رام الله - قدس الإخبارية: بالتوازي مع الموقف الأمريكي-الغربي المُشارك في العدوان على الفلسطينيين في معركة "طوفان الأقصى"، تواصل الحكومات في عدد من الدول الغربية قمع أيّ صوتٍ مناصرٍ لفلسطين ومنددٍ بحرب الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال ضد قطاع غزة.
في العاصمة الفرنسية باريس، بينما يتم إضاءة برج "إيفل" بعلم دولة الاحتلال، تواصل الشرطة الفرنسية، بشكل ممنهج، قمعها للمظاهرات الداعمة للقضية الفلسطينية. يوم أمس الجمعة، استخدمت الشرطة العصي وقنابل الغاز وخراطيم المياه، واعتقلت عددًا من المتظاهرين.
ورغم المنع والقمع، تجمع المتظاهرون في ساحة الجمهورية في باريس رافعين الأعلام الفلسطينية، ومرددين شعارات منها: "غزة غزة باريس معك"، "إسرائيل قاتلة"، و"ماكرون متواطئ".
وهذه ليست المرة الأولى التي تُقمع فيها المظاهرات في باريس؛ فخلال معركة سيف القدس، منعت فرنسا مظاهرات مؤيدة لفلسطين، وتحديدا في ذكرى النكبة 15 مايو/أيار. كما اعتقلت الشرطة الفرنسية برتراند هايلبرون، رئيس جمعية التضامن الفرنسي مع فلسطين. بينما سمحت بتظاهر آلاف المؤيدين لـ"إسرائيل" في باريس، ووفرّت حراسات أمنية مشددة.
كما شهدت مدن مارسيليا وليون، أمس، مظاهرات مؤيدة للشعب الفلسطيني. لكن الشرطة واجهتها أيضاً باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع.
في المقابل، أعلنت بعض الأحزاب اليسارية في فرنسا دعمها للمقاومة، مثل حزب "فرنسا المتمردة" اليساري، الذي قال إن عملية "كتائب القسام" تتحمل مسؤوليتها "إسرائيل" وسياساتها القمعية، وإن الهجوم هو رد فعل طبيعي لأي حركة مقاومة، الأمر الذي عرّض الحزب لهجوم كبير من رئيسة الوزراء، وطالته اتهامات بـ "معاداة السامية" و"تأييد الإرهاب".
أما في بريطانيا، اعتقلت الشرطة شابة تبلغ 22 عاما، للاشتباه بإلقائها كلمةً مؤيدة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وقالت الشرطة البريطانية، في بيان، إن الشابة اعتُقلت بموجب قانون الإرهاب بعد التحقيق في كلمة ألقتها خلال تظاهرة احتجاجية الأحد الماضي في مدينة برايتون.
وكانت الحكومة البريطانية قد اتخذت خطوات لتقييد حركة التضامن الدولية مع فلسطين، من خلال تشريعات برلمانية وقانونية، التي باتت تجرّم الدعم المباشر وغير المباشر "للمنظمات المحظورة" من جانب السلطة هناك. إذ تصنف بريطانيا حركة حماس "منظمة إرهابية"، وتحظر أي نشاط لها.
ويأتي اعتقال الشابة بعد أن تعهد رئيس الوزراء ريشي سوناك، الأسبوع الماضي، "بمحاسبة الأشخاص" الذين يتبين دعمهم لحماس.
كما طلبت وزيرة الداخلية البريطانية، سويلا برافرمان، من رؤساء الشرطة استخدام "كامل قوة القانون" ضد مظاهر الدعم لحماس وأي محاولات "لترهيب" الجالية اليهودية في بريطانيا. ومن المقرر أن تنطلق مسيرة تضامنية مع الشعب الفلسطيني في لندن اليوم السبت.
في ألمانيا، أصدرت شرطة برلين بيانًا حظرت فيه التجمعات في المدينة بدعوى الخوف من أن تتحول التجمعات إلى "التحريض على العنف، وإطلاق هتافات معادية للسامية".
وفي الأيام السابقة، اعتقلت الشرطة الألمانية، عددًا من المحتجين في العاصمة برلين، وقمعت التجمعات المنددة بالجرائم الإسرائيلية.
ومما يدلل على أن هذا القمع ممنهج ضد القضية الفلسطينية، وغير مخصوص بما يجري في إطار معركة طوفان الأقصى، أن شرطة برلين كانت قد حظرت في ( نيسان، 2022) مظاهرتين في ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، بما في ذلك مظاهرة 16 نيسان التي تنظمها شبكة صامدون للدفاع عن الأسرى الفلسطينيين، بحجّة "معاداة السامية">
أما في الولايات المتحدة، فلم تفلح محاولات القمع في منع مسيرات ضخمة داعمة للفلسطينيين. فمنذ السبت الماضي، تشهد مدينة نيويورك الضخمة، التي يبلغ عدد سكانها 8 إلى 9 ملايين نسمة من بينهم نحو 2 مليون يهودي، تظاهرات داعمة للقضية الفلسطينية
وتظاهر الآلاف، أمس الجمعة، وسط مدينة نيويورك للمطالبة بإنهاء "الاحتلال الإسرائيلي" والتنديد بدعم الولايات المتحدة للدولة العبرية، معبرين في الوقت نفسه عن مخاوفهم في ظل العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة. ودعا المتظاهرون، ومعظمهم من الشباب ومن خلفيات متنوعة، متوشحين الكوفية، إلى "تحرير فلسطين" واتهموا الاحتلال بارتكاب إبادة جماعية
يأتي هذا رغم أن شرطة أكبر مدينتين، نيويورك ولوس أنجلوس، قالت إنها ستزيد من الدوريات الأمنية خاصة حول أي كنيس ومركز يهودي.
وفي المجر، صرح رئيس الوزراء، فيكتور أوربان، للإذاعة العامة، أمس الجمعة، أن بلاده "لن تسمح بأي مسيرات تؤيد المنظمات الإرهابية"، معتبرًا أن "جميع المواطنين المجريين يجب أن يشعروا بالأمان، بغض النظر عن معتقداتهم أو أصولهم".
كذلك في أستراليا، قالت الشرطة، إنها تدرس تطبيق "صلاحيات خاصة"، لتوقيف وتفتيش المشاركين في مسيرة مؤيدة للفلسطينيين من المقرر أن تخرج، غداً الأحد، في العاصمة الاسترالية سيدني.
وكان الآلاف، في العاصمة سيدني، قد شاركوا في مسيرة منددة بالجرائم الإسرائيلية المرتكبة في قطاع غزة، ودعمًا لحرية الشعب الفلسطيني.
وفي أسكتلندا، أصدرت إدارة نادي "سلتيك" بياناً يهاجم فيه رابطة المشجعين للنادي ويتبرأ منها، بعد أن هتفت الجماهير لفلسطين، مؤيدة (في مباراتها الأخيرة لكرة القدم) المقاومة. ولا يزال التراشق الإعلامي بين ألتراس الفريق وإدارة النادي مستمراً، إذ اعتبرت الجماهير أن إدارة سيلتيك خانت القضية الأصلية وتخلّت عن أصول وأعراف النادي الداعم لكل الشعوب الكادحة والمقهورة.