رام الله - خاص قُدس الإخبارية: قبيل الاعتصام المركزي الذي نظمته نقابة المحامين الفلسطينيين أمام مجلس الوزراء، يوم الإثنين 25 يوليو/تموز 2022، نشر ديوان الفتوى والتشريع عددًا حديثًا من جريدة الوقائع، الجريدة الرسمية لأي قرارات جديدة، وكان من ضمن ما نشرته الوقائع، عن بدء نفاذ 4 قراراتٍ بقانون، في وقت وصل فيه المحامون أسبوعهم الثالث من التصعيد احتجاجًا على القرارات بقانون الصادرة في ظل تغييب المجلس التشريعي، وتأجيل الانتخابات العامة، ودون موافقة من نقابة المحامين.
إحدى هذه القرارات بقانون، التي نشرتها جريدة الوقائع في عددها الـ 27، كان القرار بقانون المعدل لقانون المحكمة الدستورية، والذي أثار جدلًا جديدًا حول مبررات السلطة الفلسطينية بإصدار هذه القرارات بقانون من جهة، وحول مضمون هذه التعديلات لقانون المحكمة الدستورية من جهة أخرى.
ديباجة القرار بقانون: تلخيص الأزمة التشريعية
بدْءًا من ديباجة القرار بقانون، يقرأ عضو نقابة المحامين السابق المحامي وليد العارضة عن سعيِ مشرعي هذا القرار بقانون إلى فرض وتعزيز تغييراتٍ في آلية التشريع القانونية، حيث حذفت ديباجة هذا القرار استناداتٍ أساسية مقارنة مع القانون الأصلي، موضحًا: "لم ينص القرار على جملة مشروع القانون المقدم من مجلس الوزراء، أي أن هذا القرار ليس مقدمًا من مجلس الوزراء، دون توضيح من قدمه، كما أنه لغى استناده على قرارات المجلس التشريعي"
ويضيف العارضة في حديثه لـ "شبكة قدس": "هناك أسئلة مهمة يجب أن تطرح، تقول ديباجة القرار بأنه أقرّ بناءً على الصلاحيات المخولة، دون أن يعلم الجمهور ما هي هذه الصلاحيات ومن يقدرها؟، هنا يوجد فرق في الديباجة والتوجه بين القانون الأصلي الذي يقره المجلس تشريعي، وقرار بقانون يغير من قرار المجلس التشريعي بصلاحيات غير معلومة."
ويشدد العارضة على أن جميع الملاحظات التي يمكن أن تؤخذ على هذا القرار بقانون ما هي إلا ملاحظات أولية ظاهرة، حيث ينص هذا القرار بقانون المعدل لقانون المحكمة الدستورية على 28 مادة، فيما ينص قانون المحكمة الدستورية رقم (3) لسنة 2006 على 50 مادة، أي أن هذا القرار بقانون عدّل 50% من القانون الأصلي الذي أقره المجلس التشريعي.
تأثيرٌ على كفاءة واستقلالية المحكمة الدستورية
وفي قراءة للتعديلات المنصوص عليها القرار بقانون الجديد، يشير المحامي العارضة إلى أن هذا القرار خفض من المدة اللازمة للقاضي أن يشغلها في المحكمة الإدارية العليا من 5 سنواتٍ إلى 3 سنواتٍ ليصبح قاضٍ في المحكمة الدستورية، مع حذفه شرط أن تكون سنوات عمله "متصلة"، كما أنه غيّر في لفظ "رؤساء محاكم الاستئناف" الواردة في القانون الأصلي إلى "قضاة محاكم الاستئناف"، وهو ما يراه العارضة تخفيضًا في الكفاءة الموجودة في المحكمة الدستورية العليا.
من جهته، نشر مركز "مساواة" ورقة موقفٍ حول القرار بقانون المعدل لقانون المحكمة الدستورية، والذي قال فيه المركز "أن هذا القرار بقانون تناول قانونًا هامًا يُعد من التشريعات المكملة للقانون الأساسي "الدستور"، والتي لا يجوز بالأصل بل ويُحظر تعديلها بقرار بقانون"، وفصل فيها بعضًا من المآخذ السلبية لهذا القرار بقانون.
يقول مسؤول الشؤون السياساتية والقانونية في "مساواة" إبراهيم البرغوثي أن القرار بقانون ربط امتياز التدريس في الجامعات بموافقة رئيس المحكمة الدستورية، مما يعني أن القاضي الذي لا يعجبه سياق الأداء العام للمحكمة الدستورية قد لا يمنحه رئيس المحكمة الإذن، ويصبح الموضوع عرضة للمساومة، ويمكن أن يخلق تضارب مصالح، وانتهاك لاستقلالية القضاء.
إضراب المحامون مستمر: قرارات بقانون جديدة
وبينما يحتج المحامون على القرارات بقانون، منها القرار بقانون المعدل لقانون أصول المحاكمات المدنية، يستند القرار بقانون الجديد المنشور في جريدة الوقائع إلى قانون أصول المحاكمات المدنية وتعديلاته، دون الإشارة إلى أن تعديله الأخير ضمن ما استند إليه من أصدر القرار أم لا.
ووفقًا للبرغوثي، فإن صدور قرارات بقانون جديدة في ظل أزمة نقابة المحامين، يعني أن مشرعي هذه القرارات بقانون لا يرون إضراب المحامين حدثًا نوعيًا، مضيفًا: "القرار بقانون المعدل لقانون المحكمة الدستورية هو مقترح منذ عام 2019، وجرى توقيفه أكثر من مرة قبل أن ينشروه أخيرًا، وله علاقة بتوجه نحو إعادة بنية النظام السياسي مرة أخرى على نحو يوسع القاعدة الشعبية للحاكم."
من جانبه، يؤكد عضو نقابة المحامين وأمين الصندوق المحامي لؤي أبو جابر أن النزاع النقابي الذي تخوضه النقابة الآن يتعرض لجميع القرارات بقانون، مع تركيزها على القرارات بقانون التي تطال حقوق المواطنين، مثل القرارات بقانون المعدلة لقانون الإجراءات الجزائية، وأصول المحاكمات المدنية، وقانون التنفيذ.
ويوضح أبو جابر في حديثه لـ "شبكة قدس" أن القرارات بقانون الجديدة تندرج تحت اعتراضات نقابة المحامين، المتمثلة في "سيل القرارات بقانون بشكل كبير، وأسباب تطويع هذه القرارات بقانون، وسبب صدورها بهذا التوقيت والسرعة، وآلية إصدارها"، والتي سببها غياب المجلس التشريعي والحوار المجتمعي هذه القوانين.