شبكة قدس الإخبارية

نيويورك تايمز: الحرب حطمت افتراض إمكانية احتواء حماس وأن "إسرائيل" قوة لا تقهر

نيويورك تايمز: الحرب حطمت افتراض إمكانية احتواء حماس وأن "إسرائيل" قوة لا تقهر

ترجمات – خاص قدس الإخبارية: قالت صحيفة نيويورك تايمز ان الحرب في فلسطين، أي معركة طوفان الأقصى، حطمت وسحقت فرضيات متعلقة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، كانت تعتبر أمرًا مفروغًا منه. 

وأوضحت الصحيفة أن الهجوم الذي نفذته حماس ضد الاحتلال الإسرائيلي في 7 أكتوبر\تشرين الأول، كان بمثابة الضربة القاصمة لمجموعة من الافتراضات في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لسنوات عديدة، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة.

وأوردت الصحيفة، في تقرير لمراسلها من القدس المحتلة، ستيفن ايرلانجر، أربع افتراضات حطمها طوفان الأقصى: 

الافتراض الأول: من الممكن احتواء حماس وإدارة الصراع

قالت الصحيفة الأمريكية، أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو حاول من سنوات عديدة تنفيذ استراتيجية تهدف لتقسيم الفلسطينيين بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وإضعاف السلطة الفلسطينية التي يقودها رئيس محمود عباس. 

وأضافت: "كانت النظرية أن حماس، المدعومة ماليًا من قطر، سوف تركز أكثر على حكم القطاع، وقد تصبح أكثر اعتدالًا من خلال تلك المسؤولية، في عدم توجيهها لضربة شديدة لإسرائيل يمكن أن تولد ردًا عسكريًا ضخمًا من شأنه أن يعيق حكمها للقطاع."  

وبحسب الصحيفة، فإن هذا المفهوم والنظرية من رؤية نظر الاحتلال ترتب في السماح لسكان قطاع غزة بالعيش بشكل أفضل، وبالتالي تحفيز حماس على الحفاظ على الهدوء النسبي، وعمليًا، كان أن يسمح الاحتلال لقطر بتقديم الدعم المادي لحركة حماس في قطاع غزة، وتوفير الكهرباء المجانية وما يكفي من الماء والغذاء والدواء للناس، كما سمحت لعدد صغير من سكان القطاع بالعمل في الداخل المحتل. 

ورغم ذلك، قالت الصحيفة، إن الاحتلال تعاون مع مصر على إبقاء سكان قطاع غزة "محبوسين في سجنٍ بالهواء الطلق". 

الافتراض الثاني: إسرائيل لا تقهر وتحافظ على التفوق العسكري

بينما يمتلك الاحتلال أقوى جيش وأكثرهم تطورًا في الشرق الأوسط، مع التزام أميركي بإبقائه أكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية مقابل أي من خصوم الاحتلال، وبحسب نيويورك تايمز، كانت لدى الاحتلال قناعة بان لديهم معلومات استخباراتية جيدة عن حماس في مختلف أنحاء قطاع غزة الصغير، وبمساعدة أميركية، لديهم معلومات استخباراتية جيدة عن إيران وحزب الله.

وقالت الصحيفة: "رغم أن معدات حماس منخفضة التكنولوجيا نسبيا، فقد استخدمت طائرات بدون طيار واستخباراتها الخاصة لهزيمة حدود "إسرائيل" التي يفترض أنها لا تقهر، والتي كانت مليئة بالكاميرات وأجهزة الاستشعار والأسلحة الآلية المتطورة."

وبينت الصحيفة أن ثقة الاحتلال المفرطة، ورضاها عن النفس، واعتمادها المفرط على التكنولوجيا، فضلاً عن حقيقة أن يوم 7 أكتوبر كان عطلة يهودية، كلها عوامل ساهمت في هزيمتها في ذلك اليوم. 

مقابل ذلك، تشير إلى أن قدرة حماس على الحفاظ على سرية خططها، على الرغم من وجود عدة مئات من المقاتلين الذين لا بد أنهم على علم بها، بمثابة ضربة قوية لاعتزاز الاحتلال بقدراته الاستخباراتية البشرية على الأرض في غزة.

ونقلت عن مؤرخٍ إسرائيلي، غيرشوم جورنبرج، قوله: "بعد الانهيار المذهل للجيوش العربية عام 1967، طورت إسرائيل تصورًا مفاده أن العرب لا يستطيعون القتال، دون أن يتخيلوا أنهم قد يتحسنون، وهكذا فوجئت إسرائيل بهجوم عام 1973، تمامًا كما فوجئت بعملية حماس في 7 أكتوبر."
وأوضح جورنبرج: "كان هناك تصور مسبق بأننا نستطيع إغلاق غزة، وأن الإجراءات التي اتخذناها ستمنع بشكل كافٍ دخول الأسلحة، لكن المشكلة أن الجانب الآخر – أي حماس- يتكيف مع هذا الإغلاق ويطور نفسه"

 وتابع المؤرخ الإسرائيلي: "عندما كانت حماس تطلق الصواريخ، تعلمت إسرائيل كيفية إسقاط معظمها، وعندما ركزت حماس على بناء الأنفاق، طورت إسرائيل وسائل اكتشافها وتدميرها، وافترضت أن المشكلة قد تم حلها بما فيه الكفاية، لكننا لم نفكر في قيام حماس بمهاجمة الكاميرات أو استخدام الطائرات الشراعية."

