مزاعم صهيونية، ادعاءات عديدة، ومحاولات لطمس هوية المكان، صراع على الوجود، مشاكل يومية جعلت من سلوان أرض ألغام متفجرة. ففي كل يوم يستيقظ المقدسي على خبر جديد، ومن الأصح القول على قضية جديدة ومخطط مدروس بدقة وعناية، تكاد لا تجد فيه أي ثغرة، سوى إحساسك الداخلي بانتمائك للمكان وبحبك للأرض، فكما قال لنا صلاح مراغة (56 عامًا) "أنا ولدت ووجدت نفسي هنا لا أنتمي لأي مكان قبله ولا أعرف أي مكان بعده".
صلاح وعائلته المكونة من 6 أشخاص، وأخيه وعائلته المكونة من 7 أشخاص، وأخواته الاثنتين، يعانون اليوم من خطر الطرد من بيوتهم، بحسب ادعاء الاحتلال الصهيوني أن هذه الأرض هي ملك (لليهود)، وأن هذه العائلات قد قامت بالتطفل على هذه الأرض والسيطرة والاستيلاء عليها، وبجانب ذلك موقف يتبع لأحد أفراد عائلة مراغة، وهو ملاصق لهذه البناية (المكونة من 3 شقق سكنية)، فقد تسلمت العائلات بلاغات قضائية من قبل جمعية "عطيرت كوهنيم الاستيطانية" ليقوموا بإخلاء العائلات من شققهم وبنايتهم.
قلب الحقائق
"قلب الحقائق" هكذا وصفت السيدة ربيعة مراغة (64 عامًا) ما يقوم به الاحتلال ببلدة سلوان-جنوبي المسجد الأقصى، كما وأكدت على أن هذه الأرض لهم، وهي ملك خاص لهذه العائلة( عائلة أحمد داوود مراغة) وهم ورثته بالأساس، فأختها الكبيرة (أم جمال) بلغت الثمانين عامًا مع العلم أنها ولدت بهذا المنزل، ووضحت بأنهم أصحاب الحق، والسكان الأصليين، وأن هذه المحاولات ما هي إلا إكمالًا للمشروع الاستيطاني الذي يخطط له الاحتلال بمنطقة سلوان، والذي يدعمه بقوانين عدة أحدها (قانون حارس أملاك الغائبين) والذي أقرته الكنيست عام 1950. وبموجب هذا القانون وغيره تم الاستيلاء على الأراضي والممتلكات التي تعود للفلسطينيين، وهذه أحد الأساليب المتبعة في السيطرة على المباني والأراضي بسلوان وخاصة بمنطقة الحارة الوسطى.
حياة كاملة
على هذه الأرض يقطن 15 فردًا من مختلف الأعمار، ولدوا عليها، وعاشوا حياتهم في ربوعها، علمتهم حب الوطن، والتمسك فيه، أعطتهم الكثير، فتقول شروق مراغة(19 عامًا) وطالبة الطب في جامعة القدس، أنها لا تتخيل حياتها خارج أسوار هذه البناية وخارج هذه المنطقة، فنحن لا نعرف حياة سواها، والذي يذوق حلاوة العيش بسلوان، ومقدار الفخر الذي تزودنا به لا يستطيع مغادرتها، فنحن نتعلم من أجلها، ومن أجل أن ننهض بهذا المجتمع، فكيف لنا أن نرضخ لهذه الإدعاءات؟ وكيف لنا ان نقبل بالأمر الواقع، ونحن كل ما نفعله من أجلها، وكل ما نطمح إليه أن نرد لها القليل من الجميل.
ليست شروق فقط الوحيدة، فبهذه البناية العديد مثلها، مِن مَن رضعوا حب الأرض، وذاقوا مرها وحلوها، فعلى نفس المستوى نجد عمارة مقابلة محتلة يقطنها "مستوطنون"، فهم طيلة حياتهم يشاهدون هذا المستعمر بنقطة قريبة منهم، فكيف لهم التخيل بأن بنايتهم ستكون التالية... فمنطقة الحارة الوسطى مليئة بالبؤر الاستيطانية التي تم السيطرة عليها بطرق التفافية.
صراع على الوجود
أكد مراغة على أن الصراع الأساسي هو صراع على الوجود، وأن رباطهم الحقيقي هو البقاء بهذه الأرض، رغم المضايقات التي يتعرضون لها والتي ستقابلهم من الآن فصاعدًا، إلا أن رأيهم واضح، ورؤيتهم مبينة، فهم سيبدأون من اليوم بالتصعيد واللجوء لمحاميين مختصين بهذا الشأن، للدفاع عن أرضهم، والحفاظ عليها لتتورث لأحفادهم، فكما سكنها الأجداد سيسكنها الأحفاد.
مازال الاحتلال يحاول جاهدًا الاستيلاء على كل جزء بمنطقة سلوان، وما زال أهل سلوان يأكدون أنهم باقون وأنهم هم الأصليون.