شبكة قدس الإخبارية

الحلف الصهيوني العربي الأمريكي: متطلبات التصدي

_125708216_b9ef01b8-33b6-4b74-b396-1be597d61163
وسام الرفيدي

 

لنسمي الأمور بمسمياتها؛ ما يجري الحديث عن ترتيبه في المنطقة ليس مجرد إطار تنسيقي عربي /إسرائيلي برعاية أمريكية، أو حتى ترتيبات عسكرية لمجابهة إيران، بل، ومع كونه كذلك إلا أنه أكثر إنه (تحالف) رجعي عربي (أنظمة الخليج ومصر)، صهيوني/ أمريكي، تحالف في حقيقته علاقة تبعية، يصطلح على تسميته إعلاميا بالناتو العربي، شيء شبيه بموقع دول شرق آسيا، اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، من حلف الناتو، ليسوا أعضاء بل ينتظمون ضمن الخطط الإمبريالية للناتو. 

هل من جديد؟ نعم. الجديد هو الإعلان الرسمي عما كان قائما أصلاً. فدول الخليج، وعبر علاقات التطبيع، ومنذ تأسيسها كدول من الإمبريالية البريطانية، ومصر واصطفافاتها بعد معاهدة كامب ديفيد الاستسلامية للصهاينة، باتوا جميعاً في علاقة تبعية رسمية للمركز الإمبريالي الأمريكي ووكيله في المنطقة الكيان الصهيوني. الجديد إذن هو الترسيم الفعلي للعلاقة وإعلان أهدافها المتمثلة بـ: تسويق الكيان الصهيوني في المنطقة عبر التطبيع، وثانياً التصدي للجمهورية الإسلامية في إيران، أما ما بات واضحا، وإن لم يكن معلنا بقوة، فهو السعي لضرب الاعتماد على الغاز الروسي من خلال الغاز الفلسطيني المنهوب صهيونياً، وغاز الخليج. 

لقد كان من نتاج العملية العسكرية الروسية أن شُرع بإعادة تنظيم العلاقات والنظام الدولي الجديد. الروس يندفعون بقوة سياسية، تعادل قوة وسرعة دباباتهم في أوكرانيا، لبناء شبكة علاقات دولية مناهضة للهيمنة الأمريكية وكمدخل للنظام الدولي الجديد، مع الصين وإيران والبرازيل وفنزويلا وسوريا والهند، فيما أيضاً الإمبريالية الأمريكية تسعى لمقاومة حركة التاريخ الجارية لتغيير النظام العالمي باصطفافات علنية داعمة لهيمنتها. من هذه الزاوية يمكن قراءة علانية التوجه الأمريكي الصهيوني لبناء حلف الناتو العربي باستخدام الوكلاء الصغار من الدول العربية المرتبطين بالإمبريالية تاريخياً والتي لولاها لما بقوا أسبوعا يتربعون على عروشهم. هذا ما قاله ترامب صراحة لولي العهد السعودي ودون مجاملة بل وبوقاحة ابتسم لها السعودي صاغراً وذليلاً.

بالمقابل، في الموقف، وفي الإسناد السياسي واللوجيستي والخطابي تشكل محور المقاومة المقابل منذ سنوات. إيران وسوريا وحزب الله وأنصار الله والمقاومة الفلسطينية، وحديثا يجري الحديث عن المقاومة العراقية، خاصة حزب الله العراقي، كلهم باتوا يشكلون ما يعرف بمحور المقاومة الذي أعلن أكثر من مرة أن أي اعتداء على أي من أطراف المحور هو اعتداء على أطراف المحور، وبالتالي سيقود لحرب إقليمية يتموضع فيها، كما يجري الإعلان، محور المقاومة كتشكيل عسكري مقاوم موحد.

جيد، ولكن على الأرض هناك غير ما يُعلن. على الأقل ثلاثة أطراف من محور المقاومة بات من المعروف دعمها العسكري، اللوجستي والخبرات، للمقاومة في غزة، إيران وسوريا وحزب الله، وهذا بات معروفاً ويخرس كل الألسن المعادية للمقاومة والتي تلهج بلسان أصحاب سلطة أوسلو.

ومع ذلك فالعلاقات بين أطراف محور المقاومة لم ترتقي بعد للتموضع الذي يوازي تموضع تحالف الناتو العربي، فهنا أطر تنسيقية ثابتة وفاعلة منذ سنين على مستوى الخبراء في مختلف المجالات، لا تبدو زيارة بايدن القادمة سوى تتويج برسم الهيكلة لهذه الأطر التي لن ينتهي دورها، بل يتهيكل عسكريا ومؤسساتيا بطريقة أكثر توثيقا ونجاعة لخدمة الهدف الأمريكي والصهيوني من تشكيله.

بالمقابل يفتقد محور المقاومة حتى اللحظة للهيكل الثابت للعلاقة. صحيح أن العلاقات التنسيقية قائمة وحثيثة، ولكن دون هيكلة العلاقة وتوحيد بعض الأطر يصعب تصور بناء أدوات رادعة حقيقية تتمتع بالجهوزية في لحظة لصد التحالف المعادي.

إن من ميزات هذا الهيكل ليس فقط توفير الأداة والجهوزية كما قيل أعلاه، بل وحل أية إشكاليات قد تنشأ في سياق العلاقة، من نوع تضارب مستويات الخطاب المعلن مثلاً، أو تضارب حسابات الرد المباشر والعسكري بين طرف وآخر في لحظة معينة، أو اخيراً توحيد الخطاب المقاوم دون المس قطعاً باستقلالية كل طرف. 

جهاز يخدم سياسة، هذا المطلوب لا العكس قطعاً، وطالما هناك توجه سياسي لدى أطراف المقاومة، لا نشك به مطلقاً، للتصدي لناتو بايدن، فعلى الأقل لينبني جهاز لتنفيذ هذه السياسة في افتراق مع ارتجالية التنسيق الموسمي.