يشهد قطاع غزة في الأشهر الأخيرة تكثيفا في العمل الأمني الإسرائيلي للحصول على المزيد من المعلومات الاستخبارية الخاصة بقدرات المقاومة الفلسطينية، مما يشير لأهمية هذه المعلومات، وخطورتها على الأمن الإسرائيلي، وتستغل في ذلك مختلف الوسائل والأساليب، وصولا إلى ما يبذله "المنسق" عبر صفحاته على شبكات التواصل، وخدماته ذات الطابع الإنساني المضلل.
تسعى المخابرات الإسرائيلية عبر هذا المنسق للحصول على معلومات مختلفة، سواء أمنية أو عسكرية، خاصة التعرف على مقدرات المقاومة التسليحية، وأخرى لها علاقة بما يعانيه قطاع غزة من إشكاليات داخلية، ويستخدمها الاحتلال في بناء رؤيته للتعامل مع الوضع القائم هناك.
كما يجتهد هذا المنسق، ومن خلفه طواقم متخصصة متفرغة، للتواصل مع مختلف الشرائح الفلسطينية، عبر أسماء وهمية بغرض جمع معلومات مختلفة متنوعة، كل في مجاله، ويستهدف منها ضرب صمود الشعب الفلسطيني، مما يتطلب تطوير أساليب أجهزة أمن المقاومة للتصدي لمحاولات إسقاط المواطنين في وحل التخابر مع الاحتلال، بعد الكشف عن حالات تعرض ابتزاز من صحفيين ورجال أعمال ومرضى.
لا يتورع المنسق الإسرائيلي وهو يجمع المعلومات الاستخبارية الخطيرة من قطاع غزة عن تجنيد عملاء له، وإنشاء شبكات للتجسس، لتكون عينه وأذنه على المقاومة الفلسطينية، التي انطلقت بتجنيد الأفراد والتسليح والتدريب والعمل الفدائي.
يشير العمل المكثف الذي يقوم به المنسق عبر بواباته الخدماتية إلى ما تسجله الأجهزة الأمنية الفلسطينية في غزة من شل قدرة عملاء الاحتلال، وإضعافهم بشكل غير مسبوق، مما جعل أجهزة المخابرات الإسرائيلية تعيش حالة من العجز، ومحدودية القدرة على التحرك داخل القطاع، أو جمع المعلومات الاستخبارية.
لم يعد سرا أن زيادة مستوى وحجم عمل المنسق الإسرائيلي في الآونة الأخيرة يتزامن مع ما تعانيه المخابرات الإسرائيلية من فقر في المعلومات الأمنية، وتراجع في بنك الأهداف داخل غزة، واتضح ذلك من خلال العدوان الإسرائيلي المتكرر على القطاع، بفعل فقدان المنظومة الأمنية الإسرائيلية للكثير من مواردها البشرية وعملائها، وجعلها تلجأ لطرق غير تقليدية في تجنيد العملاء، والحصول على المعلومات الأمنية.
لم يعد خافيا على الفلسطينيين الدور الخطير الذي يقوم به "مكتب المُنسق" عبر استغلاله كغطاء للحصول على المعلومات، عبر ابتزاز أصحاب الحاجات المُلحة، ومقايضتهم بالحصول على المعلومات، مقابل منحهم تصاريح السفر والعمل والدراسة والعلاج، كمُقدمة لاستدراجهم نحو مستنقع العمالة.
إن الواقع الأمني المعقد في غزة يجعل المخابرات الإسرائيلية وأمن المقاومة يخوضان حرب استنزاف عقول وصراع أدمغة، لاسيما عبر التكنولوجيا الحديثة وشبكات التواصل، التي تفيدها في تحديد توجهات الرأي العام الفلسطيني، ويتطلب من الفلسطينيين عدم التعاطي مع هذه الصفحات، لاسيما صفحة المنسق الرسمية، على مختلف منصاتها: الفيسبوك، تويتر، أنستغرام، يوتيوب، فالحرب الاستخبارية بين الجانبين على أشدها