القدس المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: أسابيع فقط تفصلنا عن حلول شهر رمضان المبارك، كثفت فيها الأجهزة الأمنية والسياسية في دولة الاحتلال الإسرائيلي من مخططاتها لمنع موجة جديدة من المواجهات والعمليات الفدائية، كما حصل في العام الماضي، وهو ما قاد لاندلاع معركة شرسة أطلقت عليها المقاومة الفلسطينية اسم "سيف القدس"، تركت آثاراً سياسية وأمنية كبيرة على حاضر ومستقبل الصراع، كما يؤكد ضباط ومسؤولون إسرائيليون.
اليوم، كشف تقرير لصحيفة "هآرتس" عن مخطط لشرطة وبلدية الاحتلال في القدس بعدم نشر حواجز في منطقة باب العامود، ضمن مراجعة لأحداث شهر رمضان الماضي الذي شهد مواجهات عنيفة في المنطقة، وإقامة مهرجانات ثقافية وفعاليات فنية بدلاً من ذلك بهدف احتواء الفلسطينيين.
ما الذي يخطط له الاحتلال؟
وأكدت الصحفية المختصة في شؤون القدس، هنادي القواسمي، أن "قرار شرطة الاحتلال بعدم نصب سواتر حديدية على مدرج باب العامود رمضان هذا العام، يأتي في إطار تحضيرات مختلف المستويات الأمنية الإسرائيلية لاحتمالات التصعيد في القدس والضفة خلال الشهر المبارك"، وأشارت إلى تحليلات نشرها الإعلام الإسرائيلي تحذر من احتمالات التصعيد.
وأضافت في لقاء مع "شبكة قدس": من جهة، تعلن شرطة الاحتلال عن عدم نصب سواتر حديدية، ومن جهة تحاول تنفيذ تهجير عائلة سالم في موعد غير قريب من رمضان حتى لا يساهم ذلك في إشعال الأوضاع، ومن جهة ثالثة، يتقاطع عيد الفصح اليهودي الذي تتكثف فيه اقتحامات المستوطنين للأقصى مع الأسبوع الثالث من رمضان، وهو ما يُضيف ظرفاً جديداً يُهيئ للتصعيد.
"أدوات غير عنيفة"
وحذرت القواسمي من خطورة الفعاليات الثقافية التي كشفت "هآرتس" عنها، وقالت: يجب الانتباه إلى نشر وتحليل محتواه كاملا، فقد نشرت بعض وسائل الإعلام الخبر مقتصراً على القول بأن لا سواتر حديدية هذا العام، ولم تضمنه الجزء الثاني من الإعلان، وهو نية البلدية بالشراكة مع الشرطة تنظيم فعاليات ثقافية وبسطات للأكل على مدرج باب العامود.
وأوضحت: تندرج هذه الفعاليات ضمن الأدوات “غير العنيفة” التي تلجأ لها سلطات الاحتلال لفرض هيمنتها على المكان، وهي طريقة للسيطرة على شكل النشاط و الوجود الفلسطيني فيه، وقد سبق أن استخدم الاحتلال هذه الفعاليات كوسيلة لمنع المظاهرات الفلسطينية عند الباب.
وأشارت إلى أن الاحتلال "لجأ العام الماضي بعد تحقيق إنجاز ازالة السواتر منتصف رمضان، إلى تنظيم فعاليات شبيهة، لتستكمل سعيها للسيطرة، فما لا تستطيع فرضه بالقوة تحاول فرضه بهذه الفعاليات التي تتغطى ب “الثقافة”، لكنها بطبيعة الحال ذات منطلق أمني".
وشددت على أن "إقامة الفعاليات لا تعني فرض سيطرة الاحتلال نهائياً"، وقالت: كثير من هذه الفعاليات كانت تنتهي بمواجهات مع شرطة الاحتلال، ولم يمنع تنظيمها من رفع الشعارات الوطنية أو الأعلام.
وأكدت أن "الإشارة إلى هذه الفعاليات وهدف الاحتلال منها مهم، لتحذير بعض الفنانين والمشغلين الفلسطينيين من المشاركة فيها".
"الاحتلال يخشى عودة الهبة الشعبية"
من جانبه، يرى الباحث فخري أبو ذياب أن "الاحتلال يخشى من عودة الحراك خلال شهر رمضان المقبل"، وقال: الجماهير أجبرت الاحتلال على التراجع والانكفاء خلال العام الماضي بعد الهبة التي اندلعت من القدس إلى الضفة إلى الداخل إلى غزة.
