فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية: في نيسان، تزدحم ذاكرة الفلسطينيين بقادة شهداء رحلوا بعد تاريخ من النضال والمقاومة، على طريق العودة والحرية.
في 16 نيسان، كانت فلسطين على موعد مع اغتيال خليل الوزير "أبو جهاد"، لتخسر أحد القادة الذين مارسوا العمل الميداني والعسكري والجماهيري، وتحولوا إلى أيقونة شعبية خالدة في ذاكرة الصراع.
اعتبر الاحتلال اغتيال الوزير إغلاقاً لحساب استمر سنوات من العمل العسكري، الذي أشرف عليه ودعمه، خلال توليه مسؤوليات مختلفة في حركة فتح، والقطاع الغربي فيها تحديداً، المسؤول عن الأرض المحتلة.
شارك في الاغتيال قوات خاصة وبحرية في عملية معقدة، كشف الاحتلال جزءاً من أسرارها قبل سنوات قليلة فقط.
منذ تهجير العصابات الصهيونية لعائلته من مدينة الرملة، آمن الوزير بطريق الكفاح المسلح طريقاً إلى فلسطين، ونظم مجموعات فدائية نفذت عمليات في المستوطنات المحيطة بقطاع غزة، مكان لجوء عائلته، قبل أن يشارك مع شخصيات أخرى في تأسيس حركة فتح.
عرف عن الشهيد اهتمامه بالعمل الميداني في فلسطين المحتلة، ودعمه للعمل العسكري بكل قوة، وعلاقاته الواسعة مع الحركات الوطنية والثورية في الوطن العربي والإسلامي والعالم.
ومع الأيام الأولى لاندلاع الانتفاضة الأولى، بادر الشهيد لرعايته ودعمها من خلال التواصل مع نشطاء الحركة في الأرض المحتلة، ورفع شعار "لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة".
قبل اغتياله، نفذت مجموعة من حركة فتح ضمت الشهداء محمد خليل الحنفي، ومحمد عبد القادر الحسيني، وعبد الله عبد المجيد كلاب، عملية قرب مفاعل "ديمونا" جنوب فلسطين المحتلة، في 7 آذار 1988، بتخطيط الشهيد خليل الوزير، وهو ما اعتبرها المحللون العملية التي عجلت بتنفيذ خطة الاغتيال.
وفي 10 نيسان 1973، اغتال الاحتلال القادة أبو يوسف النجار، وكمال عدوان، وكمال ناصر، في عملية عسكرية شاركت فيها قوات بحرية وخاصة.
شارك في عملية اغتيال القادة الثلاثة شخصيات تقلدت مناصب كبيرة في دولة الاحتلال، لاحقاً، مثل إيهود باراك الذي أصبح رئيس الأركان ثم رئيس الحكومة.
يعتبر القادة الثلاثة من مؤسسي العمل النضالي الفلسطيني المعاصر وحركة فتح، وتولى النجار وكمال عدوان مسؤولية عدة عمليات في الأرض المحتلة والخارج.
وفي 17 نيسان 2004 اغتال جيش الاحتلال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، بعد قصف المركبة التي كان يستقلها في شوارع غزة، بعدة صواريخ من طائرة "أباتشي".
شكل الدكتور عبد العزيز الرنتيسي رفقة عشرات القادة الفلسطينيين، الذين اغتالهم الاحتلال خلال الصراع الطويل منذ عقود، أيقونة مقاومة في تاريخ الشعب الفلسطيني، وما زالت مواقفه وسيرته النضالية تلهم أجيالاً لاحقة على استشهاده.
اغتيال الرنتيسي جاء بعد أقل من شهر من استشهاد رفيق دربه الشيخ أحمد ياسين، وتوليه زعامة حركة حماس في قطاع غزة.
يعتبر الرنتيسي من الجيل المؤسس في حركة حماس، وشارك في مختلف نشاطات جماعة الإخوان المسلمين في غزة، وقد عمل محاضراً في الجامعة الإسلامية منذ إقامتها.
وتعرض الدكتور للاعتقال عدة مرات في سجون الاحتلال، وأمضى أكثر من 7 سنوات فيها، وكان ضمن المجموعة من قيادات حركتي حماس والجهاد الإسلامي الذين أبعدهم الاحتلال إلى مرج الزهور في جنوب لبنان، بتاريخ 17 ديسمبر 1992.
جمع الدكتور في مواقفه بين الشخصية السياسية والعسكرية المشغولة بإبقاء جذوة المقاومة حاضرة، وبعد اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000، برز الرنتيسي خطيباً وسياسياً ومقاوماً بارزاً فيها.
وتعرض لمحاولات اغتيال خلال الانتفاضة، بينها قصف مركبته من طائرات الاحتلال في حزيران 2003، مما أدى لاستشهاد مرافقه وطفلة كانت تسير في الشارع، وإصابة نجله بجروح خطيرة.
كانت خطب الشهيد في الانتفاضة مصدراً لإشعال الجماهير الفلسطينية بالمقاومة التي كانت تضرب الاحتلال، في كل فلسطين، وأصبحت مقولاته مثل "سننتصر يا بوش سننتصر يا شارون"، و"إن عدونا لا يفهم إلا لغة واحدة، هي لغة الحراب"، "وإن ألفي قذيفة من كلام لا تساوي قذيفة من حديد"، "إن الطريق الوحيد الذي يفهمه العدو هو طريق الرشاش".
آمن الشهيد بالوحدة الوطنية على قاعدة عدم الاعتراف بدولة الاحتلال والمقاومة كاستراتيجية ثابتة في الصراع على طريق الحرية.
عاش الرنتيسي في طفولته فقراً شديداً كما يروي في فيلم وثائقي، بعد أن هجرت العصابات الصهيونية عائلته من قرية "يبنا"، كحال مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين، وبقي مؤمناً طوال حياته النضالية بأن العودة لا بد وأن تتحقق.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي، تفاعلاً واسعاً في ذكرى القائدين الرنتيسي والوزير، وتأكيداً على استمرار طريق المقاومة.