القدس المحتلة - خاص بقدس الإخبارية: يعرفون أن الشوق إليه كبير، وأن البُعد عنه موجع، خاصة لمن كانوا يتردّدون إليه كل “حيّ على الصلاة”، لذلك يُرسلون كل صباح ومساء بعض الصور ومقاطع الفيديو لكل ما يدور حول المسجد الأقصى المبارك المُغلق في وجه أحبابه وقائيًا.
سدنة وحراس المسجد الأقصى وموظفو دائرة الأوقاف الإسلامية، وحدهم من كان لهم شرف البقاء وخدمة المسجد الأقصى، يؤدون جميع الصلوات فيه ويعمرونه ما استطاعوا، حتى صلوات الجمعة أُقيمت ولم تنقطع أبدًا، رغم أن الأبواب أُغلقت أمام المصلين حرصًا على سلامتهم.
بعد 16 يومًا على إغلاقه ضمن إجراءات الوقاية من فيروس كورونا الذي انتشر في البلاد، ما زال أحبابه في انتظار فتح أبوابه مجّددًا كي يؤدوا الصلوات في مصلياته، يقرأون القرآن في كل زواياه، ينتشرون في صفوف العلم داخل مرافقه، ويتساءلون “هل يأتي رمضان وأبواب المسجد مُغلقة؟”، ثم يدعون بأن يُزيل الله الغمّة عن الأمّة.
يقول حارس المسجد الأقصى، خليل الترهوني الذي يعمل فيه منذ ست سنوات، إنه من المتوقع أن يستمر إغلاق المسجد حتى في شهر رمضان مع الأسف الشديد، طالما ازدادت أعداد المصابين بفيروس كورونا، وذلك حرصًا على سلامتهم.
“لكن لا يخفى عليكم أن حكومة الاحتلال تحاول استغلال الأوضاع الحالية وإفراغ المسجد الأقصى تحت ذريعة “الحفاظ على سلامة المواطنين”، لكنها تواصل عملية التدخل في شؤون موظفي دائرة الأوقاف وتهميش دورهم وعملهم، وتقليل أعدادهم داخل المسجد الأقصى، حيث لا تسمح لأي حارس بدخوله إلّا في ساعات عمله فقط”، بحسب الترهوني.
ويشير لـ”قدس الإخبارية” إلى أنه في الوقت الذي يتم التهديد بعد التجمع خلال الصلاة أو غيرها داخل المسجد الأقصى، تقوم عناصر الشرطة بالتجمهر بدون حسيب أو رقيب.
في الصباح الباكر تطلّ علينا عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لحمام وقطط الأقصى من حرّاسه، يعتنون بها، يطعمونها، ويطمئنون كل من كان يتولّى رعايتها قبل إغلاق المسجد ويقولون لهم: “ما زالت في انتظاركم، وقريبًا ستعودون إليها وستعمرون المسجد”.
عبر بث مباشر على مواقع التواصل الاجتماعي يؤنِسون النفس المشتاقة للعودة لمكان محدّد كانت تقضي أوقاتها فيه، يُطلعونها على الأحداث بأول بأول، وعلى كل ما يدور في المصليات والباحات والمرافق حتى ما يقوم به الموظفون من عمليات تنظيف للباحات وتقليم للأشجار.
يقول الترهوني الذي يسكن البلدة القديمة وكبر وترعرع في المسجد الأقصى وباحاته منذ الصغر، إن هناك عشاق ينامون ويحلمون بعودتهم للمسجد وتقبيل ترابه، لذلك نوثّق لهم يوميات الأقصى، لنسرّي عنهم ونطمئن قلوبهم على المكان وندعوهم للصبر على هذه الغمّة والدعوات بعودة قريبة.
على الرغم من الفراغ الذي يعم المسجد الأقصى مع عدم تواجد المصلين والمرابطين وأحبابه ورواده إلّا أن حراسه سعداء لسبب بسيط، يعود إلى عدم اقتحام المستوطنين للمسجد.
يبين الترهوني أن "الفترة الصباحية في المسجد الأقصى كانت الفترة الأصعب على الحراس الذين كانوا يُشاهدون اقتحامات المستوطنين بالتزامن مع قلّة الوافدين إليه بسبب تواجدهم في أعمالهم والطلاب في جامعاتهم ومدارسهم، وأن عدم فتح “باب المغاربة” للسياح والمستوطنين يجعلنا نرتاح نفسيًّا".
ويقول “الحمد لله الذي اصطفانا وجعلنا من بين ثلّة من أهل بيت المقدس الذين يقومون على خدمة المسجد الأقصى، وهي نعمة من الله”.