شبكة قدس الإخبارية

ما هي أسباب غضب القيادات العسكرية في الاحتلال من نتنياهو؟!

296032
هيئة التحرير

غزة - قدس الإخبارية: تشعرالقيادات الأمنية والعسكرية في دولة الاحتلال بحالة من السخط على خلفية الخسائر الكبيرة لـ"الجيش" في غزة، وعدم اكتراث رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في سبيل بقائه في منصبه.

ونشرت مجلة "ذي أتلانتيك" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن رفض بنيامين نتنياهو الالتزام بقبول إدارة فلسطينية لغزة بعد الحرب، وذلك إرضاء اليمين المتطرف، ما دفع قيادات أمنية وعسكرية للتصدي له.‌

وقالت المجلة، في تقريرها إن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري أقدم على خطوة مفاجئة الثلاثاء حين وجّه سهام النقد نحو الحكومة الإسرائيلية بعد أن تورطت قوات الاحتلال في الأيام الأخيرة في معارك مع حماس في أجزاء من شمال غزة كان يفترض أنه تم تطهيرها سابقا من المقاتلين.

وعندما سأله الصحفيون حول ما إذا كانت حماس قد تمكّنت من إعادة فرض وجودها بسبب عدم تمكن "إسرائيل" من إقامة إدارة فلسطينية بديلة في هذه المناطق، كان بإمكان هاغاري التهرب من السؤال إلا أنه قرر الإجابة بالقول: "لا شك أن حكومة بديلة لحماس سوف تخلق ضغطا على حماس، ولكن يجب توجيه هذا السؤال إلى المستوى السياسي".

وأشارت المجلة إلى أن ملاحظة هاغاري على صغرها كانت مقدمة الانتقاد الموجه للقيادة الإسرائيلية، وقد تلاها سيل من الانتقادات في اليوم الموالي.

 إذ أن يوآف غالانت، وزير الحرب والجنرال السابق في الجيش والعضو في حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو، هاجم في خطاب له متلفز الحكومة الإسرائيلية على ما اعتبره فشلها في وضع مخطط لما بعد الحرب في غزة. كما طالب نتنياهو بأن يلتزم شخصيا بإقامة إدارة فلسطينية للقطاع، عوضا عن احتلال أو مستوطنات إسرائيلية.

واعتبر غالانت أنه بدون هذه الإستراتيجية السياسية، لن تنجح أي إستراتيجية عسكرية، وسينتهي المطاف بـ"إسرائيل" إلى احتلال غزة والتورط في حرب بلا نهايه ضد حماس، تستنفذ كل الموارد العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية للدولة.

 

وقد ختم وزير الحرب كلامه بتوجيه تحذير قال فيه: أدعو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لاتخاذ قرار وإعلان أن إسرائيل لن تفرض سيطرة مدنية على قطاع غزة، ولن تفرض فيها حكما عسكريا، وأن البديل عن حماس في إدارة القطاع سوف يتم وضعه بشكل فوري". ومن خلال هذه الكلمات، أطلق غالانت بشكل فعلي ثورة ضد حكومة نتنياهو وأحلام الجناح اليمين المتطرف فيها، بإغراق قطاع غزة بالمستوطنين الإسرائيليين.‌

وأضافت المجلة أن غالانت ليس الوحيد الذي بدأ يسلط الضغوط على نتنياهو لاتخاذ قرار بهذا الشأن، إذ أن جو بايدن وإدارته طالبا الاحتلال بالعمل مع السلطة الفلسطينية لإقامة إدارة جديدة في غزة. كما أن بيني غانتس وغادي أيزنكوت، القائدان السابقان في الجيش الإسرائيلي، كانا في المعارضة ثم التحقا بحكومة نتنياهو بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر بشرط تشكيل لجنة لوضع خطة للخروج من غزة. 

ولكن رغم كل هذه الضغوط الداخلية والخارجية لم تبلور أي خطة ملموسة، والسبب واضح بحسب المجلة، وهو أن نتنياهو لا يمكنه التصريح بالتزامه بخطة لما بعد الحرب في غزة تتضمن مشاركة الفلسطينيين، في حين أن خطة شركائه من اليمين المتطرف تنص على التخلص من هؤلاء الفلسطينيين.

في هذا الصدد أشارت المجلة إلى أن الوزير اليميني المتطرف إيتمار بن غفير ألقى كلمة يوم أمس من على منبر كتب عليها بحروف مزخرفة: "الإستيطان في غزة سيجلب الأمن"، وقال فيها إن الطريقة الوحيدة لهزيمة حماس هي بـ"العودة إلى الديار" في غزة وتشجيع الهجرة الطوعية للشعب الفلسطيني، في عبارة اعتبرتها المجلة كناية عن التطهير العرقي.

ويذكر أن استطلاعات الرأي في "إسرائيل" تشير إلى أن الغالبية لا ترغب في إعادة الإستيطان في غزة، إلا أن نتنياهو وائتلافه الحكومي مرتهنون بشكل كامل للأقلية المتطرفة التي ترغب في ذلك. وكان تحالف الأحزاب الذي يقوده نتنياهو قد حصل على 48.4 بالمئة من الأصوات في الانتخابات الأخيرة في 2022، وبدون دعم اليمين المتطرف سينهار هذا الائتلاف ويعجز نتنياهو عن إيجاد حلفاء لتشكيل حكومة أخرى في حال دارت انتخابات جديدة. وبالتالي فإن التخلي عن المتطرفين لن يعني فقط نهاية حكومة نتنياهو، بل أيضا نهاية مسيرته السياسية.

‌وهكذا تتضح صعوبة الخيارات التي يواجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بين الالتزام بإدارة فلسطينية في غزة بعد الحرب وفقدان دعم اليمين المتطرف، أو السماح بالإستيطان في القطاع وفقدان دعم غالبية الرأي العام الإسرائيلي والمجتمع الدولي. ولذلك فإنه يستمر في نفس السلوك المتمثل في اختيار أن لا يختار أي طرف، وتأجيل اتخاذ القرار أكثر ما يمكن. ولكن غالانت هذه المرة وجه أصابعه نحو هذا التكتيك بالقول "إن عدم اتخاذ قرار هو أيضا قرار… وله تبعات".‌

وأشارت المجلة إلى أن الجنود الإسرائيليين تورطوا خلال هذا الشهر في معارك محتدمة مع حماس في مناطق من حي الزيتون وجباليا، كان يفترض أن الجيش انتهى من تطهيرها سابقا. وبدون أي خطة لإدارة هذه المناطق، يبدو أن الجيش حقق انتصارات تكتيكية في غزة ولكنه عانى من هزيمة إستراتيجية بعودة حماس لملء الفراغ الذي تركه. وأمام تزايد الخسائر في صفوف الجنود الإسرائيليين في القطاع، وتحركات اليمين المتطرف للمطالبة بالاستيطان، والانتقادات الخارجية للحملة الإسرائيلية التي تبدو بلا نهاية، شعر غالانت بأنه مضطر للخروج والحديث حول الوضع، ليخرج بذلك للعلن النقاشات التي كانت سابقا تجري وراء الأبواب المغلقة.

#نتنياهو #حماس #الجهاد #سرايا القدس #القسام #الحرب