شبكة قدس الإخبارية

عن القرارات بقانون ... قانونيون لـ "قدس": السلطة التنفيذية تتغوّل في ظل غياب المجلس التشريعي

CdoFp
نداء بسومي

رام الله - خاص قُدس الإخبارية: مع بداية عام 2022، صدرت مشاريع قرارات بقانون أثارت جدلًا في الوسط القانوني والشارع الفلسطيني، مثل مشروع القرار بقانون المعدل لقانون الإجراءات الجزائية، القرار بقانون حول أصول المحاكمة، والقرار بقانون حول دعاوى الدولة الذي أثار ضجة عارمةً باعتباره منظمة التحرير الفلسطينية جزءًا من السلطة، قبل أن يصدر تصويب من المستشار القانوني حول الموضوع.

الاعتراضات التي أثيرت، رافقها أسئلة حول ما ترمي إليه السلطة التنفيذية ممثلة بالرئيس الفلسطيني من تحقيقه عبر سلسلة من القرارات بقانون الصادرة عن الرئيس في وقتٍ يغيّب فيه المجلس التشريعية، السلطة المنوطة بإصدار القوانين والتشريعات في الأراضي الفلسطينية.

في الأثناء، تنص المادة (43) من القانون الأساسي الفلسطيني على أنه لـ "رئيس السلطة الوطنية في حالات الضرورة التي لا تحتمل التأخير في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي، إصدار قرارات لها قوة القانون، ويجب عرضها على المجلس التشريعي في أول جلسة يعقدها بعد صدور هذه القرارات، وإلا زال ما كان لها من قوة القانون، أما إذا عرضت على المجلس التشريعي على النحو السابق ولم يقرها زال ما يكون لها من قوة القانون."

بسط الهيمنة على السلطة القضائية

في حديثه لـ "شبكة قدس"، يرى الكاتب والباحث السياسي جهاد حرب أن غياب السلطة التشريعية يتيح فرصة لتحرير السلطة التنفيذية من المساءلة، ويتيح للسلطة التنفيذية للتغول على السلطات الأخرى بما فيها السلطة القضائية، في ظل غياب مبدأ فصل السلطات المتوازن، وامتلاك السلطة التنفيذية للموارد وتحكمها بها،

وبحسب حرب، فإن جزءًا من القرارات بقوانين تصدر لتلبية حاجة مجتمعية، وجزء آخر ليس له حاجة مجتمعية له، وفي كلتا الحالتين، يجب للتشريع أن يكون منسجمًا مع متطلبات المجتمع الفلسطيني، وحتى الآن لدينا إشكاليات أن التشريعات التي تصدر لا يتم مناقشتها بشكل واسع مع المجتمع الفلسطيني، وبالتالي هناك أخطاء في الصياغة التشريعية وأيضًا سياساتية في هذه القوانين، وقد تتراجع السلطة التنفيذية عنها أحيانًا.

من جانبه، يقول مدير المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة " إبراهيم برغوثي إن الرئيس أمعن في إصدار القرارات بقوانين دون أن يتوفر السبب الموجب لإصدارها دستورياً، بالتزامن مع غياب متطلبات المادة 43 من القانون الأساسي، وحلّ المجلس التشريعي وإلغاء الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية التي كان من المقرر تنظيمها قبل عام.

ويضيف البرغوثي، في حديثه لـ "شبكة قدس"، أنه في ظل عدم وجود انتخابات، بات النظام السياسي يجمع كافة السلطات في يد جهة واحدة هي السلطة التنفيذية، التي أقدمت من خلال إصدار قرارات بقوانين على الهيمنة المطلقة على السلطة القضائية، عبر تسكين مجلس أعلى قضائي انتقالي تبعه إصدار قرارات بقوانين معدلة للتشريعات القضائية وفي مقدمتها قانون السلطة القضائية وبموجب هذه التعديلات عُيّن رئيس مجلس القضاء الأعلى وباتت الإدارة القضائية تتبع مباشرة للرئيس، ما يلغي استقلالية السلطة القضائية ويهدم مبدأ الفصل بين السلطات.

وينوّه البرغوثي إلى أن السلطة التنفيذية استحكمت بالحياة القانونية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية وأصدرت لغايات هذا التمكين العديد من المراسيم والقرارات الرئاسية والقرارات بقوانين التي تركزت على معظم مناحي الحياة، ولعل أبرزها القرار بقانون رقم 5 لسنة 2020 الذي غير طبيعة النظام السياسي بحيث أضاف في ديوان الرئاسة كافة الصلاحيات على المجالات.

التمهيد لمرحلة سياسية قادمة

في السياق ذاته، إن القرارات بقانون التي نشرتها جريدة الوقائع الرسمية مؤخرًا، غابت عنها عبارة "يعرض هذا القرار بقانون على أول جلسة مجلس تشريعي قادم"، وذلك استنادًا لما تنص عليه المادة (43) من القانون الأساسي الفلسطيني.

المحامي داوود الدرعاوي يرى أن هذا السياق هو تراكمي، بدأ في حالة من التغول ومحاولة التهام واحتواء لباقي السلطات، حيث ألغيت السلطة التشريعية بجرة قلم، وهذا ما يحدث من حالة ترسيم للشكل القانوني تهيئة للمرحلة القادمة، التي لن تخضع لمبدأ الفصل بين السلطات ولن يحكمها القانون الأساسي باعتباره صادر عن مجلس تشريعي.

ويقرأ الدرعاوي في حديثه لـ "شبكة قدس" المرحلة القادمة بأنها ستكون محكومة من قبل نخبة متفردة بالقرار الفلسطيني سواء القرار التشريعي والسياسي لمحاولات خلق ولايات جديدة على الأرض تخلف الرئيس في سياقات إضعاف وإنهاء السياقات الأخرى التي قد يكون له دور ورأي معارض لما سيتم من محاولات توريث لولاية السلطة ورئاستها.

ويتابع: "هذا كله عمل ممنهج ومدروس ومتراكم للوصول إلى توريث ونقل سلطات الرئيس لأي شخص مقبول لدى العدو الإسرائيلي والأمريكان، والقراءات العامة تقول إننا ذاهبون إلى حضيض وقاع جديد لن يكون الانفكاك منه إلا بخلاص شعبي."

ويشير الدرعاوي إلى أن القضية الأخطر هي انعكاس هذه القرارات بقانون وحالة التغول على منظمة التحرير الفلسطينية ككيان معنوي جامع للشعب الفلسطيني على اعتبار أنه ممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، واختزال هذا الجسم المعنوي كسلطة إدارية ودائرة من دوائر الدولة.

ويشدد المحامي على أن محاولات تعديل النص وتصويبه كما صدر عن المستشار القانوني لا ينفي أن النائب العام سيكون ممثل عن المنظمة في القضايا أمام القضاء، والنتيجة واحدة، فمنظمة التحرير لا يجوز أن تمثلها السلطة، ولا النيابة العامة، بل محامي مستقل عن السلطة.

#السلطة #محمود عباس #منظمة التحرير