شبكة قدس الإخبارية

هل ينفذ الاحتلال اغتيالات لقادة المقاومة في غزة والخارج؟

370296875_1085371902869131_4336603690513789398_n

فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية: تزايدت في الأيام الماضية تهديدات المستويات السياسية والأمنية في دولة الاحتلال بتنفيذ عمليات اغتيالات لقادة المقاومة الفلسطينية، خاصة في غزة والخارج، على ضوء العمليات الفدائية النوعية التي وجهتها المجموعات الفدائية، في الضفة المحتلة، وأدت لخسائر في صفوف الجنود والمستوطنين.

ركز قادة الاحتلال وآخرهم رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في تهديداتهم على نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، باعتباره مع آخرين مسؤولاً عن التواصل والبناء التنظيمي وتمويل الخلايا، في الضفة المحتلة، وسبقها في فترات ماضية تهديدات باغتيال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، زياد النخالة، ومسؤول الدائرة العسكرية فيها، أكرم العجوري، لذات الأسباب المعتقلة برعاية وتوجيه العمل المقاوم في الداخل.

في الدرجة الأولى يعتبر الاحتلال الضفة الغربية المحتلة، أو التلال والجبال في المنطقة الوسطى من فلسطين، التي احتلها في حزيران/ يونيو 1967، ذات أهمية استراتيجية بالغة الأهمية، لاعتبارات مختلفة بينها سيطرتها الجغرافية على عمق دولة الاحتلال، في الساحل، وهو ما عبَر عنه قادة الاحتلال في المستويات العسكرية والسياسية، في أوراق تقدير موقف وأبحاث، بينهم وزير الجيش السابق أرئيل شارون، الذي قال إنه بعد احتلال الضفة حرص على تعبئة المواقع التي كان يشغلها الجيش الأردني خلال تواجده في المنطقة سابقاً، بقوات كبيرة، نظراً لأهميتها الاستراتيجية، ثم انشغاله بتعزيز الاستيطان لاحقاً بعد توليه مناصب مختلفة في الحكومة.

الأهمية الاستراتيجية والاستيطانية والأمنية للضفة المحتلة تتصدر اهتمامات دولة الاحتلال، في عمليات تعزيز البناء الاستيطاني والمساعي الدائمة لفرض السيادة والسيطرة عليها، تزامناً مع شن عمليات عسكرية واستخباراتية دائمة فيها، لمنع المقاومة من بناء بنية تحتية تنظيمية فيها تمكنها من تنفيذ عمليات فدائية.

من خلال تجربة انتفاضة الأقصى التي تناغمت فيها الضفة المحتلة مع قطاع غزة، في عمليات عسكرية موجعة للاحتلال، أيقنت المؤسسة العسكرية والأمنية في دولة الاحتلال أن عليها بقاء سيطرتها الميدانية والعملياتية في عمق مناطق الضفة المحتلة، لضمان عدم تكرار هذه التجربة.

مركزية السيطرة على الضفة، في المشروع الاستيطاني الصهيوني، تجعل من الشخصيات والتنظيمات التي تحاول تفعيل المقاومة فيها، مركزاً للاستهداف وعلى رأس قائمة الاغتيالات، في أية فرصة سانحة تتوفر للأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية، وهذا واقعاً حدث خلال السنوات الماضية، من خلال استهدف القائد في القسام مازن الفقهاء، المبعد إلى غزة، الذي قال الاحتلال إنه مسؤول عن توجيه خلايا في الضفة، والقائد في سرايا القدس، طارق عز الدين، المسؤول عن ملف المقاومة في الضفة، كما كشفت حركة الجهاد الإسلامي لاحقاً، عقب اغتياله، بعد قصف منزله في شهر أيار/ مايو 2021.

بُعد آخر يجعل من استهداف القيادات المسؤولة عن ملف الضفة المحتلة، في أولويات عمل المنظومة الأمنية والعسكرية في دولة الاحتلال، وهو مفهوم برز انطلاقاً من معركة "سيف القدس" ثم "وحدة الساحات" والمعركة في الأقصى، وهو "توحيد الجبهات"، وإن كان المفهوم ما زال "شائكاً كما يؤكد محللون وخبراء، وبحاجة لجهود أكبر من جانب فصائل المقاومة، خاصة في ظل التعقيدات الإقليمية، إلا أنه يشكل هاجساً للاحتلال خاصة في أية مواجهة مستقبلية.

