شبكة قدس الإخبارية

بايدن وزيارته الشكلية لبيت لحم

1064887918_0_0_1500_844_1920x0_80_0_0_c796c9fcfd7b44455993cd08a00845bc
معز كراجة

مئة مليون دولار لمستشفيات القدس، وإجتماع شكلي لا يتجاوز الساعة مع عباس في بيت لحم لحفظ ماء الوجه. هذا هو أقصى ما سيقدمه الرئيس الأمريكي بايدن للسلطة الفلسطينية. أي بكلمات اخرى، هذا هو حجم القضية الفلسطينية في الحسابات الأمريكية اليوم.

في حين هنالك تطور مستمر في العلاقات العربية الاسرائيلية، فالحديث يدور عن "تعاون أمني" وسوق مشتركة وشبكة مواصلات بين إسرائيل "وجيرانها العرب" . وأقول "تطور في العلاقات" وليس "تطبيع" لأن ما يحصل فعليا يتجاوز بكثير مجرد "إقامة علاقة طبيعية" ليصل الى "تحالفات استراتيجية" بالمعنى السياسي والاقتصادي والأمني. لم يعد مصطلح التطبيع يعبر عن حقيقة الواقع السياسي القائم.

وهذا يعني ببساطة ووضوح، أن القضية الفلسطينية لم تعد عاملا مهما في رسم السياسات والتحالفات الإقليمية. فقد بات بإمكان الكثير من الدول العربية أن تفكر وتقرر وتنفذ من خارج صندوق الفلسطينيين وقضيتهم. انتقلنا من مركز السياسة الإقليمية وحتى الدولية الى أقصى الهامش.

أما على الصعيد الداخلي لهذه القضية، فلم يعد هنالك حتى حاجة لتكرار الكليشيهات التي اعتاد رؤساء أمريكا على ترديدها من قبيل: الالتزام بحل الدولتين، والاستيطان يهدد عملية السلام، والحل العادل لقضية اللاجئين. قد يشير بايدن الى "أهمية حل الدولتين" لكن دون استخدام كلمة "التزام" أمريكا بحل الدولتين حسب ما نشر بالصحافة

تخيلوا أن بعض التقارير الصحافية تقول بأن السلطة الفلسطينية تطالب بايدن بمجرد ذكر هذه الجمل الكليشيهات خلال اجتماعه بعباس في بيت لحم!! يطالبونه بمجرد "كلام"، طبعا من اجل استخدامه للاستهلاك المحلي والإعلامي!! الى هذا المستوى هبط "سقف المطالب". لا حديث حتى الآن عن فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية على سبيل المثال.

ربما يمكن صياغة كل ما تقدم بكلمات أكثر وضوحا وقسوة: امريكا ومن بعدها المجتمع الدولي ودول عربية فاعلة، لا يرون اليوم أن هناك قضية وطنية مركزية يجب اخذها بعين الاعتبار، بل أكثر من ذلك، مفهوم "السلام الاقتصادي" لم يعد يشمل الفلسطينيين، وإنما يقتصر على علاقة إسرائيل بالعرب. بالنسبة لهم في فلسطين هناك أكوام من البشر يجب توفير الحد الأدنى لهم من أسباب العيش.

ولكن رغم كل ذلك، تابعوا غدا الصحافة المحلية واقرأوا مقالات المحللين والكتاب والمثقفين، حيث سيعيدون على مسامعنا نفس الكليشيهات منذ التسعينيات حتى اليوم وكأن الواقع تحت اقدامهم ثابت لا يتغير. ليس "القيادة الفلسطينية" فقط مسؤولة عن ما وصلنا اليه، وإنما أيضا الصف الأول من نخب تزييف الوعي وترويج الوهم، أصحاب الياقات البيضاء.

#بايدن #ناتو عربي