فلسطين المحتلة – خاص قدس الإخبارية: بدأ الأسرى يفقدون تردادات القنوات الإذاعية والتلفزيونية القليلة التي يُسمح لهم متابعتها، وذلك بعد بدء تركيب إدارة سجون الاحتلال أجهزة التشويش في منتصف شهر شباط، في معظم السجون الإسرائيلية والتي يبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين فيها نحو 5500 أسير.
وكانت الحركة الأسيرة خاضت الإضراب المفتوح عن الطعام في شهر سبتمبر عام 1984 بدأ في سجن الجنيد وامتد إلى باقي السجون طالبوا فيها ولأول مرة بحقهم بامتلاك تلفاز وراديو، إضافة لحقهم بارتداء ملابس مدنية ومطالبتهم بتحسين أنواع الطعام والعلاج.
مدة (13) يوماً خاضت الحركة الأسيرة هذا الإضراب الذي انتهى باستجابة إدارة سجون الاحتلال لهذه المطالب، وأُعلن انتصار الحركة الأسيرة بانتزاعها هذه الحقوق، واعتبر هذا الاضراب نقطة تحول إستراتيجية في تاريخ الحركة الفلسطينية الأسيرة.
اليوم تحاول إدارة سجون الاحتلال سحب معظم الحقوق التي انتزعها الحركة الأسيرة على مدار السنوات الماضية، ويعتبر تركيب أجهزة التشويش إحدى هذه الأدوات التي يحاول الاحتلال من خلالها فرض عزل واسع على الأسرى، سيمنعهم من إجراء الاتصالات المحدودة التي يقومون بها مع عائلاتهم عبر الهواتف المهربة، كما سيحرمم من متابعة التلفاز والراديو.
ويأتي تركيب أجهزة التشويش ضمن رزمة عقوبات أقرها وزير الأمن العام الداخلي في حكومة الاحتلال جلعاد أردان في شهر كانون أول 2019، والتي تضمنت إلغاء فصل أسرى فتح وحماس وتفكيك الأقسام، وإلغاء الاستقلالية الممنوحة لهم، وإعادة وضعهم في أقسام موحدة.
كما تضمنت العقوبات إلغاء مهمة المتحدث باسم الأقسام، وإلغاء الطهي، وتخفيض مبلغ الكنتينة للأسرى، وإلغاء جميع ودائع أموال السلطة الفلسطينية للأسرى بشكل نهائي، إضافة لتقليل كمية المياه الساخنة التي يستخدمها الأسرى بالاستحمام.
ويعتبر تركيب إدارة سجون الاحتلال أجهزة التشويش إجراء ليس بجديد، ولكنه يتجدد بين الفترة والأخرى بدءاً من عام 2000، إلا أن المختلف هذه المرة في أماكن نصبها، إذ جرى العادة أن ينصبها الاحتلال على جدران السجن وليس داخل الأقسام.
وقد نصبت إدارة سجون الاحتلال أجهزة التشويش داخل أقسام السجن وفوق غرف الأسرى مباشرة، وقد رُكبت في حز جغرافي ضيق جداً وهو ما أثر بشكل سريع ومباشر على البث الإذاعي والتلفزيوني، فيما أصبح بعض الأسرى يعانون من صداع مستمر وغثيان ودوران نتيجة هذه الأجهزة، وهو ما اعتبره الأسرى قتل بطيء لهم وحرق لخلاياهم، فيما حذرت جهات متخصصة من خطورة هذه الأجهزة وتسببها بالأمراض السرطانية.
ويتحضر الأسرى في سجون الاحتلال اليوم لخوض معركة جديدة سيكون سلاحهم فيها الوحيد أمعائهم الخاوية رداً على التصعيد الذي يمارسه الاحتلال بحقهم، بعد أن أعلنوا عن نيتهم الخوض في إضراب مفتوح عن الطعام.
ونقل المونيتور عن مدير نادي الأسير قوله، إن "الوضع في السجون متوتر، ولا تلوح في الأفق أي حلول، خصوصاً أن مصلحة السجون تتخذ إجراءاتها بتعليمات من وزارة الأمن الداخلي ومن جهات سياسية، ومصلحة السجون ليست لديها قدرة على رفضها".
ولفت فارس إلى أنه خلال الأسبوع الجاري ستشهد السجون "تحولات كبيرة في حال عدم تراجع مصلحة السجون عن إجراءاتها في عزل الأسرى ونقلهم وتركيب أجهزة التشويش المسرطنة، إذ سيتخذ الأسرى جملة قرارات لها علاقة بالعصيات الأمني وعدم الانضباط، وإن لم يحدث تراجع من قبل مصلحة السجون الإسرائيلية سيضطر الأسرى من مختلف الفصائل إلى اللجوء إلى الإضراب".
