شبكة قدس الإخبارية

هل تؤيد عرض فرق فنية عربية في الداخل الفلسطيني؟

ربيع عيد

 أثار عرض فرقة "آخر زفير" الأردنية في أحراش معليا مؤخراً جدلا كبيرًا في صفوف الشباب الفلسطيني في الداخل، أيد بعضهم المشاركة أملا في التواصل الثقافي مع العالم العربي، بينما عارضها آخرون لاعتبارها نوعاً من التطبيع وخرق معايير حملة المقاطعة. نقاش غير محسوم ويدور كل مرة من جديد بعد قدوم أحد الفنانين العرب الى الداخل.

******

نظم مركز إعلام وجمعية بلدنا في مسرح الميدان بحيفا يوم الثلاثاء مناظرة حول موضوع "عرض فرق فنية من الوطن العربي في الداخل الفلسطيني بين مؤيد ومعارض" شارك فيها العشرات من الناشطين والفنانين، وذلك ضمن سلسلة المناظرات الشهرية التي ينظمها مركز اعلام وجمعية بلدنا. بعد العرض فتح مجال النقاش حيث قام الجمهور بتوجيه أسئلة لكل من الفريق المؤيد والفريق المعارض، وبعد ذلك قدّم كل من الفنان جوان صفدي والناشطة غدير الشافعي تقييمًا خاصًا للمناظرة حمل كل منهما موقف مؤيد وآخر معارض لموضوع النقاش.

مثل الفريق الأول المؤيد لقدوم فنانين عرب الى الداخل الفلسطيني كل من هيثم خطيب ونجيب دراوشة والاعلامية مقبولة نصار. فيما مثل الفريق المعارض كل من منعم معروف وزمزم فاعور والصحفي مجد كيال.

يدعي الفريق المؤيد أن "إسرائيل" هي صاحبة القرار للموافقة على قدوم فنانين عرب الى الضفة الغربية، فلماذا يجب وضع معايير خاصة للداخل الفلسطيني ففلسطين كلها محتلة ويجب أن تكون المعايير سارية على الجميع.

ويرى الفريق المؤيد كذلك أن قدوم فنانين من الوطن العربي على كل فلسطين أمر يعزز التواصل والانتماء ويساهم في الحفاظ على شكل وجودنا كفلسطينيين، خصوصا في ظلّ محاولات الأسرلة، إضافة إلى أن هذا التواصل يساعد الفنانين على تطوير مشاريع فنية مختلفة من خلال التقائهم. كما يدّعي الفريق المؤيد أن هناك حاجة لتطوير ثقافة فلسطينية ومشهد ثقافي في الداخل الفلسطيني وعدم حصر الموضوع في رام الله، فهذه فرصة أيضا - بحسبهم - أن يتعرف العالم العربي على الفلسطينيين في الداخل المحتل.

بينما يرى الفريق المعارض أن زيارة فنانين عرب إلى الداخل هو نوع من أنواع التطبيع الذي يساهم في تحويل "إسرائيل" - الكيان الإستعماري - إلى مجرد أمر طبيعيّ في المنطقة، كون من يعطي الموافقة على الزيارة هو دولة الاحتلال من خلال سفاراتها. ويعتقد الفريق المعارض أن الوضع الطبيعي في العالم العربي يجب أن يكون مناهضة التطبيع مع "إسرائيل"، فالشعوب العربية تناهض "إسرائيل" وترفضها، وعلينا - كفلسطينيين - ألا نكون أداة لتغيير هذا الواقع، فهنالك معايير واضحة وضعتها نقابات ونشطاء في الوطن العربي حول التطبيع وعلينا ألا نكسرها فقط لرغبتنا بإحياء حفلات لفنانين عرب في الداخل.

يردّ الفريق الأول على هذا الإدعاء بأن التطبيع هو أي مشروع يجمع فلسطينيين وعرب مع إسرائيليين، وليس جمع بين نفس أبناء الشعب الواحد متسائلين "هل التقاؤنا كفلسطينيين مع فنانين عرب تطبيع؟"، مشيرين إلى موضوع السفارة على أنه أمر يمكن استغلاله في الواقع الحالي لمصلحتنا من خلال مشاريع مشتركة ولقاءات تواصل تساهم في التعرف على بعض.

