فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية: حرب متعددة الجبهات لا تفارق الذهنية العسكرية في دولة الاحتلال، ولا يتوقف قادتها في المستويات العليا في الأجهزة الأمنية والعسكرية عن الحديث حول الاستعداد لخيار تفتح فيه النار على أكثر من جبهة، في وقت متزامن.
في رمضان الماضي تعرضت دولة الاحتلال لإطلاق صواريخ، من عدة جبهات، تزامناً مع عمليات ومواجهات في الضفة المحتلة، كانت هذه ربما "بروفا" مصغرة عن الحرب المستقبلية، التي يؤكد أعداء دولة الاحتلال أنهم يعدون لها منذ زمن، هذا دفع قادة الأركان والمؤسسة العسكرية والأمنية في دولة الاحتلال للحديث عن الاستعداد لمواجهة هكذا خيار.
فجر السابع من أكتوبر نسف كثيراً من الأوهام على المستوى النظري والعملاني، نجحت المقاومة في لحظة جاءت من الغيب، بعد أن مارست خداعاً استراتيجياً للأجهزة الاستخباراتية والعسكرية الإسرائيلية، في تدمير خط الجبهة الأول بين غزة والأراضي المحتلة عام 1948، ودفعت بقوات من وحدات النخبة عن طريق البر ومن الجو محمولين على الطائرات الشراعية، وسط إطلاق مكثف للصواريخ تجاه المدن المحتلة والمستوطنات.
نجحت قوات النخبة الفلسطينية التابعة لكتائب القسام وبقية فصائل المقاومة في السيطرة على المواقع العسكرية، في "غلاف غزة"، وقتلت عشرات الضباط والجنود وأسرت آخرين، ودمرت أدوات الاتصالات والمراقبة، واستطاعت إخراج "فرقة غزة" المسؤولة عن المنطقة من الخدمة.
السيطرة العملياتية المبهرة التي حققتها المقاومة، في الموجة الأولى من العملية، باعتراف قادة الاحتلال حققت قطعاً للاتصالات والتواصل بشكل شبه كامل بين منطقة "غلاف غزة" وقيادة جيش الاحتلال، لساعات طويلة، ونجحت المقاومة في تدمير عدد كبير من آليات الاحتلال المدرعة.
الانهيار في منطقة "غلاف غزة" ونجاح المقاومة في إدامة القتال لأيام متواصلة، والحفاظ على منظومة القيادة والسيطرة، للدرجة التي نجحت فيها في استبدال القوات في المنطقة المستهدفة بالعملية العسكرية بقوات أخرى ومعدات، دفع الاحتلال إلى الدفع بقوات أخرى من خارج المنطقة.
اعترف الاحتلال خلال الأيام الماضية بمقتل عشرات الجنود والضباط من مختلف المستويات التنظيمية، خلال مشاركتهم في القتال في مستوطنات "غلاف غزة"، وعدد كبير منهم من وحدات نخبة وخاصة ومن مختلف الأسلحة، وهو ما يؤكد على أن انهيار فرقة غزة السريع دفع الاحتلال إلى هذا الخيار.
الانهيار السريع واضطرار الاحتلال لإحضار قوات من خارج منطقة "غلاف غزة" يشير بوضوح إلى انعدام قدرة الاحتلال على القتال على أكثر من جبهة، وهو ما قد يتكرر في أي هجوم صادم مشابه لعملية "طوفان الأقصى"، على أكثر من جبهة، في المستقبل.
الضربة القاسية التي تلقاها جيش الاحتلال والمستوطنين، في قضاء غزة، دفعت الولايات المتحدة إلى تقديم مساعدات عسكرية عاجلة لها، وهو تأكيد آخر على الهشاشة التي أظهرتها العملية العسكرية التي نفذتها المقاومة، فجر السابع من أكتوبر، أمام حتى حلفاء دولة الاحتلال الذين أصابهم الذهول والرعب على مستقبلها.
تحتاج الحرب على أكثر من جبهة إلى قدرة على التنسيق بين الأسلحة على مستوى البر والبحر والجو، وهو ما حاولت دولة الاحتلال تحقيقه خلال السنوات الماضية، بالإضافة لقدرات تنفيذ مناورات برية على مختلف الجبهات، وهو ما زاد الشك فيه بعد انهيار القوات في "غلاف غزة"، بالإضافة لتحقيق ضربات قاصمة للبنية التحتية البشرية والتكنولوجية للمقاومة، والأيام الماضية أثبتت أن الاحتلال لا يملك بنك أهداف في غزة حتى اللحظة سوى الأطفال والنساء والمدنيين والمنازل والبنايات السكنية.