وأشار إلى أن الاحتلال يخشى من اندلاع المواجهات في القدس "نتيجة التواجد الفلسطيني الكبير فيها خلال رمضان"، وقال: من باب تخفيف "التوتر" خوفاً من ردة الفعل لا يريد الاحتلال التصعيد، خاصة أنه ما زال يرمم الأضرار التي لحقت بالجبهة الداخلية خلال الحرب في الصيف الماضي.
وأضاف: الاحتلال لا يسلم لإنجازات الفلسطينيين وانتصاراتهم خاصة في القدس، لذلك يريد من جهة عدم التصعيد ومن جهة أخرى أراد التغطية على مخططاته بإدخال البلدية فيها من خلال مشاريع ثقافية.
وأوضح: يريد الاحتلال أن يفرض سيادته وسيطرته على منطقة باب العامود ويتغطى بالنشاطات الثقافية والفنية، وكأنه يستبدل التواجد العسكري بنشاطات ثقافية.
وأكد أن "الاحتلال انهزم أمام صمود وثبات الفلسطينيين في القدس خلال رمضان الماضي لذلك لا يريد فقدان السيطرة على منطقة باب العامود بشكل كامل".
وشدد على أن "الاحتلال يحاول الاختباء خلال النشاطات الثقافية من أجل التهويد وفرض التطبيع على الفلسطينيين في المدينة".
وأردف أبو ذياب في لقاء مع "شبكة قدس": اعتاد أهالي القدس والفلسطينيين على هذه الخدع، في السنوات السابقة أقام الاحتلال مهرجانات وفعاليات لإضاءة أسوار البلدة القديمة في القدس لكن لم يتعاون معه أحد من الأهالي.
"الجمعيات الاستيطانية تستعد"
وفي سياق متصل، أكد الباحث مازن الجعبري أن "الاحتلال مر العام الماضي بتجربة صعبة أمام صمود المقدسيين، خلال الهبة التي بدأت بعد إغلاق باب العامود الذي يعتبر بوابة رئيسية ومتنفساً للفلسطينيين في القدس، وبعدها انتقلت المواجهات إلى المسجد الأقصى ثم إلى حي الشيخ جراح وصولاً إلى المعركة مع القدس".
وأضاف: "إسرائيل" أصدرت عدة تصريحات حول شهر رمضان، تزامناً مع تحضيرات والجمعيات الاستيطانية لاقتحامات ضخمة خلال الشهر، إذ تتوافق الأعياد اليهودية مع رمضان.
وكشف أن الجمعيات الاستيطانية تحضر لإقامة ما يسمى ب"القربان" في المسجد الأقصى، وأشار إلى أن المسؤولين الأمنيين في دولة الاحتلال يعيشون خوفاً حقيقاً من انفجار الأوضاع في القدس خاصة أنهم لم يتمكنوا من السيطرة على المواجهات خاصة في حي الشيخ وجراح.
وقال إن "وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال عومير بارليف اقتحم قبل أيام منطقة باب العامود والبلدة القديمة وحي الشيخ جراح ضمن الاستعدادات للمرحلة المقبلة".
"المعركة في باب العامود"
واعتبر الجعبري في حديث مع "شبكة قدس"، أن "التصريحات حول عدم نشر الحواجز تأتي في محاولة امتصاص غضب الفلسطينيين خاصة في ظل استمرار سياسة هدم المنازل وتهجير الفلسطينيين".
وأكد أن "البلدية أداة رئيسية في تنفيذ مخططات الاحتلال"، وقال: السنة الماضية حاولت البلدية إقامة بعض الفعاليات والاحتفالات على أساس أن الأمور طبيعية، ولكن الناس قاطعت هذه النشاطات.
وأشار إلى أن مخابرات وبلدية الاحتلال تحاول منع الفلسطينيين من تزيين البلدة القديمة في القدس خلال شهر رمضان، لأنها تعتبر أن هذه النشاطات نوع من "ممارسة السيادة الفلسطينية في المنطقة".
وشدد على أن "الاحتلال يحاول تحويل باب العامود إلى بوابة إسرائيلية من خلال إطلاق تسميات عبرية عليها وزيادة أعداد المستوطنين فيها وطرد الفلسطينيين منها"، وأكد أن الفلسطينيين يرابطون في المنطقة ليل نهار لأنهم يعلمون أنها "المتنفس الوحيد لهم في البلدة القديمة".