شبكة قدس الإخبارية

المالية: قانون ضريبة القيمة المضافة في مراحله الأخيرة... ما هي نقاط الخلاف عليه؟

307832b28d9c125a8dc1d0a3044b976b

رام الله - قُدس الإخبارية: يوم أمس، أعلنت وزارة المالية أن قانون ضريبة القيمة المضافة في مراحله الأخيرة قبل التصديق عليه وتطبيقه.

الوزارة وصفت القانون بأنه "سيلبي الطموحات الاقتصادية الوطنية ويحقق العدالة في جباية الضريبة"، تزامناً مع ملاحظات وانتقادات سجلتها مؤسسات مختلفة ورجال أعمال وأصحاب مصالح اقتصادية على القانون.

المالية قالت إن القانون ينص على أن نسبة الضريبة تبدأ بصفر ثم تتدرج إلى 16% ولا تبقى ثابتة مع الأخذ في الاعتبار أنواع السلع وأهميتها، كما جاء على لسان مدير الجمارك والمكوس فيها لؤي حنش.

برنامج "حكي الناس" الذي يقدمه الزميل محمد الأطرش، عبر إذاعة علم وشبكة قدس، فتح ملف قانون ضريبة القيمة المضافة الجديد مع خبراء اقتصاديين وقانونيين وممثلي مؤسسات لرجال الأعمال والتجارة والصناعة في الضفة.

هل القرار بقانون يحمل صفة "الضرورة التي لا تحتمل التأخير"؟

الخبير الاقتصادي أنس المصري، أشار إلى أن القانون الأساسي الفلسطيني ينص على أن إصدار القرارات بقانون في حال غياب المجلس التشريعي، يجب أن يحمل صفة "الضرورة التي لا تحتمل التأخير"، وقال إن قانون ضريبة القيمة المضافة لا يحمل هذه الصفة.

وأضاف: القانون الجديد لا يحمل صفة الضرورة، وكان يجب انتظار عقد المجلس التشريعي، هل نحن بحاجة لقانون جديد يحمل المواطن أعباء جديدة؟.

وحول القانون القديم، ذكر المصري أنه كان يفرض نسبة ضريبة ثابتة على كل السلع، وأضاف: القانون الجديد يفرض ضريبة متغيرة لكل باشتراطات خاصة، مثلاً ورد فيه نص فضفاض حول الجمعيات الخيرية وسمح لمجلس الوزراء أن يعفيها من الضريبة بشروط خاصة.

واعتبر أن القانون كان يجب أن ينص على إعفاء السلع الأساسية من الضريبة، لحماية ذوي الدخل المحدود، الذين يعانون الغلاء والظروف الاقتصادية الصعبة.

وقال إن القانون الجديد يحمل إشكاليات فيما يخص الارتباط باتفاقية باريس الاقتصادية، وقضية فرض ضريبة على بيع الأراضي، في ظل الواقع المعقد التي تعيشه الضفة مع القوانين العسكرية التي يفرضها الاحتلال على مساحات واسعة من الأرض.

"الحل بانعقاد المجلس التشريعي"

من جانبه، قال الخبير القانوني محمد النجار إن قانون ضريبة القيمة المضافة التي تعمل وزارة المالية على صياغته لإقراره من قبل الرئيس، هو أول قانون فلسطيني في ظل "حالة التشوه القانوني" التي سادت حالة التشريعية الفلسطينية طوال سنوات، حسب وصفه، بسبب وجود قوانين من دول أخرى وسيطرة الاحتلال وعدم تشريع قانون فلسطيني بعد إقامة السلطة وانتخاب المجلس التشريعي في دورته الأولى.

وأكد النجار على أن القرارات بقانون يجب أن لا تصدر إلا في "حالة الضرورة القصوى"، في حال عدم انعقاد المجلس التشريعي، كما ينص القانون الأساسي الذي حمل صفة الدستور المؤقت للسلطة.

وشدد النجار على أن "التشريعات المالية تأتي في سياق الضرورة"، وقال: في عدة حالات توجهنا للسلطة التنفيذية لإقرار قوانين تتعلق بالحياة الاجتماعية وغيرها، وهي في مرتبة الضرورة من وجهة نظرنا، إلا أنها رفضت بذريعة عدم وجود ضرورة لذلك رغم أنها تقوم حالياً بتشريع قوانين في مجالات مختلفة.