اختبر الاحتلال في الشهور الماضية تجربة تدخل أكثر من موقع، في المواجهة، لذلك بات في وثائقه العسكرية والاستراتيجية يتعامل معها على أنها خيار واقع في المستقبل، ويسعى بكل جهده كما صرح بذلك قادة المستويات العليا فيه، مثل رئيس الأركان هرتسي هليفي، لفك "وحدة الساحات"، وهو أحد عناوين عملياته العسكرية الأخيرة في قطاع غزة.

استهداف مفهوم "وحدة الساحات" كما يرى الاحتلال يتمحور أساسا حول استهداف الشخصيات التي تؤمن بهذه الاستراتيجية، وتسعى لتفعيلها في الواقع، إذ ترى استخبارات الاحتلال وقادة الجيش أن الاغتيالات تساهم أحياناً في عرقلة المشاريع، أو توجيه "ضربة نوعية" لها.

وتاريخياً كانت تهديدات الاحتلال باغتيال شخصيات فلسطينية أو عربية مقاومة، سواء على المستوى السياسي أو العسكري، تنفذ عند أول تظافر مجموعة من الفرص، وطوال سنوات الصراع كان التركيز على شخصيات معينة في الإعلام الإسرائيلي، هو المفتاح الذي يجهز الرأي العام في مجتمع المستوطنين لعملية اغتيال مقبلة، قد تجر مواجهة عسكرية.

والأمثلة على هذا المسار كثيرة، بينها اغتيال القائد في حركة فتح أبو حسن علي سلامة، في بيروت، في عام 1979 إذ كثف إعلام الاحتلال من الحديث عن أدواره في عمليات المقاومة، خاصة الخارجية منها، قبل فترة قصيرة من اغتياله، وفي السنوات الأخيرة ركز إعلام الاحتلال على عدد من قادة المقاومة، في غزة، بينهم محمد الضيف، وبهاء أبو العطا، وخليل البهتيني، وخالد منصور، ومروان عيسى، ويحيى السنوار، وجهاد غنام وغيرهم، واغتال بعضهم وحاول تصفية آخرين.

هذه العوامل وغيرها تجعل من تهديدات الاحتلال بتنفيذ عمليات اغتيال لقادة المقاومة، في الخارج أو غزة، جدية وقابلة للتنفيذ عند أول فرصة تحصل عليها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.

وتتجاوز هذه التهديدات وفقاً للسياق الميداني والتاريخي مسألة الاستعراض الإعلامي، وقد لا تقتصر فقط على القادة في المستويات العليا، بل قيادات وسطى في المقاومة في الخارج أو غزة، يرى الاحتلال أنها مسؤولة عن تنفيذ عمليات من الحدود، في الشهور الماضية، أو تطوير بنية تحتية للمقاومة خاصة في لبنان، أو التواصل مع الضفة المحتلة.

وفي حالات تاريخية فإن حكومة الاحتلال تعتمد في تقدير الموقف قبل إجراء أي عملية عسكرية أو اغتيالات، على تقديرات الاستخبارات العسكرية، التي قد لا تملك معلومات واضحة ودقيقة عن سيناريوهات ردات المقاومة، في حال اغتيال أحد قادتها وعناصرها، وقد تقيس المستقبل على عوامل تراها مركزية في تفكير المقاومة، أو على حالات سابقة، وتفشل تقديراتها في توقع ما قد يحصل، وفي حالة قريبة كانت معركة "سيف القدس"، في أيار/ مايو 2021، أقرب دليل على هذا إذ توقعت الاستخبارات العسكرية أن المقاومة ستوجه ضربة صاروخية لمستوطنات "غلاف غزة"، لكن ما حصل حينها هو قصف مدينة القدس المحتلة، والدخول في جولة لعدة أيام.

لذلك فإن حكومة الاحتلال قد تبني تقديراتها حول ردة فعل المقاومة، على اغتيالات لقادتها، حول تجارب سابقة ولا تتوقع أن تدخل في مواجهة عسكرية طويلة.

 

#غزة #فلسطين #لبنان #الضفة #المقاومة #جيش الاحتلال #بيروت #النخالة #صالح العاروري #اغتيالات #شارون #مروان عيسى #الاستخبارات العسكرية #محمد الضيف #وحدة الساحات #طارق عز الدين #العجوري #البهتيني #جهاد غنام #أبو حسن سلامة