تقارير وملفات خاصة – قدس الإخبارية: يعاني الطفل أيهم سليمان من مرض تأخر النمو منذ ولادته ويحتاج لعلاج دائم بممارسة تمارين أسبوعية في مستشقى رام الله الحكومي ولا يمكنه التخلف عنها، وأي تأخر قد يخسر أيهم جلسته العلاجية التي تدفع جدته ثمنها شهريًا وهو بأمس الحاجة لها، ورغم أن جدته أنعام سليمان تسعى لعدم التخلف عن أي موعد محدد لجلسته إلا أن الظروف لا تحالفها دومًا، فللوصول الى الموعد يجب التنسيق مع شرطة الإحتلال لفتح بوابة اسمنتية هي جزء من جدار الفصل العنصري تفصل مكان سكنهم في بيت حنينا بالقدس المحتلة عن الضفة الغربية المحتلة.
تعيش عائلة أيهم والمكونة من 16 فردًا، وضعًا صعبًا، فرغم عيشهم في مدينة القدس، إلا أنهم ليسوا من حملة الهوية الزرقاء التي يحملها المقدسيون كمقيمين دائمين منذ احتلال القدس عام 1967م، بل يحملون الهوية الخضراء التي يحملها أهالي الضفة الغربية ولا يستطيعون دخول الضفة إلا بتنسيق مع شرطة الاحتلال وذلك بالإتصال عليهم وطلب فتح البوابة الإسمنتية وفي حال تم قبول الطلب عليهم الإنتظار بحسب تفرغ الشرطة، تقول الحاجة انعام سليمان لـ قدس الإخبارية "احنا وحظنا يا بتكون مارقة دورية شرطة قريبة تفتحلنا البوابة أو منستنى ساعات وممكن يرفضوا الطلب بحجج مختلفة ".
بداية معاناتهم
بدأت معاناة عائلة سليمان التي تقطن منذ عام 1959م في بيت حنينا القديمة او كما يسميها أهلها "بيت حنينا التحتا" عندما فصلها الاحتلال وقطع أوصالها ببناء جدار الفصل عام 2000 ليكون نصيب منزلهم بموقع لا يبعد عن الجدار سوى بضعة أمتار داخل حدود مدينة القدس المحتلة صنف تحت أراضي "ج" بينما صنفوا جيرانهم وأقاربهم ضمن أراضي الضفة الغربية في الجهة الاخرى من الجدار.
تقول الحاجة إنعام "منذ بدأ الحفريات ووضع السواتر الترابية استعدادًا لبناء الجدار ونحن نعاني من الوصول لأراضينا وأقاربنا اللذين يجاورونا، في بداية الأمر كنا نستطيع الذهاب اليهم مشيًا على الأقدام لكنهم يُمنعون من الوصول إلينا وأحيانا يحجزون على بطاقاتنا الشخصية وبطاقات زوارنا، ومن ثم أغلقت قوات الاحتلال الطرق بسواتر اسمنتية وفتحت بوابة صغيرة لا يمر منها أكثر من شخص واحد وتم نصب كاميرات مراقبه عليها، لكن تم اغلاقها بعد ذلك عام 2006 وسحبت منا تصاريح الاقامة بالقدس ونحن نعيش فيها".
عاشت عائلة سليمان في منزلها كسجن صغير يعانون فيه من صعوبة الحركة والتنقل ما جعلهم يعتصمون ويتظاهرون متوجهين إلى محاكم الاحتلال لينتهي بهم الأمر بإعتبار مكان سكنهم منطفة عسكرية في القدس يمنحون تصاريح دخول منطقة "خط تماس" كانت تجدد كل 3 شهور -واليوم تجدد كل عامين- وتفتح لهم البوابة الاسمنتية في حالات طارئة وبالأفراح وفي حالات الوفاة، ولا يمكنهم المرور من القدس إلى الضفة الغربية عبر حواجز الاحتلال باستثناء حاجز قلنديا.
