت على الخطة وخضعت لضغوط إدارة الرئيس جو بايدن، على أن يكون تنفيذ الخطة جزءا من إعادة إنتاج دور السلطة أمنيا، وتفعيل التنسيق الأمني إلى سابق عهده.

وتبني الخطة أهدافها، بحسب ما نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، بإنهاء المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، وتغيير توجهات السلطة الفلسطينية بحيث تصبح أكثر صلابة في التعاطي مع المقاومين الفلسطينيين.

كما تركز أهداف الخطة بحسب ما نشر عنها على ضرورة إنهاء السلطة الفلسطينية أي محاولات لفتح قنوات للتواصل مع عناصر المقاومة، بل العمل على ضرب بناهم التحتية والقضاء عليهم.

وتضمنت إعادة تدريب قوة خاصة من عناصر الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية قوامها 5 آلاف عنصر، تكون مهمتها مواجهة تشكيلات المقاومة في الضفة وكبداية في نابلس وجنين، بهدف إخضاعها وضرب بنيتها التحتية.

وكان من المقرر أن تخضع هذه العناصر لبرنامج خاص بإشراف أميركي، وطرحت قواعد عسكرية في الأردن كمكان لإجراء هذه التدريبات، وبحسب ما نقل الإعلام الإسرائيلي، فقد وافق الأردن ومصر بالفعل على برنامج التدريب.

وسينتقل هؤلاء العناصر بعد انتهاء تدريبهم إلى مناطق في الضفة الغربية وفي مقدمتها مدينتا نابلس وجنين، وسيعملون تحت إمرة غرفة عمليات مشتركة.

الخطة بعد الطوفان

ويرى مراقبون أن الخطة لا تزال سارية المفعول رغم تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

ونشر موقع "إنترسبت" تقريرا قال فيه إن المسؤولين الأميركيين لا يزالون يتحدثون مرار وتكرارا عن ماهية السيطرة الإدارية والأمنية في الضفة والقطاع رغم الهجوم الذي تشنه قوات الاحتلال على القطاع.

وأضاف الموقع في تقريره أنه في مناسبات متعددة، قال مسؤولو إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إن غزة التي كانت تحكمها السلطة الفلسطينية قبل سيطرة حركة حماس يجب إعادة ربطها بالضفة الغربية في ظل سلطة فلسطينية متجددة ومنشطة.

ورأى كتاب ومحللون، أن الخطة لا تزال سارية رغم العدوان الإسرائيلي على غزة، مشيرا إلى أن "جميع الأطراف المنخرطين فيها متفاعلون معها، فهي مهمة مستمرة تصاعدت وتيرتها وإن كان التداول الإعلامي لها يختلف باعتبار أن الخطة تعمل وفق آلية باتت معتمدة".

وتصاعد الحديث عن تنشيط السلطة الفلسطينية بشكل كبير بعد أحداث 7 أكتوبر، والحديث ليس فقط عن تنشيطها للعمل في الضفة فقط، بل إحلالها أيضا مكان حركة حماس في قطاع غزة، وهو المقترح الذي تفضله الولايات المتحدة وتسعى إلى دمجه في مشروع إعادة تنشيط السلطة الفلسطينية بحيث يكون جزءا من محاولة إحياء حل الدولتين من جديد.

وفي فبراير/ شباط الماضي تحدث مسؤولون أميركيون كبار من بينهم الجنرال مايكل فنزل خلال اجتماع بشأن الإجراءات المرتقبة لمعالجة الإجراءات التي تقوض السلام والأمن والاستقرار في الضفة الغربية.

وخلال الاجتماع الذي نشره موقع البيت الأبيض تحدث المجتمعون عما وصفوه بـ"النهج الشامل تجاه هذه الأزمة في برمتها، ليس فقط في الضفة، ولكن في السياق الأوسع الذي يشمل إسرائيل وغزة والضفة الغربية والمنطقة الكبرى".

وعقب ذلك، تحدثت صحيفة يديعوت أحرونوت عن خطة تدرسها حكومة الاحتلال للاستعانة بمسؤولين في السلطة الفلسطينية لإدارة غزة، ومن المفارقة أن الخطة تقوم على تأهيل قوة من عناصر أمن السلطة يشرف على تدريبها الجنرال فنزل نفسه.

ودار الحديث عن قوة يتراوح عدد عناصرها بين 4 آلاف و7 آلاف شخص، تُنقل أسماؤهم إلى إلى الاحتلال الإسرائيلي للتأكد من عدم تورطهم في المقاومة، وكان من المفترض في بداية الأمر فحص إمكانية إجراء التدريبات في الضفة الغربية، قبل أن تعتمد إقامتها في الأردن في الاقتراح النهائي للخطة.

وقالت الصحيفة إن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وعلى رأسها وزير الحرب يوآف غالانت، تقف وراء الخطة، لكن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو رفض الخطة، لأنها برأيه تتحدث عن أشخاص من السلطة.

وتبدو تصريحات وزير الحرب يوم الأربعاء خلال مؤتمر صحفي بتل أبيب تأكيدا لموقفه من الخطة، حيث أكد معارضته الشديدة لأي حكم عسكري إسرائيلي لقطاع غزة، مطالبا بإيجاد بديل لحركة حماس، بينما تصلب نتنياهو في رده على تصريحات غالانت، وقال إنه ليس مستعدا لاستبدال "حماستان بحكم فتحستان".

المصدر: الجزيرة