فلسطين المحتلة - قدس الإخبارية: تزامنت عودة بنيامين نتنياهو لرئاسة حكومة الاحتلال من جديد، مع تطورات محلية وإقليمية وعالمية، حيث يشهد العالم حربا روسية أوكرانية، فيما واجهت إيران أزمة داخلية، وتصاعدت حالة المقاومة المسلحة في الضفة الغربية.
في الملف الإيراني يُعتبر نتنياهو عرّاب خيار الضربة العسكرية للمشروع النووي الإيراني، والمحرض الأكبر على إلغاء الاتفاق النووي إبان حقبة ترامب.
ومن المتوقع أن يعمل نتنياهو من خلال سياسته الخارجية على عرقلة أي مفاوضات او اتفاق نووي جديد بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.
كما تشير التقديرات إلى أن حكومة نتنياهو الجديدة ستواصل العمل وبشكل أكبر على تقويض التواجد الإيراني في سوريا وتأخير امتلاكها لأسلحة ردع في مواجهة التفوق الإسرائيلي عسكريا.
وفي أغسطس الماضي اعتبر نتنياهو أن الاتفاق النووي يمنح ما وصفه بـ"الإرهاب الإيراني" مئات المليارات من الدولارات، مجددا معارضته الشديدة لتوقيع اتفاق لإعادة إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، قائلا إن "الاتفاقية الجديدة الناشئة أسوأ من ذي قبل".
وبخلاف رغبة نتنياهو السياسية، تقدّر الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية أن إعادة الاتفاق النووي مع إيران يصب في مصلحة "إسرائيل".
وحسب تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية فإن إيران باتت "دولة عتبة نووية"، ما يمكّنها من الانتقال لتخصيب اليورانيوم على المستوى العسكري بنسبة 90%، والوصول في غضون أسابيع قليلة إلى كمية كافية من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة نووية.
ويرى مراقبون أن رئيس وزراء الاحتلال سيحاول إبقاء العلاقات مع إدارة بايدن بأفضل أحوالها وعدم التحرك في أي اتجاه يغضبها، أملا في عودة أصدقاءه الجمهوريين للحكم مجددا.
حماس وحزب الله
ستركز سياسة نتنياهو حسب المراقبين على منع حزب الله وحماس من إيجاد جبهات جديدة للقتال خارج مناطقهم "غزة ولبنان"، والتي بات القتال منها مكلفا جدا عسكريا واقتصاديا.
فيما سيبقى التعامل مع قطاع غزة في الجانب الاقتصادي خاضعا لتوصيات المستوى الأمني الإسرائيلي، والابتزازات المتبادلة داخل الائتلاف الحكومي، فيما لا يبدو أن هناك معارضة بين المستوطنين لتقديم تسهيلات اقتصادية للقطاع مقابل الحفاظ على الهدوء.
أما في الضفة الغربية فلا يبدو أن حكومة الاحتلال التي يقودها المتطرفون ستعود لطاولة المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، بل ستزيد الوضع سوءا من خلال رفع معدلات البناء الاستيطاني في أنحاء الضفة الغربية ما سيدمر أي حلم بدولة فلسطينية على حدود 67.
كما يخشى مراقبون من رغبة نتنياهو في إعادة قدرة جيشه على ردع الحالة العسكرية المتصاعدة في الضفة الغربية وخصوصا في نابلس وجنين، من خلال عمليات عسكرية مكثفة، أو من خلال رفع التكلفة على المواطنين أو الضغط على السلطة أكثر لمواجهة المسلحين.
مصير بن غبير!
ويشتهر نتنياهو بسياسة حرق خصومه السياسيين، حيث سيسعى حسب مراقبين لإنهاء الحالة التنافسية على الحكم عبر تمزيق الأحزاب العربية بالداخل وتفرقة ما يسمى اليسار الإسرائيلي.
كما سيعمل على المحافظة على الائتلاف الحكومي، ومجاراة المتطرفين وفق حساباته الخاصة، بما لا يؤدي إلى زعزعة حكمه.
وليس من المعروف مدى تأثير المتطرفين أمثال "بن غبير" على سياسة نتنياهو في المسجد الأقصى، التي قد يشعل تغيير الوضع القائم فيها انتفاضة أو مواجهة عسكرية مع قطاع غزة، لكن قد يضع نتنياهو وزيره الجديد كبش فداء أمام الإسرائيليين وتحميله مسؤولية أي أحداث قد تقع كما فعل مع ليبرمان سابقا.
ماذا عن التطبيع؟
أما على صعيد العلاقة مع الدول العربية والإسلامية، سيحاول نتنياهو تقديم نفسه كصانع للسلام، من خلال عقد سلسلة اتفاقيات مع دول عربية وإسلامية بدعم أمريكي.
وقالت حكومة الاحتلال الجديدة إنها "ستعمل على تعزيز السلام مع جميع جيراننا مع الحفاظ على أمن إسرائيل ومصالحها التاريخية والوطنية، وتعزيز العلاقات الإقليمية، عبر البناء على اتفاقيات إبراهام، والتوصل اتفاقيات سلام جديدة مع دول عربية وإسلامية.”
أما على صعيد الأزمة الروسية الأوكرانية، فإن نتنياهو سيكون بين معضلتين هما تحسين العلاقة مع روسيا وتحديد موقفه من الحرب.
وتشير التقديرات إلى أن نتنياهو سيتوجه إلى الحفاظ على العلاقة مع روسيا ولو بحد الأدنى بهدف الحفاظ على مصالحه في المنطقة العربية.
خلاصة القول فإن سياسة نتنياهو ستعتمد خصوصا في الفترة الأولى كسب المواقف الخارجية والحفاظ على الائتلاف القادم قدر الإمكان دون التورط في مواجهات مع المقاومة.