القاهرة - قدس الإخبارية: تحل الذكرى الـ 52 لنكسة العرب، التي سماها العرب بهذا الاسم تخفيفًا رغم الهزيمة الكبيرة التي تعرضوا لها وأدت لاحتلال ما لم يتم احتلاله من فلسطين عام 1948.
فخلال ستة أيام فقط؛ بين الخامس والعاشر من شهر حزيران، وقعت أحداث الحرب الأيام المعروفة بحرب الأيام الست، عندما هاجم الجيش الإسرائيلي جيوش مصر والأردن وسوريا، وكبدها خسائر فادحة يقول مؤرخون إنها بلغت 70 - 80% من عتادها الحربي، بالإضافة لمقتل أكثر من 15 ألف عربي.
وحدثت الهزيمة على وقع أخبار كاذبة عن انتصارات وهمية وبلاغات الجيوش العربية وخطابات الرئيس المصري جمال عبدالناصر، التي روج لها الإعلام العربي وعلى رأسه إذاعة صوت العرب، حتى ظن الفلسطينيون أن تحرير فلسطين واقع لا محالة، بل إن بعض من عاصروا تلك الفترة أكدوا أنهم خرجوا يستقبلون الجيش الإسرائيلي بالزغاريد ظنًا منهم أنها الجيوش العربية.
وسبق الحرب بأقل من عام عدة اشتباكات بين جيش الاحتلال في الجولان والأردن، وعرض عسكري لجيش الاحتلال في القدس، خالف به القوانين الدولية التي تعتبر القدس منطقة منزوعة السلاح، بالإضافة لتهديدات متكررة من رئيس الوزراء الإسرائيلي ليفي أشكول بالزحف نحو دمشق واستهداف الدول التي تتواجد فيها المقاومة الفلسطينية، في حال استمرار العمليات الفدائية ضد الاحتلال.
وأعلنت "إسرائيل" هجومها على المطارات المصرية عند الساعة 7:45 من يوم 5/حزيران، واستهدفت مهابط طائرات ومطارات في مصر، ما أدى لتعطيل قدرة 420 مقاتلة مصرية يتكون منها الأسطول الجوي المصري، وقد استخدم جيش الاحتلال في ضرباته لمصر قنابل جديدة تم إنتاجها بالتعاون مع فرنسا، وعرفت باسم القنبلة الخارقة للاسمنت، بحيث تنتزع بنية مدرجات الإقلاع وتمنع الطائرات في الملاجئ من القدرة على الإقلاع.
بعد ظهر اليوم نفسه هاجم الطيران السوري والأردني والعراقي مواقع لجيش الاحتلال، ورد الأخير على هذه الغارات بالمثل، فدمر ست طائرات أردنية و32 مقاتلة سورية و10 طائرات عراقية، وقد بالغ الإعلام الغربي في الحديث عن الخسائر العربية، فيما نشر الإعلام المصري خبرًا كاذبًا عن تدمير 70 مقاتلة إسرائيلية، رغم أن المؤرخين أكدوا أن الجيوش العربية لم تنفذ أي غارة على مواقع إسرائيلية بعد اليوم الأول.
وأتبع جيش الاحتلال غاراته باجتياح سيناء وغزة مستخدمًا ست ألوية تضم 10 ألف جنديًا و700 دبابة، فدخل القطاع ثم توجه إلى العريش واحتلها في اليوم ذاته، ثم نجح بأسر عدد كبير من الجنود المصريين خلال انسحابهم من سيناء.
من جانبه، اتفق الأردن مع مصر على دخول الحرب لتخفيف الضغط عن الجبهة المصرية، وقد أدت الغارات الجوية الأردنية لاتخاذ "إسرائيل" قرارًا بمهاجمة الأردن برًا أيضًا، والسعي لاحتلال الضفة والقسم الشرقي من القدس، وقد اتخذ هذا القرار بناء على اقتراح مناحيم بيغين وايغال ألون وبعد موافقة اسحق رابين وموشيه ديان ورئيس الوزراء ليفي أشكول على ذلك.
دخل الجيش الأردني القدس وقصف أطراف "تل أبيب"، كما دخل ثلاثة من جنوده مبنى هيئة الأمم المتحدة وقدموا احتجاجًا على الحشود العسكرية الإسرائيلية قرب القدس باعتبارها خرقًا للقرار الدولي وغادروه بعد 10 دقائق، فيما زعم الأمين العام للأمم المتحدة يوثانت أن الأردن قصفت مبنى الهيئة واحتلته.
في المقابل اجتاحت وحدات إسرائيلية الضفة بتاريخ 6/حزيران، وسارت باتجاه القدس وطوقتها، كما حاصرت رام الله في اليوم التالي.
بعد ذلك علم موشيه دايان بنية مجلس الأمن الدولي فرض وقف لإطلاق النار، فأصدر أوامره بدخول جيش الاحتلال إلى شرقي القدس، فاقتحمت القوات البلدة القديمة عبر بوابة الأسد واستولت على جبل الزيتون والمسجد الأقصى وحائط البراق.
كما سيطر جيش الاحتلال في الوقت ذاته على الخليل وبيت لحم وتوجه نحو نهر الأردن وأغلق الجسور التي تربط بين الأردن والضفة، فيما دارت على أطراف نابلس معركة شرسة حسمها سلاح الجو الإسرائيلي، وسقطت أريحا بعد انسحاب الجيش العراقي منها.
الجيش السوري من جانبه، تعامل بحذر مع الحرب منذ أول يوم، وحاول الاكتفاء بتنفيذ غارات جوية متقطعة على شمال "إسرائيل"، لكن ذلك لم يمنع تعرضه لغارات جوية أدت لتدمير ثلثي سلاحه الجوي، فيما انسحب الثلث الأخير نحو قواعد بعيدة عن ساحة المعارك، وحاول الجيش السوري حشد قواته في الجولان بالقرب من تل دان، إلا أن هذه المحاولة فشلت فأعطبت ضربات الاحتلال دبابات سورية وأغرقت بعضها في البحر.
فجر 9/حزيران هاجم جيش الاحتلال الجولان، وقد استفاد حينها كثيرًا من المعلومات التي قدمها الجاسوس إيلي كوهين الذي وصل مراتب عالية في سوريا، وبعد يوم واحد فقط أحكم جيش الاحتلال سيطرته بشكل كامل على الجولان، فيما انسحب الجيش السوري قبل انتشاره هناك.
سادت حالة من الإحباط واليأس الشارع العربي بعد الهزيمة النكراء، فيما صرح وزير خارجية الاحتلال بتاريخ 14/حزيران آبا إيبان بأنه لا يمكن لأحد أن يتصور بأن "توحيد القدس" الذي تحقق مؤخرًا يمكن أن يلغى، وقد بدأت "إسرائيل" منذ ذلك الحين نشاطاتها الاستيطانية في القدس والضفة وغزة.
تجدر الإشارة إلى أن منظمات إسرائيلية ومصرية أكدت بأن جيش الاحتلال أعدم أسرى مصريين خلال الحرب، كما تضاربت الأنباء حول الدور الأمريكي الداعم لـ "إسرائيل" في هذه المعركة، بتزويدها بالسلاح والعتاد أو دعمها بشكل مباشر، إلا أن أطراف مختلفة اتهموا الجيش العربية بمحاولة تبرير هزيمتهم من خلال تقديم هذا العذر.