فلسطين المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: "أحرار شعبنا وأمتنا، يسوؤنا أنا وإخواني المضربين شعورنا بانخفاض التضامن والضغط الشعبي والرسمي"، بهذه العبارات عاتب الأسير علاء الأعرج المضرب عن الطعام للشهر الثالث على التوالي الجماهير الفلسطينية، في ظل ضعف الفعاليات الشعبية والجماهيرية الخاصة بإسناد الأسرى المضربين عن الطعام.
شهدت الفترة الأخيرة تراجعاً ملحوظاً في معدل المشاركة الجماهيرية، في الفعاليات الإسنادية الخاصة بالأسرى المضربين، إذ لا تزيد أعداد المشاركين في الوقفات عن بضع عشرات اعتادوا على المشاركة، في الفعاليات الخاصة بالأسرى.
والأسرى المضربون بالإضافة إلى الأعرج، الأسير كايد الفسفوس المضرب منذ (108 أيام)، ومقداد القواسمة المضرب منذ (101 يوم)، وهشام أبو هواش منذ (74 يوما)، وشادي أبو عكر منذ (67 يوما)، وعياد الهريمي منذ (38 يوما)، ولؤي الأشقر المضرب منذ (20 يوما)، فيما يخوض الأسير راتب حريبات إضرابًا عن الطعام منذ (22 يوما)، تضامنا مع الأسرى الستة.
في السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي إن هناك تقصيرًا في كل الملفات الوطنية والقضايا المتعلقة بالأسرى وليس فقط الأسرى المضربين عن الطعام، مرجعًا ذلك إلى أسباب كثيرة منها تغير الظروف الاجتماعية للشعب الفلسطيني.
تعدد الهموم الفلسطينية
وبحسب عرابي الذي تحدث لـ "شبكة قدس"، فإنه وقبل تأسيس السلطة الفلسطينية كانت القضايا الوطنية ومنها قضية الأسرى تشعل الشارع الفلسطيني، لكن مع تأسيس السلطة كثرت القضايا الفردية التي تهم كل فلسطيني على حدا، منها المتعلق بالعمل والراتب ونمط الحياة، وهذا الأمر لا يقتصر على الضفة الغربية بل يمتد لقطاع غزة.
ووفق عرابي فإن الانقسام الفلسطيني لعب دوره، وبالتالي هناك أولويات مختلفة حتى على مستوى الفصائل المختلفة، وباتت هناك أولويات فلسطينية مختلفة فعلى سبيل المثال أولويات سكان القدس تختلف عن ساحة الضفة وعنها في ساحة فلسطينيي الـ 48.
ويشير إلى أن الظرف العام وحالة الركود في العمل الوطني منذ انتهاء انتفاضة الأقصى وبشكل أكبر منذ الانقسام الفلسطيني والتكلس وعدم المرونة في العمل الوطني؛ كلها أسباب الجوهرية تعيق التفاعل مع قضية الأسرى وتجعله تفاعلاً ضعيفًا، فضلاً عن حالة التشرذم الوطني.
ووفقاً لعرابي فإن كثرة تجارب الإضراب الفردي وطول الإضراب مقارنة مع السابق، جعلت التفاعل والتأثير يفقد الأهمية، وهي خطوة قد تدفع نحو إعادة النظر في قضية الإضراب الفردي عن الطعام مستقبلاً من النخب والأسرى ذاتهم.
في الأثناء، يؤكد رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، على وجود تقصير شعبي وجماهيري حقيقي في إسناد الأسرى المضربين عن الطعام، خلال الفترة الأخيرة، في ظل تجاوز معدلات إضراب الأسرى حاجز الـ 100 يوم دون حلول لقضيتهم.
ويقول فارس لـ "شبكة قدس"، إن الهموم اليومية للفلسطينيين وانشغالهم في قضاياهم بين العمل وتوفير مصادر الرزق وظروف الحياة اليومية والاقتصادية، إلى جانب نضالهم اليومي ضد الاحتلال الإسرائيلي بشكل منفرد على كل جبهة من العوامل المؤثرة.
ويضيف قائلاً: "هناك قضايا مقاومة متعددة، كمشاكل وأزمات يفتعلها الاحتلال في مناطق مختلفة في الوقت ذاته، مثل بيتا وغزة، وما يحدث في القدس والمقابر الإسلامية"، مشيراً إلى أن الاحتلال فكك المناطق عن بعضها، لافتًا إلى إلى أنه من الصعب أن يلزم نادي الأسير الجماهير الفلسطينية بحضور فعالياته شبه اليومية التي ينظمها من أجل الأسرى في سجون الاحتلال.
هبّة الجماهير: الضغط على الاحتلال
من جانبه، يؤكد الأسير المحرر والناشط في مجال الأسرى فؤاد الخفش، إن سبب ضعف المشاركة الجماهيرية يعود إلى قسمين، الأول يتمثل في الانقسام الفلسطيني عام 2007.
ويوضح الخفش في حديثه لـ "شبكة قدس": "قبل ذلك كانت الفصائل تتنافس فيما بينها فيما يخص القضايا الوطنية بما في ذلك قضية الأسرى فكنا نرى مسيرة لحماس تقابلها مسيرة لفتح أكبر وأخرى لليسار، وكان هناك منافسة طيبة، لكن بعد الانقسام ضعف التفاعل مع جميع القضايا الوطنية".
وبحسب رأي الخفش فإن تفرد السلطة بالمشهد داخل الضفة الغربية، أدى مع الوقت لضعف التفاعل مع جميع القضايا الوطنية، فاليوم أصبحت أي مسيرة لأي شهيد أو حدث وطني لا يوجد لها هذا الزخم من المشاركة.
وينتقد الناشط في قضايا الأسرى عدم وجود استراتيجية وآلية لدى السلطة الفلسطينية تجاه قضية الأسرى، خاصةً عدم التوجه للمحاكم الدولية لرفع قضايا ضد الاحتلال فيما يخص الاعتقال الإداري الذي سيكون ملف ناجح إذا ما توفرت الإرادة السياسية لدى السلطة.
ويعتقد الخفش أن استجابة الاحتلال لمطالب الأسرى المضربين تحتاج إلى أمرين، أولهما إصرار الأسرى والثاني إسناد من الشارع، والإسناد من الشارع لن يكون بالاعتصامات أو الوقفات، ففي الوقت الذي سيشعر فيه الاحتلال أن إضراب الأسير سيتحول إلى مواجهة ونقاط اشتباك سيستجيب مباشرة لمطالب الأسرى والمعتقلين.
ويستدل الناشط في قضايا الأسرى بتجربة إضراب الكرامة عام 2012 حينما نزل الفلسطينيين للشارع واشتبكوا مع الاحتلال، الذي استجاب فوراً لمطالب الأسرى، متابعاً: "يجب أن يشعر الاحتلال بوجود مواجهة حقيقة على الأرض وقتها سيتراجع ويستجيب للأسرى ومطالبهم."