واعتبر أن الحل لهذا الواقع التشريعي الذي تمر فيه الساحة الفلسطينية هو في عقد المجلس التشريعي بعد إقامة الانتخابات العامة.

هل يكرس التبعية الاقتصادية؟

وذكر النجار أن القانون يتضمن النسب المتفق عليها في اتفاقية باريس، وقال: القانون كان يجب أن يشكل حالة للانفكاك عن التبعية الاقتصادية مع الاحتلال لكن للأسف تضمن نسباً جرى الاتفاق عليها في باريس.

وتابع: لا اعتقد أن القانون حقق الطموح في تحقيق الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال، كما وعد رئيس الحكومة في بداية حقبته، يجب أن نضع استراتيجية شاملة لإنهاء التبعية الاقتصادية للاحتلال من خلال عدة مكونات أبرزها الإطار التشريعي.

عن التوقيت وتحقيق العدالة الضريبية

واعتبر النجار أن الإشكالية الأخرى في طرح القانون هي مسألة "التوقيت"، وأوضح: المجتمع الفلسطيني كحال بقية العالم يمر بضائقة اقتصادية في ظل الغلاء خاصة على السعر الأساسية، في الدول الغنية والمتقدمة خفضت الحكومات الضرائب لتقليل الأعباء على المواطنين بعد الغلاء.

وفي سياق آخر، يتفق النجار مع الرأي القائل إن "الضريبة التصاعدية" أفضل وأكثر عدلاً، ولكن اعتبر أن القانون لم "يحقق الضريبة التصاعدية كما يجب".

وأضاف: حسب العقد الاجتماعي المتعارف عليه في كل العالم يجب أن تكون مقابل تقديم الخدمات للناس مثل الصحة والتعليم وغيرها، لسنا ضد فرض الضرائب لكن يجب أن تكون مقابل خدمات معروفة، وأن تمنح السلطة التنفيذية للمجتمع السلطة الرقابية.

وتعليقاً على المشاورات التي قامت بها المالية مع أطراف مختلفة، قال النجار: بداية أي مشاورات حول قرار بقانون غير كافية

لأن السلطة التنفيذية غير صاحبة الاختصاص الأصلي، يجب أن لا نذهب بعيداً في نقاش قضية التفاوض على القرار بقانون بعد فرضه كأمر واقع رغم أنه لا يندرج في إطار حالات الضرورة.

وأردف قائلاً: لكن كان يجب أن تدخل قطاعات أخرى في النقاشات مثل المؤسسات الأهلية التي يفرض القانون نسبة ضريبة على المنح التي تصلها، وقد تراجعوا عنها بعد صياغة عبارة فضفاضة تقول إن "المؤسسات التي تمارس نشاطاً ينافس القطاع الخاص تفرض عليها ضريبة القيمة المضافة".

وتابع: هذه الصيغة الفضفاضة تخلق إشكاليات مختلفة، يمكن لمأمور الضريبة أن ينظر إلى بعض المؤسسات الأهلية أنها تمارس نشاطاً منافساً للقطاع الخاص ويفرض عليها الضريبة.

"المواطن يدفع الثمن في النهاية"

النجار شدد على أن "المواطن الفلسطيني هو من سيدفع الثمن في النهاية"، وقال: بعض السلع المحلية ستتراجع قدرتها على التنافس مع السلع المستوردة، وفي نهاية المطاف من سيدفع الثمن هو المواطن الفلسطيني، لأن صاحب المصلحة الاقتصادية أو الأرض وغيرها من القطاعات التي تشملها الضريبة سيرفع الأسعار على المجتمع.

وأكد على ضرورة إقرار القوانين بعد عقد المجلس التشريعي، وقال: هذا الواقع كان يستدعي أن تصدر القرارات عن أصحاب الاختصاص التشريعي القادرين على سن قوانين مناسبة.


هل أخذت المالية بملاحظات المؤسسات؟

رئيس جمعية رجال الأعمال، محمد العامور،  قال إن "أصحاب المصالح الاقتصادية والاستثمارية مع أي قانون وطني فلسطيني يحافظ على الاستقرار الاقتصادي في البلد ويجلب الاستثمار".

