هل نحن خردة بشرية أو بضاعة مزجاة لا اعتبار لها ولا وزن ولا حساب؟؟
توجّهت للصلاة على أمل أن يشفع لي سنّي الذي تجاوز الستين بثلاث سنوات، وهذا يجب أن يمرّ عبر الوحش الكاسر الذي يسمّى حاجز قلنديا، طبعا هناك مثله حاجز قبة راحيل ليعرقل طريق القادمين من الجنوب. تجاوزت أزمة مرورية خانقة مشيا على قدميّ قرابة الخمسة كيلومترات حتى وصلت ما يسمّى معبر قلنديا، لا بأس فالرياضة حميدة لمثل سنّي.
كان المشهد الاّول كتلة بشرية نسوية تسدّ الافق تقف على الفرازة الاولى عند جدار المعبر، إذا كان هذا مع النساء فما بالنا مع الرجال، كيف سيكون الحال؟
وعند الرجال كان كأنه يوم الحشر، جماهير حاشدة لا ترى فيها حركة إلى الأمام سوى حركة بطيئة جدا ومن يرجعون اكثر ممن يحظون بدخول المعبر للفرز الثاني، ينتظرون بفارغ الصبر، هذه "فارغ الصبر" لا تكفي للتعبير عن ذاك الحال، وهناك أفواج الراجعين، يبشّرون المتحمّسين للصلاة باستحالة تجاوز هذا المعبر اللعين.
هناك الفرّازة الأولى لفحص السنّ، يتسلّون على عذابات الناس، ولا بدّ هنا من أن تنتظر طويلا. الثانية لفحص الأمن والممغنط لتمرّ بالمعّاطة (باب دوّار حديدي اصطلح الفلسطينيون تسميّته بالمعّاطة التي تمعط ريش الدجاج). وهنا كم يبدو فحش عنصريتهم فظيعا، يمارسون ما لا يمكن ممارسته على إنسانهم المكرّم المبجّل، بينما هذا الفلسطيني لم يُخلق عندهم الا للعذاب وإعطاء الفرصة لإطلاق ساديّتهم بلا حدود.. والثالثة للتأخير والمرمرة حتى لا يفكّر الناس بالعودة ثانية.
كل من هم تحت الخامسة والخمسين يتم إرجاعه، ومن لا يملك هوية ممغنطة، ومن دخل السجن أو له سوابق أمنيّة. وعلى عينك يا تاجر، لا يوجد في العالم من يُحال بينهم وبين معبدهم كما يفعل هؤلاء مع الفلسطينيين.
طبعا محسوبكم لم يتعدّ الفرز الأوّل، تمّت إحالتي للمرتجع من خردة البضاعة البشرية.
وبحسبة سريعة، إذا اعتبرنا من لا يُسمح لهم بالمرور بناء على اعتبارات السنّ والأمن، ومناطق كاملة لا يُسمح لها مثل قطاع غزّة مثلا، فإن ما يتاح قد لا يصل إلى نسبة واحد إلى خمسين. وإذا أضفنا الوقت الزمني المتاح لزيارة الأقصى من بقيّة أيام السنة، وهو أيام الجمع في شهر رمضان، فكم هذه تساوي زمنيا من السنة؟
الأمر في غاية العنصرية ومصادرة الحريات والاعتداء الغاشم على كل ما تحرّره قوانين الإنسان. يجب توضيح الأمر وفضحه عالميا، وكم بلغت درجة عنصريتهم وتوحّشهم واعتدائهم على المقدّسات وصلوات الفلسطينيين؛ مسلمين ومسيحيين.