شبكة قدس الإخبارية

انتخابات جامعة بيرزيت

20170410163026
محمد العزيز عاطف

تعد جامعة بيرزيت الجامعة الأكثر شعبية بين جامعات الوطن، وهي محط أنظار العامة والنخبة الفلسطينية؛ ذلك لما تحتله من مكانة آكاديمية، سياسية، اجتماعية، وأخرى دولية بالنسبة للجامعات الفلسطينية، أما من الناحية السياسية، فإن جامعة بيرزيت تحاول دائما وتحافظ على أن تكون منفردة بقراراتها، أي أنها لا تسمح بالتدخل الخارجي في أمور الجامعة، وهي بهذا تحافظ على ديمقراطيتها، وخصوصيتها، في الوقت الذي تعاني منه الجامعات الفلسطينية في الضفة والقطاع من تدخل حكومي/ سلطوي في سياساتها. بالتالي فإن ما ينتج من فكر أو سياسة أو إحصاء ما لشيء ما في الجامعة؛ له تأثير حقيقي على ما هو خارج الجامعة، وخاصة في البعد السياسي.

انتخابات الجامعة بوصفها معركة وجود حمساوي في الضفة التي طوّبت لفتح. ومقاومة فتح لذلك.

ترى حماس أن فوزها في مجلس إتحاد الطلبة في جامعة بيرزيت هو بمثابة قبول شعبي ومناصرة لمشروعها في الضفة التي تحكمها فتح، وتتمثل حماس في الجامعة بإطار طلابي يحمل اسم "كتلة الوفاء الإسلامية" والتي فازت في الإنتخابات لأربع سنوات متتالية و"تتأمل" أن تفوز هذه السنة أيضا.

وكما ترى فتح التي يمثلها إطار طلابي يحمل اسم (كتلة الشهيد ياسر عرفات/ الشبيبة) أن فوز الكتلة في جامعة بيرزيت هو احراج سياسي يجبرهها على إنهائه، فلا يمكن أن تغفل فتح نقطة: أن الجامعة والمقاطعة في نفس المحافظة.

فتح وحماس تضخان القوى البشرية، والمادية، والدعائية، والتنظيمية، والتعبوية اللازمة لفوز كل منهما، ولكنها في النهاية لعبة صفرية. هناك واحد فقط سيرفع بيرقه أخيرًا، عندما تفرز الأصوات.

استقراءات:

الواقع في هذا العام "الدراسي" الشائك، الذي قمعت فيه حماس حراك "بدنا نعيش" وقمعت فيه فتح حراك "ارفعوا العقوبات" والعام الذي فازت فيه الشبيبة في جامعة الخليل، والعام الذي حارت فيه وجهات النظر حول موضوعة: "لمن الفوز في بيرزيت؟"

* بداية لنؤكّد على التالي، أي على ما هو متفق عليه: "جل" من هو شبيبة؛ سينتخب الشبيبة، و"كل" من هو كتلة إسلامية؛ سينتخب الكتلة الإسلامية، و"بعض" من هم يسار سينتخبون الكتلة الإسلامية. بعدها، المعركة تصبح معركة يتنافس فيها الأطراف على من هم "غير مؤطّرين" أو متزعزعين في أطرهم.

قد انتبه الكل الفلسطيني إلى أن قمع حراك "بدنا نعيش" في غزة؛ أضعف من أسهم حماس جماهيريا، مثلًا: لو أجريت الإنتخابات تزامنًا مع القمع لكانت أسهم الكتلة في انحدار ملحوظ، لكن ما يجري اليوم في ظل هدوء الشارع في الضفة والقطاع، هذه السكينة النسبية صنعت نوع من المقارنة بين القمعين (الحمساوي_ الفتحاوي)، ففي الحين الذي يتشابه -نسبيًا- فيه النظامان قمعيًا، أصبحت المقارنة بين ابنية وهدف كل من النظامين. ومما هو معلوم أن الشباب بوصفه مندفعًا يؤيّد المقاومة غالبًا، هذا تقريبًا أضعف من ورقة القمع كورقة "كانت" رابحة في يد الشبيبة. وقلل من تأثير ما جرى في غزة على الإنتخابات عبر مقارنته بما جرى/ يجري من قمع في الضفة.

