شبكة قدس الإخبارية

عن المقاطعة والاقتصاد والسلوك اليومي

hEVxp
صبيح صبيح

 

بمبادرة شبابية عام 2015 وعلى رأسها الأسير طارق مطر فك الله أسره، قمنا مع عادل سمارة أطال الله عمره بالعمل سريعا على كتيب حول "التحول من الاستهلاك إلى مجتمع الاستهلاك" (دراسة لم أكملها) و"التنمية بالحماية الشعبية" (أطروحة عادل سمارة). كان اسم الكتيب الذي أنتجناه حينها "البسيط في المقاومة الشعبية" على ما أذكر.  مع باسل الأعرج رحمه الله كانت الفكرة تعميم التجربة وتحشيد أكبر عدد ممكن من شبكات "الشباب" حينها (مع تحفظي على مفهوم "الشباب") لتبني فكرة ثورية واعية في السلوك الاقتصادي اليومي مع أفق سياسي وزمني واضح. من نشر الكتيب حينها إما استشهد أو في الأسر، هل هنالك من يستطيع إيجاد هذه المادة ومتابعة ما تم التأسيس له؟ الكتيب ربما يساهم بالإجابة على الكثير من الأسئلة التي تطرح اليوم، وأعتقد أنه يجب تجاوز فكرة المقاطعة كرد فعل على بنية مهزومة ربطت مفهوم السلطة باحتكار المال عبر مأسسة الفساد والتبعية للمستعمر، إلى فكرة الفعل المبادر الذي يعمل على دك حصون هذه البنية الطفيلية الغارقة في التبعية والتي أضحت أساس استدامتها. 

ملاحظة: النظرة السائدة لدى الحكومة للاقتصاد هي نظرة مالية بحتة وليست نظرة اقتصادية شاملة بمفهوم الاقتصاد السياسي. التفكير هنا يقتصر على تقليل الفجوة أو عجز الميزانية دون التفكير بالسبب السياسي للعجز إن أردتم، فلا حديث هنا عن إنتاج أو صناعة بل حديثنا عن حكومة جباية. بالتالي هدفها هو رفع الإيرادات ومنها تكاليف الخدمات من إصدار جوازات وتصديق ومعادلة شهادات علمية ومدنية (وفاة، ولادة...)، رفع رسوم المحاكم، رفع الجمارك والضريبة (الدخان) الخ وتقليص المصروفات سيما ما يسمى مصاريف "التنمية"، الصحة (تأخير ممنهج للتحويلات)، التعليم. طبعا تحولنا من مجتمع قائم على المال السياسي الدولي (الدعم والتمويل) إلى مجتمع قائم على الدين وبالجملة. هذا لا يعني أن حكومة الجباية لا تفكر في تقليل العجز عبر علاقة زبائنية مع بعض الشركات التابعة لعظام الرقبة فيما يخص استيراد السيارات على سبيل المثال (كل ما كبر الموتور أجلكم يرتفع سعر الجمرك) ومنع شراء سيارات مستعملة من الكيان بحجة الوطن وسلامة المواطن.  من ضمن سياسات الحكومة فيما يسمى التهرب الضريبي وهي معالجة سطحية للموضوع وتستلهم السيطرة الأمنية للمستعمر، تكاثرت حواجز الجمارك من أجل محاربة ما يسمى التهرب الضريبي (حتى قام بعضهم بمصادرة كمامات بحجة إتلافها بداية الكورونا بحجة انتهاء تاريخها وتهديدها للأمن القومي قبل أن يرتدونها على الهواء مباشرة، اه والله) بينما التهرب الحقيقي وفق "اليونكتاد" والذي اسمته بفضل الله مؤخرا (وأخيرا) هذه المؤسسة بـ"تكاليف الاحتلال" في سياسة الكيان نفسه، أولا بخصم ما يرغب الكيان من أموال المقاصة وعلى كيفه لأسباب سياسية وبحجج "الإرهاب" الخ ومرة أخرى للسرقة بكل بساطة دون حتى أي مراعاة لبروتوكولات باريس السخيفة أصلا، وثانيا باستيراد بضائع من الخارج وبيعها للسلطة على أنها بضائع مصنعة في الكيان (مما يفقد السلطة الحق الجمركي وغيره). السلطة تبحث عن المفاتيح أينما وجدت الإنارة  حسب التعبير الفرنسي بينما المفاتيح في مكان لا إنارة فيه. المهم، الخلل البنيوي  الاستعماري والمشبع بفساد "البزنس من أجل السلام" يتم تحميله للمواطن وفق نظرة الجباية هذه. هي ملاحظة سريعا لفهم ما قصدته بالعحز البنيوي والمشكلة البنيوية. ربما سأكتب مطولا قريبا عن كل هذا وعن غيره.