الآن وهنا، وسط المجزرة الإبادية، وحيث تملأ الحارات روائح الدم البريء الذي ولغ فيه الوحوش، يصعد المثال الأخلاقي المتسامي، تتعالى الفروسية فوق سفالات السافلين: لسنا مثلكم.
هنا حفدة صلاح الدين الذي رسم افقا للبشر في التسامح والاستعلاء وكتب دستور النبلاء في الكون، ينتصب ملثمون فرسان، منتصبو القامة، منغرسين في الأرض، كأنما جاءوا من عالم الاساطير، تلّوح لهم الاسيرات بحب ودفء، هل يحدث هذا؟ هل نرى فعلا ما نرى؟ هل نقرأ فعلا ما نقرأ من رسالة أم تشكرهم على رعاية ابنتها؟
ذروة سامية أخرى من ذرى التفوق الفروسي، كانت قبل ادعاءات نفاق شعارات حقوق الانسان وحرمة الحياة التي فضحتها حرب إبادة غزة.
دخل هؤلاء الفرسان تاريخ النبل من أوسع بوابات الأرض والسماء. يقلبون القيم ويعلمون العالم واجيال وطنهم وأمتهم قيم الشرف في قلب دموية الحرب.
في القتال يخرجون أعاصير من نار، يلاحقون عدوهم، يطلعون من تراب الأرض، من هواء الشوارع، من روح الناس المعتقة، من الغيم، من الشمس. سواعد قمح تفجر دبابات ظن صانعوها أنها لا تُقهر. ذات السواعد تتحول حانية وحامية لأسرى عدوهم. ينتزعون شكرهم وابتساماتهم وتلويحاتهم.
كيفما انتهت حرب الغرب المجنونة هذه على قيم الفروسية، هاماتنا بكم فوق السحاب وصلت.