معاناة تضاعفت مع قدوم أيهم
تضاعفت معاناة عائلة سليمان عندما رزقوا بالطفل أيهم فوضعه الصحي لا يحتمل التأخر عن العلاج وقد يحتاج للتوجه إلى المستشفى في حالات طارئة في حال أي إنعكاس على وضعه الصحي، يقول جده جمال سليمان وهو مسؤول على حضانة حفيده لـ قدس الإخبارية "أيهم لا يستطيع المشي لوحده وغير قادر على الكلام، وان تصريح الاقامة لا يمنحه ابسط حقوقه الإنسانية فهو لا يحمل الهوية الزرقاء ليمنح حقوق سكان القدس من تأمين علاجه الصحي فلا علاج له في القدس، وعندما يحتاج لحالات علاج طارئة لا حل أمامنا سوى مستشفيات الضفة وهنا تبدأ عملية القلق والخوف من التأخر في فتح البوابة".
وتقول جدته أنعام "الاسبوع الماضي كان في موعد للطفل في مستشفى رام الله إلا أن قوات الاحتلال لم تفتح البوابة بسبب عدم وجود دورية تفتحها فأجابونا: دبروا حالكم ما منقدر نيجي"، وأضافت أن البديل لديهم كان المرور من حاجز قلنديا والذي يعاني بشكل يومي من أزمات مرورية خانقة ما أدى لعدم وصولهم في الموعد المحدد.
ومن الجدير ذكره ان تصريح الإقامة الذي تحمله عائلة سليمان لا يمنحهم حق العمل في القدس المحتلة أو توفير الخدمات لهم ما جعلهم يعانون من عائق مادي اخر بسبب غلاء المستوى المعيشي في المدينة بالمقارنة مع رواتبهم حيث أن متوسط الدخل أهالي الضفة أقل من متوسط الدخل لأهالي القدس. وتوضح الحاجة أنعام بقولها "نحن لا نستطبع تحمل تكالف الحياة هنا فعلى سبيل المثال أنبوبة الغاز في القدس 120 شيكل بينما بالضفة 60 شيكل ولكي نجلب احتياجاتنا من الضفة يجب علينا طلب فتح البوابة في كل مرة وهذا أمر يضيق على راحتنا وحرية تنقلنا وبالأوقات التي تناسبنا".
ويضيف جمال "أحيانا نبقى من يومين إلى ثلاثة لا نستطيع الخروج بسبب تأخر الاحتلال علينا لفتح البوابة فأصبحنا نتجنب الخروج كما أن هذه المنطقة تعتبر منطقة خالية لا تتوفر فيها الخدمات، ولا يوجد إنارة للشواع وتنتشر الخنازير في الطرقات وخاصة في الليل ما يجعلنا نعيش في خوف ورعب على ابناءنا واطفالنا ".
وتختم الحاجة انعام حديثها "احنا ضايعيين لا مع القدس ولا مع الضفة نحن نعيش هنا في هذا المنزل قبل الجدار وقبل الاحتلال ولن نتخلى عن اراضينا ومنزلنا رغم كل هذه التضييقات".
ومن الجدير بالذكر أن، ما يقارب العشرة الاف دونم قلصت من أراضي بيت حنينا لصالح مخططات إستيطانية، في وقت تتشتت فيه العائلات الفلسطينية عن أقاربهم وأراضيهم رافضين الوصول إليها بطرق التفافية مطابين إزالة الجدار والبوابة كمطلب انساني وحقوق.
ويقول خالد عودة الله الباحث في الشؤون الاجتماعية وهو من سكان بيت حنينا لـ قدس الإخبارية عن تأثير الجدار على اراضي بيت حنينا وسكانها "إن جدار الفصل قطع بيت حنينا جذر البلد القديمة عن توسعها من الجهة الشرقة وهذا ما أثر على عدد سكانها فمند علم 2000 والاحتلال يقوم بعملية تهجير لسكانها الذين فصلوا عن مدينة القدس ما أدى الى انخفاض عددهم بنسبة 70% حيث لا يتجاوز عدد سكان بيت حنينا القديمة اليوم 2000 نسمة".
ويؤكد عودة الله أن بيت حنينا كانت منتعشة بالسكان حيث يتوافد اليها العديد من طلاب المدارس والجامعات من المناطق المحيطة بها كبيرنبالا، بيت اكسا ، منطقة النبي صموئيل وغيرها من المناطق المحيطة، الا ان الجدار شل هذه الحركة ووعزل بيوت الطلبة عن مدارسهم.