الضفة المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: أعلنت لجنة الانتخابات المركزية، يوم الأحد 7 نوفمبر 2021، عن القوائم الانتخابية التي تم قبول ترشحها للمرحلة الأولى من الانتخابات المحلية، والتي شملت 376 هيئة محلية في مختلف الضفة الغربية، مع استبعاد المدن الرئيسة والهيئات المحلية الكبرى في هذه المرحلة، وبحسب بيان أصدرته اللجنة، توزعت القوائم الانتخابية في 329 هيئة انتخابية، 49% منها ترشحت بقائمة واحدة ما يعني فوزها بالتزكية.
وبحسب الأرقام التي أعلنتها اللجنة، فإن 56٪ من الهيئات المحلية المشمولة في هذه المرحلة، لن تحدث فيها أي مراسم انتخابية محلية، حيث غابت 47 هيئة عن الترشح بأي قائمة، فيما ترشحت 162 هيئة بقائمة واحدة، فضلًا عن هيئتين لم يستوفِ أعضاؤها عدد مقاعد المجلس.
في سياق هذه الأرقام، تابعت "شبكة قدس" القوائم الانتخابية المعلنة على موقع لجنة الانتخابات المركزية، وبحسب القوائم فإن محافظة سلفيت تشهد أعلى نسب تنافسية داخل الهيئات المحلية في 85 قائمة موزعة على 17 هيئة محلية، وترشحت هيئة واحدة فقط بقائمة واحدة.
في المقابل، تضعف الأجواء التنافسية بشكل كبير في الهيئات المحلية في كل من أريحا وطوباس، ففي طوباس ترشحت 6 هيئات محلية من أصل 8 هيئات بقائمة واحدة، بينما ترشحت 5 هيئات من أصل 7 بقائمة واحدة في أريحا.
مقاطعة الجهاد وحماس
مع الإعلان عن الشروع بإجراءات الانتخابات المحلية، أعلنت كل من حماس والجهاد الإسلامي مقاطعتها لهذه الانتخابات، فيما رفضت الفصائل في قطاع غزة تنظيمها داخل القطاع، وتأتي مقاطعة الحزبين بعد إلغاء الرئيس محمود عباس سابقًا إلغاء إجراء الانتخابات التشريعية، وبحسب حماس فإن قرار الحكومة بشأن الانتخابات المحلية "ملهاة واستخفاف بالشعب الفلسطيني وحقه الأصيل في الانتخاب"، أما الجهاد فقد أكدت رفضها إجراء أي انتخابات دون التوافق على برنامج سياسي واضح ومحدد يستند إلى مواجهة الاحتلال، داعية لأهمية تشكيل مرجعية وطنية لإدارة الشأن الداخلي.
ومع غياب حماس والجهاد بشكل رسمي عن المشهد الانتخابي، وإصرار الحكومة الفلسطينية على إجرائها، يرى مراقبون أن السلطة سعت في هذه المرحلة من الانتخابات المحلية المجزأة إلى اختيار الهيئات المحلية التي فيها تفوق شعبي لحركة فتح.
في سياق ذلك، يقول الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي إن حركيّ حماس والجهاد الإسلامي ترفضان من الناحية التنظيمية الرسمية المشاركة في هذه الانتخابات لأسباب سياسية، كون السلطة الفلسطينية تتفرد بالقرار السياسي وتدير الشأن الفلسطيني بشكل كامل بمعزل عن بقية القوى الوطنية الأساسية في الساحة الفلسطينية، لا سيما أن السلطة الفلسطينية قامت بإلغاء كل رزمة الانتخابات التي تم الاتفاق عليها سابقًا وهي الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني الفلسطيني.
ومع ذلك، يرى عرابي في حديثه لـ "شبكة قدس" أن حماس والجهاد لا تمانعان أعضاءهما من المشاركة بشكل غير سياسي أو رسمي، موضحًا، "بمعنى أن يشاركوا بشكل فردي أو قوائم مستقلين، أو قوائم تشاركية أو حتى عائلية بمعزل عن القرار السياسي، من أجل خدمة المجتمع وحضورهم فيه".
الشعبية.. مشاركة خجولة
في إطار متابعة "شبكة قدس" للقوائم الانتخابية المعلنة، لوحظ حضور ضعيف للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بواقع 5 قوائم انتخابية فقط، 4 منها في الهيئات المحلية بمحافظة نابلس (الباذان - سبسطية - عراق بورين - عصيرة القبلية)، وقائمة واحدة فقط في هيئة كفل حارس المحلية بمحافظة سلفيت.
في السياق، يشير عرابي إلى أن اليسار الفلسطيني في الحالة الفلسطينية ضعيف، ولا يزال يعاني من حالة ضعف منذ سنوات طويلة، بعد أن كانت ذروة قوته وتأثيره في ستينيات وسبعينات القرن الماضي، لكن اليسار ظل يتراجع بشكل كبير.
وحول أسباب ضعف حضور الجبهة الشعبية، يعزي عرابي ذلك إلى أسباب سياسية وأمنية وأسباب خاصة باليسار نفسه، ويوضح: "في حين أن حماس تعاظمت في الانتفاضة الأولى، ظل اليسار محتفظًا بالبرنامج الخاص به، وظل حضوره داخل منظمة التحرير مرهونا بالابتزاز المالي والسياسي والعجز عن إيجاد مسار مالي مستقل عن المنظمة التي يعارض سياستها".