وبلغت ذورة التوتر في سجون الاحتلال، يوم 24 آذار، وذلك بعد اقتحام ثلاث وحدات عسكرية تابعة لجيش الاحتلال وإدارة سجون الاحتلال قسم (4) في سجن النقب واندلاع مواجهات عنيفة أُطلق خلالها الرصاص الحي والمعدني والقنابل الصوتية والغازية اتجاه الأسرى، وقد أصيب العشرات نقل بعضهم إلى المشافي الإسرائيلية، وقد وصفت جراح ثلاثة أسرى بالخطيرة.
وتمكن أسيران من طعن اثنين من السجانين وإصابة أحدهم بجروح خطيرة خلال المواجهات التي شهدها النقب، ما أُعتبر تصعيد في صد الأسرى الهجمة القمعية التي يتعرضون لها من قبل إدارة سجون الاحتلال التي ادعت في وقت لاحق أن أسير ثالث حاول طعن أحد السجانين في عملية ثالثة في اليوم التالي.
العضو في مكتب إعلام الأسرى، علي المغربي بين لـ قدس الإخبارية، أن الأوضاع في سجون الاحتلال ما زالت متأزمة ومأساوية وفتيل، والتصعيد سيد الموقف، في ظل مواصلة إدارة سجون الاحتلال تركيب أجهزة التشويش في كافة السجون، مؤكداً على أن أجهزة التشويش تأتي ضمن رزمة من العقوبات التي يفرضها الاحتلال على الأسرى بقرارات سياسية إسرائيلية.
وأوضح أن كافة الإجراءات التي اتخذت بحق الأسرى، لم يكن لها أي سبب، إذا كانت السجون تشهد أوضاعا اعتيادية وروتينية ولم يطرأ أي تغيير، ولم يكن هناك أي خرق أو تغير دراماتيكي تستدعي جملة الإجراءات التي اتخذتها إدارة السجون، "الأسرى لم يحفروا نفقاً، ولم يطلبوا سيارة، ولم يطلبوا ترويحة للأهل، ولم يرتكبوا أي خرق أمني".
ويرى المغربي أن الأوضاع في سجون الاحتلال متجهة نحو التصعيد وهو ما اتضح منذ أجرى وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي مؤتمر صحفي معلناً فيها رزمة العقوبات التي اتخذها بحق الأسرى الذين لم يقفوا مكتوفي الأيدي وسيقومون بخطوات دفاعية.
وأعلن الأسرى عن حل كافة الهيئات التنظيمية في سجن النقب ونفحة وريمون وايشيل، كخطوة تصعيدية أمام إدارة السجون، وتعتبر هذه الخطوة إعلان الأسرى الاستنفار العام وتحميل الاحتلال المسؤولية الكاملة في التعامل مع كل أسير.
ويبين المغربي أن الأسرى امتنعوا عن الخروج في الفورات، وأرسلوا رسائل احتجاج إلى إدارة السجون وعمموا البيانات الداخلية، إلا أن هذه الخطوات ستتكلل بالتصعيد الأكبر مع إعلان الإضراب المفتوح عن الطعام في السابع من نيسان، والذي سيبدأ بخضوع أربعة من قيادات الحركة الأسيرة وهم: الأسير محمد عرمان، والأسير محمد ملح، والأسير وائل الجاغوب، والأسير زيد بسيسو.
وقال، "الإضراب هدفه إيصال الأسرى رسالة لإدارة سجون الاحتلال، بسعيهم لنزع فتيل الأزمة وإيجاد حل.. ولكن إن لم يقدم حل يقدم على مبدأ الحياة الكريمة للأسرى، سيتصاعد الإضراب في العاشر من نيسان وسيدخل الأسرى الإضراب عن الماء، وفي 11 نيسان يتوقع أن تدخل الهيئات التنظيمية كاملة"، مشيراً إلى أنه في 17 نيسان متوقع أن يبدأ الأسرى إضراب نخبوي بمعنى دخول الأسرى أفواج أفواج من كل سجن إلى الإضراب حتى الوصول إلى حالة الذروة.
وأكد على أن الحركة الأسيرة لن تتراجع عن خطواتها الدفاعية أمام الهجمة التي تشنها إدارة سجون الاحتلال، "هناك مجموعة تسمى المجموعة الفدائية تعاهدوا أنهم ماضون في الخطوات الاحتجاجية لنيل النصر أو الشهادة".