شبكة قدس الإخبارية

الانتخابات والضم

09158031880832573056267808778888
محمود مرداوي

نتنياهو يدرك أكثر من غيره أين تقع التحديات لهذا المشروع السرطاني في فلسطين، ولم يوظب الضم في قائمة الاهتمامات المتعلقة بمستقبل المشروع الصهيوني وأمن الكيان.

نتنياهو يرى ويعرف ويدرك أن المخاطر الحقيقية والتحديات المفصلية لهذا المشروع لا تتلخص في ضم أراضٍ هو يسيطر عليها، يقيم المستوطنات ويمنع الفلسطينيين من التصرف بها وعليها كما يشاؤون.

يشق الطرق ويجري المناورات ويبني المعسكرات، فلم يكن الضم يومًا هدفًا مُلحًّا للتنفيذ مع أنه يقع في قلب إجماع صهيوني سياسي وأمني يهدف للسيطرة والإحلال، لكن نتنياهو قبل عدة سنوات وهو لا يقع تحت ضغط لوائح الفساد المقدمة ضده لم يسارع إلى إجراء الانتخابات أو الاستعجال في حسم مصير الضفة، حيث أشرف على خطة التغيير الجيوسياسي في الضفة بهدوء لأنه كان يدرك أن العامل الدولي والقدرة على مخاطبته وتسكين تخوفاته من استشراء المشروع الاستيطاني والتهويدي بإعلان بار إيلان حينئذ الموافقة على حل الدولتين من خلال المفاوضات مع الفلسطينيين.

في حين أن شركات البناء ومليارات الدولارات تُضخ والاستيطان يتفشى، والتهويد والتشويه والتحريف في القدس، والحصار على غزة، وإنهاء دور وكالة الأونروا رمز العودة للقضاء على عودة اللاجئين يشكل رافعة لاستمرار حكمه وتنفيذ أيديولوجيته السياسية والدينية.

لكن بعد غزو القوميين المتدينين بقايا المافدال والبيت اليهودي ثم اليمين لاحقًا ومؤسسات الجيش والأمن وحزب الليكود في خطة مبرمجة للسيطرة على القرار اليميني أو التأثير جوهريًا عليه، لكن نتنياهو تنبه لهذا المخطط ولم يتصدَّ له في داخل الليكود والمؤسسات العسكرية والأمنية.

في حين دوّره وخفف من آثاره السلبية من خلال إعادة التموضع السياسي والأيديولوجي فتبنى خطاب القوميين المتدينين وأثر على مفصليين في هذا التيار مع تقاطع التغيير في المشهد الدولي بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض، فلم يعد نتنياهو بحاجة لاسترضاء الرأي العام بعدما تمكن من إقناع ترامب بوجهة نظره السياسية والأيديولوجية، بما يتقاطع مع مصالحه ومصالح ترامب الشخصية في السياسات والأيديولوجيا الدينية.

الأمر الذي جعل التوسع والاستعراض في تنفيذ السياسات واتخاذ القرارات أحد أهم مركبات فوز كليهما، لذلك يدخر نتنياهو موضوع الضم، إيذانا بإجراء انتخابات في توقيت مناسب يضمن النتائج من خلال الاستطلاعات كما هي الحال في الوقت الحاضر، حيث تمنح الاستطلاعات فوزا لليكود كحزب أول لا يليه ثانٍ لحجم الفرق الشاسع بينهما ومعسكر اليمين المتدينين بفارق يمكن نتنياهو من التشريع لحماية رأسه من السجن ومستقبله السياسي في الاستمرار في الحكم.

ما لم يكن نتنياهو موقنًا أن الظروف مناسبة لإجراء انتخابات مبكرة فلن يسارع لتنفيذ الضم ولن يُنحيه عن جدول الاهتمامات السياسية والإعلامية والبرلمانية من خلال التذكير ومعايرة الأحزاب في المركز واليسار.

لذلك لن يتوقف أعضاء من الليكود عن تحميل غانتس وحزبه مسؤولية تعطيل الضم من خلال تلكؤ الولايات المتحدة بإعطاء غطاء لبدء الضم بسبب التباين والخلاف الداخلي بين الأحزاب الصهيونية.