نابلس - خاص قدس الإخبارية: أعاد اعتداء المستوطنين الأخير على حوارة بنابلس شمالي الضفة الضفة المحتلة، تسليط الضوء على إرهاب المستوطنين المنظم ضد الفلسطينيين والذي يتم بغطاء رسمي من المؤسسة الرسمية في الاحتلال ومشاركة شخصيات إسرائيلية رسمية.
وخلال السنوات الأخيرة تكررت حوادث اعتداءات المستوطنين بشكلٍ لافت على الفلسطينيين في الضفة المحتلة مستغلين الحماية الرسمية التي تقدمها سلطات الاحتلال لهم ولعل من أبرز الاعتداءات كان إحراق عائلة دوابشة ومنزلهم.
لكن ما جرى مساء الأحد 26 فبراير 2023، يعيد إلى الأذهان سجل الاعتداءات اليومية المتصاعد في السنوات الأخيرة، فوفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية "أوتشا" فإن 3 آلاف اعتداء نفذها مستوطنون في أراضي الضفة الغربيّة بحقّ الفلسطينيين، وممتلكاتهم، ومزروعاتهم.
أما عن البداية الجماعية للاعتداءات الاستيطانية المنظمة في الضفة الغربية المحتلة فقد كانت في 12 أبريل/نيسان 1968 وذلك عندما قامت مجموعة منهم بقيادة الحاخام المتطرف موشيه ليفنغر باقتحام فندق "النهر الخالد" وسط مدينة الخليل للاحتفال بعيد الفصح العبري.
وفي حينه رفض ليفنغر إخلاء الفندق المملوك لعائلة القواسمة للاحتفال بعيد الفصح، وبقي فيه مع مجموعة من المستوطنين المدججين بالسلاح، وشكّلت هذه الحادثة عمليا موطئ القدم الأولى للاستيطان في الخليل وجنوب الضفة الغربية.
التنظيم اليهودي السري
شكّل مطلع الثمانينيات من القرن الماضي محطة مفصلية في الإرهاب المنظم الذي قاده المستوطنون، إذ كشف النقاب عن "التنظيم السري اليهودي" الذي انطلقت نواته من قلب الاستيطان في الخليل، وكان في عضويته صهر الحاخام لفنيغر.
بدأت فكرة التنظيم كـ"جماعة أهلية" تابعة لحركة "غوش إيمونيم"، التي تنشط في دعم المستوطنين وتوسيع المشروع الاستيطاني، واندرج تحت لوائه 27 مسلحًا، غالبيتهم العظمى شغلوا مناصب عليا في الحركة وبمنظمات استيطانية أخرى، وأُسّس التنظيم السري الثلاثي: مناحيم ليفني، ويهوشع بن شوشان، ويهودا عتصيون.
أتت فكرة تشكيل التنظيم السري الذي نشط حتى العام 1984، ردا على توقيع اتفاقية كامب ديفيد، التي أفضت إلى معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية في العام 1979، وسعى التنظيم إلى إحباط اتفاقية السلام بين تل أبيب والقاهرة، إذ رأى فيها المقدمة الأولى لإقامة الدولة الفلسطينية بالضفة الغربية وغزة وشرقي القدس، كما أنه هدف لتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية والأغوار، وعدم اقتصاره على منطقة الخليل.
وضع التنظيم على أجندته هدفين أساسيين، الأول تفجير مسجد قبة الصخرة في المسجد الأقصى، والثاني وضع برامج لتنفيذ هجمات واعتداءات شاملة وواسعة على الفلسطينيين بالضفة والأغوار والقدس، لترويعهم ودفعهم إلى الهجرة، والاستيطان مكانهم.
في الثاني من يونيو/حزيران 1980، نفذ التنظيم اليهودي السري سلسلة من الهجمات الإرهابية عبر تفجير سيارات ملغومة لمسؤولين فلسطينيين، ومن ضمنهم رؤساء بلديات، والتي أصيب فيها كل من رئيس بلدية نابلس بسام الشكعة، ورئيس بلدية رام الله وكريم خلف اللذان بُترت أطرافهما، في حين نجا رئيس بلدية البيرة إبراهيم الطويل من محاولة الاغتيال.
