فلسطين المحتلة - خاص شبكة قُدس: من جديد، تعود مسيرة أعلام المستوطنين إلى الواجهة، بعدما صادقت حكومة الاحتلال على انطلاقها يوم الأحد المقبل 29 أيار/ مايو 2022، وبعدما وافقت محكمة الاحتلال في القدس المحتلة على إقامة المستوطنين الصلاة والاستلقاء على الأرض في أعقاب اقتحاماتهم للمسجد الأقصى المبارك.
ورافقت قرارات الاحتلال بما يتعلق بمسيرات الأعلام والصلوات العلنية في المسجد الأقصى، تهديدات من فصائل المقاومة الفلسطينية، بما ينذر بتفجير الأوضاع وتصعيد جديد، في الوقت الذي أعادت فيه الذاكرة مساهد معركة سيف القدس في مايو 2021، حين تصاعدت الأوضاع على غرار مسيرة اعلام للمستوطنين، قبل أن يقرر الاحتلال تأجيلها وتغيير مسارها لاحقًا تحت وطأة صواريخ المقاومة.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي، أن الاحتلال معنيّ بإنفاذ مسيرة الأعلام المزمع إقامتها نهاية الشهر الجاري، وأهمها الرغبة في إثبات سيطرته وسيادته على القدس المحتلة باعتبارها عاصمته إلى جانب المسجد الأقصى.
ويقول عرابي لـ "شبكة قدس": "الاحتلال يريد أن يفعل ما يريد في القدس، في الوقت الذي يتعامل فيه مع مسيرة الأعلام باهتمام كونها فشلت العام الماضي، لذلك هم معنيون بتعويضها هذا العام وإقامتها وفقًا للمسار المعلن".
وبحسب الكاتب عرابي فإن هناك إحساسا بالإذلال لدى المؤسسة الرسمية نتيجة سلسلة الأحداث الأخيرة خصوصًا موجة العمليات الفردية وجنازة شيرين أبو عاقلة، تضاف إلى ذلك حالة المناكفة والمزايدة في الأوساط الإسرائيلية الحزبية وهو ما يدفع حكومة الاحتلال إلى إقامة المسيرة.
وبشأن توقع ردة فعل المقدسيين، أضاف عرابي قائلاً: "توقع هذا الأمر صعب فهبات المقدسيين ليست على وتيرة واحدة ويصعب توقع ما يمكن أن يحدث، كون الهبات شعبية أكثر من كونها منظمة، وفي مجتمعات صغيرة من الصعب استمرار الهبة على وتيرة مستمرة".
أما عن المقاومة فيرى أن كل الاحتمالات واردة بالنسبة لتدخل المقاومة في غزة، مع أنها ليست مضطرة للتدخل في كل حدث في القدس من هذا النوع، وليس من الصحيح أن تتدخل في حروب مفتوحة مع الاحتلال في ظل الحصار الذي يعاني منه قطاع غزة.
ائتلافٌ متهالك.. محاولة انقاذ
المحلل والمختص في الشأن الإسرائيلي حسن لافي لا يستبعد أن يكون إقرار حكومة الاحتلال مسيرة الإعلام مدفوع برغبات حزبية لدى نفتالي بينيت، خاصة أن وزير الأمن الداخلي لدى الاحتلال "عومر بارليف" هو من أقر المسيرة، وأكد أنها ستسير حسب ما هو مخطط لها لدخول منطقة باب العامود، رغم أنهم يدركون إدراكا تامًا أن هذا سيكون عاملًا أساسيًا لتفجير الوضع.
ويوضح لافي في حديثه لـ "شبكة قدس": "قد يظن نفتالي بينيت أنه قد يرضي بإقرار المسيرة نواته الانتخابية اليمينة المتطرفة، ويزيد من حظوظه في أية انتخابات مبكرة هو مقتنع أنها أصبحت قاب قوسين أو أدنى، والأمر الثاني أنه يدحض الاتهامات التي تتهمه بها المعارضة بأنه خنع إلى صوت القائمة العربية الموحدة بقيادة منصور عباس، أو أنه يعتمد على القيادة العربية المشتركة بقيادة أيمن عودة، وهذا يقدح بصهيونيته ويمينيته التي تم انتخابه من أجلها".
ويتابع لافي: "كلنا نتذكر أنه عندما كان يشعر بينيت بأن حكومته كانت قوية، رفض أن تكون هناك مسيرة أعلام قبل عدة أسابيع في شهر رمضان، وأمر شرطة الاحتلال بمنع إيتمار بن غفير ومن معه من المستوطنين من الوصول إلى باب العامود".
ومع ذلك، يرى لافي أن كلمة الفصل في استمرار المسيرة من عدمها مرهونٌ بالمستوى الأمني والعسكري لدى الاحتلال وليس السياسي، متسائلًا: "هل يقبل جيش الاحتلال الذهاب بهذا التوقيت إلى معركة لا مفر منها إذا قرر تمرير المسيرة في باب العامود والبلدة القديمة؟، حتى الآن شرطة الاحتلال توافق على مرور هذه المسيرة، ويبقى الأمر للشاباك وجيش الاحتلال".
وحول المشهد المتوقع يوم الأحد، يرى لافي أن الكرة الآن في الملعب الإسرائيلي، حيث أوضحت المقاومة الفلسطينية موقفها من هذا الموضوع بشكل لا لبس فيه كما أوضح ذلك رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي قبل يومين.
ويضيف: الاحتلال يدرك أن هذه التهديدات حقيقية وجادة، وهناك متغيرات أدخلت بعد معركة سيف القدس وأهمها دخول الضفة الغربية على خط المواجهة، بمعنى أن الأمر لن يكون مقتصرًا على قطاع غزة كما كان في معركة سيف القدس.
من جانبه، يقول المختص في الشأن الإسرائيلي جمعة التايه، إن حكومة بينيت تمر بمرحلة صعبة جدًا بعد الانسحابات التي حصلت فيها، ويحاول من خلال بعض المواقف والتحركات تثبيت الحكومة ومنعها من السقوط.
ويضيف التايه لـ "شبكة قدس": "من الممكن تدخل دول ووساطات عربية ودولية لمنع المسيرة ليس حبًا في الفلسطينيين، وإنما خشية من انزلاق الأمور، خصوصاً بعد المعادلات التي فرضتها معركة سيف القدس العام الماضي".
وأشار إلى أن المقاومة الفلسطينية وتهديداتها التي أطلقتها تجاه مسيرة الأعلام إذا ما نفذت بالمسار المخطط لها ستذهب نحو التصعيد، مبيناً أن تصريح بينيت بتنفيذ مسيرة الأعلام كان واضحًا بشأن القدرة على القيام بالتأمين من قبل شرطة ومخابرات ومنظومة الاحتلال الأمنية".
وعن قرار محكمة الاحتلال بالسماح بالصلوات للمستوطنين بشكل علني في الأقصى، يرى التايه أن القرار القضائي جاء تماشياً وتماهياً مع قرار حكومة الاحتلال والمستوطنين الذين يريدون إقامة الصلوات داخل ساحات المسجد الأقصى.
وبحسب التايه فإن القرار جاء ضمن محاولات التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، حيث أن السنوات الأخيرة شهدت تغيرًا في سلوك المستوطنين نبع من تنفيذ فعاليات وصلوات تلمودية تستهدف تعزيز التقسيم داخل الأقصى، وفرض واقع جديد من قبل حكومة الاحتلال ومن ورائهم الحاخامات والحركات الدينية.