إن فوز الشبيبة في جامعة الخليل لم يكن إيجابيا أبدا في وقعه على العقل البيرزيتي المُورّث من فوج إلى آخر، والموصوف بالعقل المختلف والمتميّز، ففي محاولة تدارسية للعقلية الجمعية سايكيولوجيًّا في بيرزيت، ترى أن هذه العقلية تحب قلب الطاولات، تحب الخروج من السرب ثم تفكر: إن كانت تريد أن تغرد أم لا، تحب صناعة الإختلافات، والفروق النوعية. وخاصة أنها عقلية لمست قوتها وعلو صوتها في الواقع الفلسطيني، العقلية البيرزيتية تحمل -بلا قصد منها وبدون براءة- عقلية نخبوية ويمكن وصفها بالاستعلائية أيضًا. وتأبى الرضوخ للمزاج الذي يصنع في الأماكن الأخرى. لذلك ستحاول أن لا تكون سوى مختلفة.

بلا أدنى شك: هناك فضول لرؤية المجلس برئاسة الشبيبة في جامعة بيرزيت، لكن الأجيال التي تخضرمت في رؤية المجلس برئاسة الشبيبة من ثم برئاسة الكتلة الإسلامية؛ ثم لمست فرق "يخصها" وتدعي أنه إيجابي لصالح الكتلة، تمارس تأثيرها البروبوغاندي، واصفة مجلس الشبيبة بأنه "شوربة" ولا تحسن الشبيبة رئاسته. وهذا يضعف بالضرورة من نسبة فوز الشبيبة، كما أن هناك مجموعة من موظفي الجامعة والطلاب القدماء يمارسون الشيء ذاته: بوصف الشبيبة بالهمجية والشباب الفج، والكتلة بالمتزنة والشباب المؤدب الذي يحسن التعامل -من وجهة نظرهم- وهذه الفكرة التي يحملونها تزيد من شعبية الكتلة أي من نسبة فوزها.

سلوك التعبير عن الفرح بالفوز، وتبريره "الموصوف بالأكثر إنحدارًا" من السلوك ذاته عند الشبيبة، يُستخدم ضدها، عبر تلك الصفحات الفيسبوكية التهكمية مثل صفحة "مش هيك"، وخوف الطلبة من المشكلات الداخلية في الشبيبة في حال فوزها، كالتعارك المتوقع بخصوص الأحقية المناطقية في موضوع رئيس المجلس الفتحاوي، من؟ ولماذا؟

"استنفار" الكتلة الإسلامية الذي يأتي كرد فعل طبيعي على ما تناقله البعض في الأسابيع السابقة عن فكرة فوز الشبيبة، عمل على شحذ الهمم، وجاء كدافع للكتلة للعمل/ نية العمل بشكل مضاعف ومستوى أعلى.

من الجدير ذكره أن الشبيبة الطلابية: هي الأقدر على الغوص في الجمهور بشكل عام. هذه ميزة عظيمة تتمتع بها الشبيبة، الكتلة الإسلامية: تتفوق بماكينة إعلامية شرسة، قلّ نظيرها. ولا شك أن هناك وعي دفين من كلا الطرفين الأقوى في الجامعة بعقليات المنتخبين، وعليه يتحرك كل طرف في مساره الاستقطابي.

الكتلة في هذا الوقت من كل عام يُعتقلون شبابها، وهذا يساعدها في رسم صورة على هذا النحو: "الكتلة الوطنية الإسلامية المضحية" ويستخدم هذا بطريقة أو بأخرى في عملية الاستقطاب والإعلام والدعاية، هذا وبالإضافة إلى أن للكتلة "حرائر" يعملن بشكل يدعو للإندهاش، وخاصة على الصعيد الفني الدعائي، أما "الماجدات" في الشبيبة لهن دور أقل، وهذا يعود للبنية التنظيمية لكل حزب. ولكن دورهن في هذه السنة كان أبرز من السنوات الماضية.

في استقراء العام الماضي كتبت هذا: "تفوق الشبيبة هذه المرة سيكون عبر استحداث طريقة جديدة في التناظر، واختيار المناظر الأجدر، دون المنازعات الجغرافية/ المناطقية" حصل هذا، وكان له فرقًا قويًّا، حينما طلّ علينا "تحرير" بصوت وشخصية تستحق مكانها، وفي هذا العام أيضًا قد تكون هذه نقطة قوة للشبيبة.