عصابة "شبيبة التلال"
تعدّ عصابة "شبيبة التلال" مجموعة استيطانية متطرفة، يعيش معظم أعضائها، وتعدادهم بالآلاف، في بؤر استيطانية وخيام على قمم جبال الضفة، ويسكنون في مزارع ومبان متنقلة ضمن مناطق مفتوحة خارج المستوطنات وفوق أراضي بملكية خاصة للفلسطينيين.
في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1998، أعطى وزير الحرب الإسرائيلي آنذاك أرييل شارون الضوء الأخضر لتأسيس "شبيبة التلال"، وحث شباب المستوطنين على "الاستيلاء على قمم التلال"، وذلك في أعقاب اتفاقية "واي ريفر" التي أبرمها منافسه السياسي بنيامين نتنياهو مع السلطة الفلسطينية.
ويؤمن أتباع هذه العصابات، وهي صاحبة فكرة البؤر الاستيطانية ومشاريع الاستيطان الرعوي، بـ"أرض إسرائيل الكبرى"؛ إذ يعتبرون الفلسطينيين دخلاء ويجب طردهم من البلاد للحفاظ على "يهودية الدولة"، وشرعوا في نشاطهم الإرهابي بالضفة ليتوسع لاحقا ويمتد إلى جانبي الخط الأخضر.
عصابات "تدفيع الثمن"
مع توغل المشروع الاستيطاني في الضفة والأغوار والقدس، وهيمنة المستوطنين على معسكر اليمين الإسرائيلي، ومحاولات المجتمع الدولي الدفع نحو حل الدولتين، ظهرت في العام 2008 عمليات إرهابية وهجمات على الفلسطينيين وممتلكاتهم وأراضيهم.
ووقعت الهجمات والاعتداءات تحت اسم "تدفيع الثمن"، وانطلقت من مستوطنة "يتسهار"، إذ أتت انتقاما من الفلسطينيين لدورهم في المقاومة الشعبية أو العمليات المسلحة التي تنفذ ضد الاحتلال، وكذلك سعيا لعرقلة أي توجه لتجديد مسار المفاوضات مع الفلسطينيين.
ومنذ ذلك الحين تُسجل سنويا مئات العمليات الإرهابية والهجمات على الفلسطينيين، وتستهدف أيضا المساجد والكنائس والمقابر والمواقع الأثرية التي يتم تدمير معالمها التاريخية العربية والإسلامية واستبدالها بمعالم توراتية مزيفة.
كما تنشط هذه العصابة التي يُقدر أفرادها بالآلاف، في رشق المركبات الفلسطينية بالحجارة، وإضرام النيران في ممتلكات ومنازل الفلسطينيين، واقتلاع الأشجار وتدمير المحاصيل ورشها بالمبيدات وتسميم المواشي، والسعي لوضع اليد على أراضي الفلسطينيين وإقامة منشآت زراعية وسياحية استيطانية.
وتحظى عصابات "تدفيع الثمن" بدعم واسع من المستوطنين عامة، بالإضافة إلى تأييد كبير من الأحزاب اليهودية في معسكر اليمين مثل حزب "يمينا" برئاسة نفتالي بينيت رئيس حكومة الاحتلال الأسبق، والليكود برئاسة بنيامين نتنياهو، ورئيس حزب "عظمة يهودية" عضو الكنيست إيتمار بن غبير، وزعيم حزب "الصهيونية الدينية" عضو الكنيست النائب بتسلئيل سموتريتش، وكذلك دعم الحاخامات.
وعلى الرغم من مئات الاعتداءات التي تنفذها عصابات "تدفيع الثمن" سنويا، فإن سلطات الاحتلال تزعم أن الحديث يدور عن تنظيم بقيادة سرية هي التي توجه نشاط وعمليات أفراد العصابات وتحدد أهدافها.