بينما يرد الفريق المعارض على ذلك بالقول إن مشاريع التواصل في سياق التطبيع مرفوضة كونها تؤدي الى منزلقات، فتحت اسم التواصل سيبادر البعض لتنظيم مشاريع قد تكون أهدافها تجارية أو مشبوهة، متسائلين "من يضع الحدود؟ من يسيطر من يأتي ومن لا يأتي وأين يعقد اللقاء ومن هو جمهور الهدف ومن أين يأتي التمويل".

DSC_6787

إضافة إلى ذلك، يرى الفريق المعارض أن دولة الاحتلال ستستغل هذه المشاريع أو الحفلات بهدف تحسين صورتها عالمياً، وتحاول القول إنها واحة للتنوع الثقافيّ والفنيّ حيث يستطيع فنانون عرب القدوم إليها وتنظيم حفلات. وتمت الإشارة إلى أنه في نهاية المطاف، دولة الاحتلال هي من يقرر من يدخل ومن لا يدخل، وكان آخر مثال على ذلك منع الفنان المصري مدحت صالح من القدوم إلى الضفة الغربية بسبب نيته إحياء حفلة للأسرى الفلسطينيين.

يرى الفريق المؤيد أن فلسطينيي الداخل ليسوا جزءاً من الحركات التي وضعت معايير التطبيع في العالم العربي، ويوجد خلاف معها في قضايا أخرى منها اجتماعية، كما أكد الفريق إلى أن هنالك امكانية لوضع محاذير وضوابط لعملية التواصل هذه وليس أي شخص او أي مشروع مقبول، وفي حال كانت هنالك مشاريع مشبوهة ولها ارتباط مع المؤسسة الاسرائيلية سوف تتم محاربتها.

وتسائل الفريق المؤيد حول وجود مشهد ثقافي وطني يجمع فلسطينيين وعرباً، وفي حال وجوده هل هو أمر لصالح الإحتلال أم ضدّه؟ مؤكدين أن الشعب الفلسطيني وبعد 65 عاماً من النكبة بحاجة لمشهد ثقافي كي يستمد القوة في الاستمرار بالنضال والصمود، وعدم حصر المشهد القافي في قصر الثقافة برام الله، فهذه حاجة ضرورية كي لا يترك الفنان الفلسطيني بلده ويعمل في الخارج مثل العديد من الفنانين.

يقارن الفريق المعارض هذه القضية مع الخدمة المدنية إذ أن "إسرائيل" تستغل قيمة التطوع بهدف تحقيق مآرب أمنية، كذلك بالنسبة للتواصل الذي تحت اسمه يتنظم مشاريع ليس فقط قد تكون لمصلحة صورة "إسرائيل" إنما أيضا حفلات هدفها الربح التجاري متسائلين عن عدد الذين شاركوا في مهرجان "ع الطبيعة" بمعليا مؤخراً أو حفلات سابقة التي اقتصرت على شريحة معينة.

وأكد الفريق أن فيروز مثلاً لم تدخل مدينة الناصرة لكنها موجودة في وجدان أهلها جميعا، وأن الفنانة دلال أبو آمنة تقوم بعروض في الوطن العربي والتواصل دون الحاجة للمرور بمنزلقات التطبيع الذي يرفضه الوطن العربي بالفطرة وعلينا ألا نتجاهل هذا الاجماع العربي الرافض لـ "إسرائيل" كمشروع استعماري.

وتساءل الفريق المعارض أيضاً عن النقاش الذي يثار كلّ مرة من جديد حول هذه القضية وذلك بعد أن يفرض مؤيدو قدوم فنانين عرب أمراً واقع اًبعد تنظيمهم لحفلة معينة دون استشارة او فتح نقاش سابق حول الموضوع، مؤكدين ان قدوم فنانين عرب في نهاية المطاف ليس بجريمة لكنه كسر للحاجز النفسي الذي بدأ من اوسلو واستمر وتصاعد، إضافة إلى أنه يمكن للعرب في الداخل العيش دون هذه النشاطات، وفي تساؤل أخير للفريق "كيف نطلب من الفنان الاوروبي او الامريكي مقاطعة اسرائيل ولا نطلبه من العربي؟".

DSC_6705 DSC_6638DSC_6741