وتنوه الصحيفة، إلى أن التشكيك المفاجئ في المصداقية والقوة العسكرية للاحتلال، أبرزت المخاوف بشأن القدرات التي قدمتها إيران لحزب الله في جنوب لبنان والتي فشل الاحتلال في تصورها، على غرار فشله في تصور قدرات حماس. 


الافتراض الثالث: العالم العربي يمضي قدماً، ويتجاهل الفلسطينيين

أشارت الصحيفة، إلى أن العالم الغربي والاحتلال أعجب بقيام رئيس حكومته بنيامين نتنياهو بالتواصل مع العالم العربي، ومشاركتهم المخاوف بشأن البرنامج النووي لإيران، ودعمها حماس وحزب الله، وطموحات إيران بالسيطرة على المنطقة، وبدعمٍ ووساطة من الولايات المتحدة، وقع نتنياهو اتفاقيات إبراهيم في عام 2020 مع البحرين والإمارات العربية المتحدة، لتطبيع العلاقات، كما وقع مع المغرب والسودان في وقت لاحق أيضًا.

وتضيف نيويورك تايمز، أن سقف الاحتلال في التطبيع كان أكثر طموحًا، فراح يتفاوض مع السعودية، من أجل التطبيع مع إسرائيل مقابل معاهدة دفاع مشترك مع واشنطن وبعض المساعدة في مجال التكنولوجيا النووية المدنية، دون توضيح للمقابل الذي سيحصل عليه الفلسطينيون.

وقالت، إن الاحتلال افترض أن هذه الدول العربية تعترف الآن بـ "إسرائيل" كحقيقة لا يمكن إزالتها في المنطقة ومصدر للأعمال والتكنولوجيا والتجارة، وأنها لم تعد تعتبر القضية الفلسطينية ومعاناة الفلسطينيين عقبة رئيسة.

وتضيف: "رغم أن حكومات هذه الدول لا تكن أي حب لحماس، فإن رد الفعل الشعبي العربي على استشهاد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية من شأنه أن يؤدي إلى تعليق التقدم في مسار التطبيع لبعض الوقت، وأن هناك دائماً توتر بين الدعم الشعبي للقضية الفلسطينية، والذي يستخدمه الزعماء العرب أحياناً لصرف الانتقادات الداخلية، وبين الحكم البارد لهؤلاء الزعماء بأن الإسلاميين الفلسطينيين مثل حماس محاطين بدعمٍ من إيران، يشكلون تهديداً لحكوماتهم، وأن تحسين العلاقات مع إسرائيل هو الأهم."

بالنسبة للصحيفة، لقد أرادت حماس إعادة القضية الفلسطينية إلى الطاولة، وقد فعلت ذلك بكل قوة، الأمر الذي أدى إلى اندلاع مظاهرات ضخمة مؤيدة للفلسطينيين في المدن العربية لم تشهدها الدول العربية منذ عقد من الزمان.

وحول ذلك، عقب نير بومس، وهو زميل باحث في مركز موشيه ديان بجامعة تل أبيب والذي يدرس التعاون الإقليمي: "لقد أعادت الحرب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى الواجهة، وأن آخر ما يريده الخليج هو أن تنتصر حماس، ومع ذلك انظر إلى ردود أفعالهم، إنهم يفعلون ما يفعلونه لأنهم يتأثرون بالرأي العام”.

الافتراض الرابع: يمكن لأميركا أن تتجاهل الشرق الأوسط

لسنوات عديدة حتى الآن، ظلت الولايات المتحدة تتحدث عن التزامها بحل الدولتين وإدانة التوسع الاستيطاني في الضفة المحتلة، وساعدت في التوسط لتوقيع الاحتلال اتفاقيات أبراهام في عهد الرئيس دونالد ترامب، وركزت على السعودية ودول الخيج، واعتبرت الفلسطينيين قضية هامشية. 

 والأهم من ذلك بكثير بالنسبة لواشنطن هو الصين ومنطقة المحيط الهادئ والهندي، وعلى مدار عامين حتى الآن، اهتمت أمريكا بالحرب الروسية الأوكرانية والحاجة إلى حشد الناتو ضد موسكو.

تعود الصحيفة إلى المؤرخ الإسرائيلي، جورنبرج الذي قال: "إحدى تلك الروايات المحطمة هي أن أمريكا يمكنها تحويل اهتمامها إلى القضايا الحقيقية في أماكن أخرى والتخلي عن الشرق الأوسط، لكن الشرق الأوسط لم ينته بعد، ولا يمكننا تجاهل الحقائق الجيوسياسية"

ونقلت الصحيفة عن أستاذ في الجامعة العبرية، برنارد أفيشاي، قوله: "التصريحات الأمريكية حول حل الدولتين والمستوطنات “يُنظر إليها على أنها تفاهات."