وأضاف: لا نريد أن نعيش في واقع إصدار قانون جديد في فترات متقاربة الأمر الذي يخلق إرباكاً اقتصادياً في البلد.

وحول قضية الحوار مع المالية على تفاصيل القانون، أوضح العامور: الوزارة أخذت ببعض الملاحظات التي قدمناها لها خلال الحوارات، لكن توجد نقاط أساسية لم يتم الأخذ بها خلال الصياغة، لذلك نطالب الحكومة والوزارة باطلاعنا على النسخة النهائية من أجل النقاش حولها، قبل إقرارها من قبل الرئيس.

وعن النقاط التي اعترضت عليها المؤسسات، قال: القانون أعطى للوزير صلاحيات ضمن نصوص فضفاضة، مثل أن يفرض ضرائب بما يراه مناسباً في بعض القضايا، بالإضافة لقضية التجارة الإلكترونية قدمنا بعض الملاحظات.

وذكر أن القانون الجديد ينص على أن "الإرجاع الضريبي يتم خلال 60 يوماً أو ما يقرره الوزير"، وقال: النصوص الفضافضة غير مقبولة يجب أن تكون الأمور واضحة.

ومن بين نقاط الخلاف، أشار العامور إلى موضوع "السرية المصرفية"، وأوضح: نحن قلنا للوزارة أن الشركة أو المؤسسة التي تسير وفقاً للقانون في كل معاملاتها، لا يجوز أن يمنح القانون أي موظف صلاحيات الدخول إلى البنك وطلب معلومات عنها، إلا في حالة وجود قرار من المحكمة.

وطالب العامور الحكومة ووزير المالية باطلاع المؤسسات الاقتصادية والمعنية في القانون على النسخة النهائية من القانون، من أجل المزيد من النقاش، وعرض نقاط الخلاف على مرجعية تحكم فيها.

"الحوار يجب أن يستمر"

وفي سياق متصل، أكد رئيس جمعية الاقتصاديين الفلسطينيين رسلان محمد أن الحوار بين المؤسسات المختلفة ووزارة المالية، حول قانون ضريبة القيمة المضافة، "يجب أن يستمر لتدارك الثغرات فيه"، حسب وصفه.

وقال: القانون مهم جداً بالنسبة للحكومة لأن ضريبة القيمة المضافة أحد المصادر المهمة لخزينة السلطة، ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار الفروقات بين الأنشطة الاقتصادية المختلفة، في المجتمع الفلسطيني.

ويتفق رسلان مع الرأي القائل إن "الضريبة ستكون على كاهل المجتمع الفلسطيني"، وأوضح: نفقات الفلسطيني في السلع كافة وحتى العقارات ستكون واقعة تحت ضغط ضريبة القيمة المضافة، لذلك نؤكد على ضرورة إجراء مزيد من الحوار الذي يأخذ بالفروقات بين النشاطات الاقتصادية المختلفة.

واعتبر أن الحوار بين المالية ومؤسسات المجتمع المدني بمختلف نشاطاتها ما زال "في هامش محدود".

"نقاط خلاف عالقة"

من جانبه، اعتبر الناطق باسم غرفة تجارة وصناعة نابلس ياسين دويكات أن وزارة المالية "أخذت بنسبة 90% - 95% من الملاحظات التي قدمتها المؤسسات التي شاركت في الحوارات".

وقال: عقدنا عدة جلسات حوار مع اللجنة المختصة بصياغة القانون، والهدف من القانون هو أن لا نستخدم قوانين من دول وجهات أخرى وأن يكون لنا نص تشريعي خاص، وقد طالبنا خلال الجلسات بأن تكون الظروف الاجتماعية والمعيشية للفلسطينيين تحت الاحتلال، في عين الاعتبار خلال صياغة النصوص.

وأكد دويكات أن عدة نقاط في القانون ما زالت موضع خلاف مع المالية، وأوضح: توجد نصوص تتعلق بالعقوبة وآلية الطعن والاعتراضات والسرية المصرفية ما زالت مختلفاً عليها وطالبنا المالية بأخذ ملاحظاتنا عليها.

وكشف أن المؤسسات طالبت برفع الضريبة عن كل قطاع مقدمي الخدمات أسوة برفعها عن كشفيات الأطباء.

 

#الضفة #وزارة - المالية #قانون - ضريبة - القيمة - المضافة #اتفاقية - باريس