وبشكل أعم يشدد عرابي على أن ضعف حضور الجميع ومشاركتهم؛ ناجم عن تجريف الحركة الوطنية وتفكيك قواها خلال الأعوام الماضية، سواء باستهداف الاحتلال المكثف والمركز للبنى التنظيمية للفصائل الوطنية باستثناء حركة فتح، وهذا الأمر سيضعفها ويستنزفها على مستوى الكادر التنظيمي، الأمر الذي سيحد من قدراتهم في أي نشاط.
ويضيف الكاتب والمحلل السياسي: الظروف التي أشيعت في الضفة الغربية خلال السنوات الـ 14 الماضية لا تشجع على العمل العام، حيث كان هناك احتكار للمجال العام من طرف السلطة الفلسطينية، وإنهاء فعلي للمشاركة السياسية التنافسية، وهو ما ينعكس بالسلب على الفلسطينيين، والاهتمام متركز على التكتل العشائري والحضور الفتحاوي، وبالتالي فإن خيار الناس سيكون متجهًا لترتيبات عشائرية وعائلية أو خيارات مستقلة غير مسيسة أو قوائم متعلقة بحركة فتح.
من جهة أخرى، وجدت "شبكة قدس" قائمة واحدة للمبادرة الوطنية الفلسطينية في هيئة قوصين المحلية بمحافظة نابلس، و3 قوائم انتخابية لحزب الشعب موزعة على هيئة قوصين المحلية بنابلس، وهيئتي دير استيا وسرطة المحليتين بمحافظة سلفيت.
في السياق، يقول عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني عصام بكر إنهم مع إجراء الانتخابات المحلية من أجل تجديد الدماء في المجالس البلدية والقروية، وضخ دماء جديدة قادرة على تقديم الخدمات المطلوبة بالنسبة للفلسطينيين.
ويضيف بكر لـ "شبكة قدس": "الانتخابات هي استحقاق وطني وقانوني، وعلينا التفريق بين العملية الانتخابية وتجديد المؤسسات بشكل عام وما بين الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني".
ويشير القيادي في حزب الشعب إلى أن الانتخابات المحلية تتسم بصفة الخدمات، وبالتالي فإن المطلوب إجراء الانتخابات باعتبارها يمكن أن تحرك المياه الراكدة، مبينًا أن هناك حاجة ماسة لتطوير الأداء المقدم للفلسطينيين.
ويستكمل قائلاً: "الانتخابات في مناطق ج تتسم بحالة سياسية خصوصاً في ظل الحاجة لتطوير الأداء في وجه الاحتلال الإسرائيلي وتعزيز الصمود الفلسطيني"، مبينًا أن الانتخابات في هذه المناطق لها علاقة بمواجهة الاستيطان والمستوطنين.
وعن غياب التوافق الفصائلي بشأن الانتخابات علق قائلاً: "كنا نتمنى أن تجري هذه الانتخابات بشكل توافقي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وأن تتم في كل المناطق في وقت واحد"، مستكملاً: "يجب ألا يشكل غياب التوافق الفصائلي عائقًا ويجب أن يلقي إجراء الانتخابات المحلية حراكًا من أجل إجراء الانتخابات بشكل كامل على صعيد الانتخابات العامة ككل".
لا قائمة لـ فتح في أريحا
وبينما حضرت حركة فتح الهيئات المحلية في المحافظات المختلفة، لم تجد "شبكة قدس" أي قائمة انتخابية تتبع بشكل مباشر للحركة في الهيئات المحلية التابعة لمحافظة أريحا، فمن بين 9 قوائم ترشحت عن 7 هيئات في المحافظة، كانت 8 قوائم مستقلة، وقائمة واحدة تتبع لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني في هيئة العوجا المحلية.
وتعقيبًا على عدم حضور فتح في قوائم أريحا، يقول أمين سر إقليم الحركة في أريحا والأغوار نائل أبو العسل "إن مشاركة حركة فتح في الانتخابات المحلية؛ خيار خاطئ".
ويضيف في تصريحاتٍ خاصة لـ "شبكة قدس": نحن حركة تحرر ومقاومة للاحتلال، ولسنا حركة خدمات للماء وحل مشكلة عامود كهرباء، ولذلك لن تترشح أي قائمة لفتح بأريحا، مؤكدًا: "إذا أخطأ أحد أفراد القوائم يكون الخطأ عليهم وليس على حركة فتح، ولا تتحمل الحركة بأن يتم شتمها أو التهجم عليها، وإذا شكلنا مجلسا ونجح يقولون نجح المجلس، وإذا فشل يقولون فشلت فتح، لماذا إذن أريد أن أسجل على نفسي نقطة فشل خاصة أننا في الفترات السابقة لم ننجح".
في الأثناء، وجدت "شبكة قدس" تكرار قوائم الحركة في 3 هيئات محلية، حيث ترشحت قائمتان لفتح في هيئة الزاوية المحلية بمحافظة سلفيت، وترشحت قائمتان للحركة في هيئة صُردا وأبو قش في محافظة رام الله والبيرة، وحضرت الحركة في 3 قوائم في هيئة قراوة بني زيد في ذات المحافظة.